شعار قسم مدونات

"صالونات بس بشياكة".. طريقك لزواج سليم

blogs زواج

الميل بين الجنسين جزءٌ من تكوينهما الطبيعي، ومن ثمَّ فهو حالة طبيعية جدًا، لا يستطيع أحد استئصاله، كما أننا لسنا مكلفين شرعًا فكما أن الرجل لا يمكن أن يكتمل وجوده إلا بامرأة، فكذلك هي. صحيح أنهما قد يمكنهما العيش كمنفردين، لكن بلا وجودٍ مكتمل، فثمَّة شيء فيهما لا يتنفس إلا برئة الآخر، وإلا سيظلُّ مختنقًا وإنْ بِصمت!

 

"يتخذ مركب النقص لدى المرأة شكل الرفض المخجل لأنوثتها: قد تكون المرأة عاجزة عن تحريك أداة ثقيلة فيبدو عجزها واضحا بالنسبة إلى الرجل إلا أن التطور الفني لديها قد يلغى الفارق العضلي الذي يميز الرجل عن المرأة وتصبح معادلة له في العمل".

حتى الحركات النسوية التي ظهرت عند الغربيين، وحاولت المرأة فيها أن تستغني عن الرجل جملةً وتفصيلًا، حتى جسديًا عبر تسويغ السحاق والتحريض عليه، وكانت سيمون دي بوفار -مثلًا- من المنظّرات لهذا الاتجاه في العموم، إلا أنها -وفي نفس الوقت- كانت عشيقةً لسارتر، وهذا مما يحملُ دلالةً على أن الثورة كانت على الأسرة لا الرجل، أي على استحقاقات الارتباط الزوجي، الذي قد يبدو في بعض الثقافات والتقاليد هاضمًا لحق المرأة ومحابيًا للرجل.

 

المرأة التي لا تميل إلى الرجل ليست أقل شذوذًا من الرجل الذي لا يميل إلى المرأة، لكن أتت الشريعة بتقنين هذا التواصل بحيث لا يؤدي إلى الوقوع فيما لا ينبغي
المرأة التي لا تميل إلى الرجل ليست أقل شذوذًا من الرجل الذي لا يميل إلى المرأة، لكن أتت الشريعة بتقنين هذا التواصل بحيث لا يؤدي إلى الوقوع فيما لا ينبغي
 

وإلا ففي أصل تكوينهما هما مفتقران لبعضهما، ولابدَّ من امتزاجهما جسدًا وروحًا تحت أي إطار أو صيغة، شرعية أو غير شرعية، لا بدَّ للرجل من امرأة، ومن المرأة لرجل، ولهذا لا غناء لأحدهما عن الآخر!

 

وجب التنبيه هنا أن المرأة التي لا تميل إلى الرجل ليست أقل شذوذًا من الرجل الذي لا يميل إلى المرأة، لكن أتت الشريعة بتقنين هذا التواصل بحيث لا يؤدي إلى الوقوع فيما لا ينبغي، كما أن الحذر والاحتياط مطلوب، وأكثر ما يخشاه المرء هو الاستغلال والتلاعب، أو التعلّق فيما لا مطمع فيه، فهو إما عذاب مقيم أو فضيحة مجلجلة، وإلا فإن للغوايات زمنًا يقتصُّ من عمرنا ما شاء، وربك غفّار للتائبين رحيم!

 

ولهذا فوجب في مرحلة التعارف بين الجنسين أو ما يسمى في العرف بالخطبة؛ من الذكاء أن تتظاهر الفتاة بالرزانة والهدوء، حتى وإن لم تكن عادتها، ولا تبالغ في غض البصر عن الرجل المتقدم، بل عليها أن تظهر أنها -هي أيضا- تريد أن تتفحّصه، ففي هذا ما سيُشعره بذاتيتها وشخصيتها المستقلة وأن لها قرارا هي من ستتخذه، وهذ الانطباع له ما بعده، وأظنها ستجد أن ثمّة وسطا خيّرا بين تطرّفين: المبالغة في الخجل وكأنها أمامَه دابة ترتعد تكاد روحها، من فرط الخوف، أن تزهق وبين أن تبدي جراءةً لا يحبذها الرجال في الفتاة عادةً، فتسقط التكلف وكأنها تجالسه للمرة الألف!

من الأشياء الضرورية والتي يجب أن تأخد بها المرأة أو الرجل هو التواصل المباشر قبل الإقدام علي الزواج، فهو مما سيساعدهما على تكوين تصور قريب من الواقع
من الأشياء الضرورية والتي يجب أن تأخد بها المرأة أو الرجل هو التواصل المباشر قبل الإقدام علي الزواج، فهو مما سيساعدهما على تكوين تصور قريب من الواقع
 

فمهما كانت المرأة معجبة بالخاطب، فعليها ألا تظن أن إعجابها هذا كافٍ، بحد ذاته، لزرع المودة والحب في قلبه هو، أو على الأقل ليحمله حتى يبادلها نفس الشعور. وبهذا يتضح أن تعمّد إظهار الإعجاب ليس من الحكمة في شيء، وأعني هنا المبالغة في ذلك، فقد يفسرها الخاطب تفسيرا سلبيا، فمن الرجال من يظن أن إفصاحها، قولا أو فعلا، أو حتى تلميحها بمشاعر كهذه قادح في أخلاقها، خصوصا في مرحلة الخطبة، أعني البدايات، فمن الحكمة إذن الاحتراز والتحفّظ في تلك المرحلة الحساسة، سيما وأن عقول الناس وتقييماتهم تختلف، فكم من أشياء نراها سائغة أو حتى واجبة ويراها غيرنا من قبيل قلة الأدب أو الفجاجة، وربما حمّلوها من التفسيرات ما لا تحتمل، فعليها أن لا تظن أن تصرفاتها وردود أفعالها دائما ستُفهم بالطريقة التي ترغبها وتريدها هي، ومراعاة هذه الاعتبارات من العقل!

وللتذكير، فإنني حينما أستخدم جملة "لا تبالغ"؛ فهذا يعني الإقرار بأصل الفعل، إنما المرفوض هي المبالغة، عليه فعليك أن تفكر في الحد الفاصل بين المبالغة من الاعتدال، وأظنك ستعثر عليه في العرف، أعني أعرافنا المشتركة، والتي لا أستبعد أنها تختلف في شيءٍ تفصيلاتها.

ملاحظة: من الأشياء الضرورية والتي يجب أن تأخد بها المرأة أو الرجل هو التواصل المباشر قبل الإقدام، فهو مما سيساعدهما على تكوين تصور قريب من الواقع، وأظنهما بذكائهما يستطيعان أن يستجليا حقيقة شخصيتهما بحوارهما مع بعضهما البعض، وأيضا الإسراف في الأشياء ﻻ يجدي نفعا، وكم من حماقة أو سخافة ﻻ ُتكتشف إلا بمثل هذا التواصل، فكان الفصل أجدر قبل أن يقع الفأس بالرأس ويُبتلوا بالذرية!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.