تميزت فترة الاستعباد في أوروبا بخواص ارتبطت بالمرأة جعلت منها كائناً لا بشري وُجِدَ للخدمة. عبر العصور اختفت تلك المظاهر وأرتفع قدرُ المرأة خصيصاً في عهد الإسلام فعلى ذلك الخط من الزمان في ظِل حُكم الإسلام تمتعت المرأة بالأمن والحقوق والاستقلال. حظيت المرأة لأكثر من ألفِ عام في ظِل الإسلام بأدوار قيادية، تربوية وتنموية علمية أثرت بها الحضارة وأعزت بعفافها الأمة.
  

تميزت المرأة بحماية خاصة في عهد الإسلام، استمر تفردها لثلاثة عشر قرن حتى حانت الحرب، تصارعت الأمم سطوتها فكانت حرب الأمم العالمية الأولى. خلفت الحرب العالمية الأولى آثار مدمرة على الأمم عقب انتهائها زهاء سنة 1918 ران ضحيتها ملاين الرجال. بدأت المشكلة بحرب عالمية بين الرجال وانتهت بحركات نسوية متطرفة تشنُ حربها عليهم بلا استثناء. دأبت النساء بعد الحرب الضروس على العمل مع الرجال بل واستبدلتهم بمواضع كثيرة، أدى ذلك لتطور العديد من الحركات النسوية المطالبة بالمساواة بين الرجال والنساء بل وظهور تطرف نتج وبشكل طبيعي عن تدخل المرأة بشؤون الرجل ومنافسته تحديدا فيما يتقن لتبدأ الحركات من كلا الجنسين ببث دعاياتها ونشأ بذلك صدع اجتماعي وظيفي لم يردم بينهما حتى الآن.
            
ارتبط لباس المرأة الكاشف الفاضح قديماً مع الجواري والخدم. أما عن الأميرات وزوجات الملوك وعِلية القوم فالستر علامة تميزت بها سيدة ذلك الزمان. كانت نساء الملوك والسلاطين وحتى نبلاء أوروبا يختبئن خلف ثيابهن الفضفاضة فلا يُرى حتى وجهها تمجيداً لهن وتميّزاً منهم عن الجواري في القصور. من المفارقات المضحكة المبكية أن ما دأبت الحضارات السالفة والإسلامية خاصة على إنجازه عبر القرون البائدة لحماية المرأة وتحريرها من العبودية والسادية بل وتحويلها من سلعة تباع للزينة أو الفرجة والمتعة إلى سيدة، إنسانة لها روح وكيان، عفيفية تأنف أن تباع وتشترى، حطمته سيدات القرن الحادي والعشرين ببجاحة فاضحة.

            
بدايةً تجارة المرأة، المرأة الآن أرخص موجود، تراها مكفهرة فاضحة على التلفاز والصحف والمجلات، تتلوى صورها على علب منتجات التنظيف والتطهير وحتى لُعب الأطفال. ثانياً، تم تحميل المرأة أعمالاً فوق طاقتها حرمتها بذلك عفتها، أمومتها ونسويتها. إن ما يحدث الآن من مساواة غير عادلة بين الرجال والنساء ليكاد يكون إجراماً في حق المرأة وإستخفافاً بعقلها ولعله يكون مؤامرة حاكها تجار بخلاء وخادمات رخيصات. لا يختلف أحد أن للمرأة خواص فكرية ونفسية وحتى فسيولوجية عن الرجل فكيف بالله عليكم تدعون لتحميلها عبئ الرجال بل وتحرمونها أنوثتها بأعمال خشنة وتأخذون وقتها الثمين في تربية أبنائها تلبية لرغباتكم الدنيئة.
        

تتبين دناءة اللُعبة جلية بالنظر لشعاراتهم، فهم من حيثية مناداتهم بالمساواة بين الطرفين بذات الحقوق والواجبات بلا رحمة وانزوائهم الصريح عند ذكر العدل بإعطاء كل ذي حق حقه بقدر دون زيادة أو نقصان يجهضون العدل صراحة. العدل لا يعني المساواة، فهل نساوي بين السمكة والعصفور بوضع العصفور بالماء. إنهم نهايةً وبلا شك لا يدعون لحرية المرأة بل لحرية الوصول لها ولا يدعون لإعطائها حقوقها دليلاً على ذلك دعوتهم لها لترك بيتها وأبنائها والعمل نداً بند مع الرجل عوضاً عن ذاك. هل هو العدل باستخدمها سلعة أم هل هي المساواة بقتالها للرجال بل هو واللهِ ظلمٌ لها وإذلال.
        
إن ما يفعله منتسبي تلك الأحزاب النسوية من دعوى جريئة لتحرير المرأة زعماً منهم فهو بهتان صريح لحقوقها بل وهو ظلم عقيم لها فهم يهمون بتشكيل فكر نسوي يدعو المرأة للتطرف عن كونها سيدة أنثى لها كينونتها الخاصة لتكون في القرن الحادي والعشرين إمّعة إما سلعة في الأفلام والمجلات أو أخطر من ذلك ما يُدعى بالسيدة الرجل. ودعوتهم أيضاً لتسيّر منهج يدعو للتخلي كلياً عن دور الرجال في المجتمع لهو وبكل جدية تطرف غبي يدمر كل ما بقي من نسوية وأثنوية للمرأة على الإطلاق.

لقد كرم الله المرأة وصان حقها ووصى الرجال بها، ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(استوصوا بالنساء فإن المرأة خُلقت من ضِلَع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذَهبتَ تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء). جاء الإسلام ونشر العدل والسلام وصان للمرأة حقوقها وعفتها بل واعتبر جميع النساء أميرات، جواهر لابد من حفظهن لا تركهن للفرجة بيعاً وشراء.

ولا يسعني الآن إلا أن أدعوكن لتقتدنَّ بأطهر نساء الأرض وتتبعنَّ ما وصى الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز من سورة الأحزاب:"وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) ". نهايةً، إن كنت تهتمُ لأمرها، أعطها حقها، عاملها بإحسان، لا ترهقها بواجبتك أيها الرجل الكريم وأنتِ أيتها السيدة الطيبة إن أردتي حماية بنات جنسك فعليك أولاً وبدايةً أن تبقي أنثى، سيدة مصونة تهتم بزوجها، أهلها وأبنائها قبل أن تكون مصارعة في ساحات الرجال.