شعار قسم مدونات

حقيقة الرواية المصرية عن أشرف مروان!

blogs - أشرف مروان

منذ سنوات وتحديدًا يوم حفل زواج جمال مبارك النجل الأكبر للرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، استقبل الرئيس المصري حسني مبارك أشرف مروان المتهم بتهمة مشينة يندى لها الجبين وهي التجسس على وطنه الأم لصالح أعدى أعدائها وأعداء أمتها العربية والمحتلة لأراضي أبناء عمومته والمغتصبة حقوقهم (إسرائيل) كأحد ضيوف حفل الزواج الذي لم يدع إليه إلا كبار رجال دولة مبارك.

 

أستقبل مروان بحفاوة بالغة، أثارت تلك الحفاوة الصحافة الإسرائيلية، وثار سؤال حول احتمالية أن يكون أشرف مروان عميلًا مزدوجًا وليس جاسوسًا مخلصًا لوطنه، وكان مصدر التساؤل تلك الحفاوة التي استقبله بها مبارك، فليس من المنطق أن يستقبل رئيس دولة ما أحد الجواسيس في حفل زفاف نجله وسط كبار المسؤولين بهذا الشكل.

 

فما كان من الحكومة الإسرائيلية وقتها إلا أن أعلنت أنها بصدد القيام بتحقيق في الأمر يشارك فيه ضباط في جهاز المخابرات الإسرائيلي الشهير (الموساد) ممن تعاملوا مع أشرف مروان في الفترة التي كان فيها جاسوسا نشطا، وإعلان نتيجته على الرأي العام (هكذا يحترمون مواطنيهم) وبعدها تم إعلان النتائج بعد فترة ليست بالطويلة بالنسبة لأمر يتعلق بقضية بهذا الحجم وتلك الحساسية مع حجم اللغط المثار حول شخص مروان.

 

مشهد الختام لأشرف مروان كان لغزًا جديدًا، جنازة رسمية حضرها رجال الدولة وعلى رأسهم نجل الرئيس الذي لم يمنعه عن حضور الجنازة التكريمية إلا وجوده خارج البلاد
مشهد الختام لأشرف مروان كان لغزًا جديدًا، جنازة رسمية حضرها رجال الدولة وعلى رأسهم نجل الرئيس الذي لم يمنعه عن حضور الجنازة التكريمية إلا وجوده خارج البلاد
 

المفاجأة بالنسبة لي كانت أن نتيجة التحقيق كانت في صالح وصم أشرف مروان بالخيانة لوطنه وتم إعلانه جاسوسًا أصيلًا للدولة الإسرائيلية بل وتم إعلان أنه أنقذ دولة إسرائيل بتسريبه معلومات خطيرة عن حرب أكتوبر وعن نية مصر وسوريا شن هجوم في وقت واحد يوم السادس من أكتوبر الذي يوافق يوم كيبور (أحد الأعياد اليهودية المهمة أو أهمهم على الإطلاق). وتم كشف تفصيلة مهمة جدًا عن زيارة قام بها العريس (الاسم الكودي لأشرف مروان) إلى العاصمة البريطانية لندن يوم الخامس من أكتوبر سنة ١٩٧٣، وبذلك انتهى الجدل حول ماهية أشرف مروان في إسرائيل.

 

يذكر يوري بار چوزيف تفاصيل كارثية في كتابه "الملاك" عن أشرف مروان وعن خدماته الجليلة لدولة إسرائيل وعن اهتمام الموساد به بعد تأكدهم من قيمة المعلومات التي يقدمها والتي ليس أهمها معلومة موعد الحرب الدقيقة، بل وكشف عن أن مروان سرب خطة الحرب نفسها وقت أن كانت المعارك دائرة وهو ما مكن الإسرائيليين من تحسين أدائهم في الأيام التالية لأكتوبر وعن تمكنهم من معرفة موعد تطوير الهجوم المصري في سيناء شرقًا مما تسبب في كارثة فقدان فرقة مشاة ميكانية كاملة أبيدت عن آخرها وتسببت في انهيار الخطوط الدفاعية المصرية (بحسب مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان الجيش المصري وقتها) بعد التركيز علي الجبهة السورية والانتهاء منها أولًا في الأيام الأولى للحرب، واختراق الخطوط الدفاعية المصرية والنفاذ إلى الضفة الغربية للقناة ومحاولة احتلال أحد المدن الكبرى (السويس، الإسماعيلية).

 

خدمات جليلة لهم كارثية علينا (إن صحت) أدت إلى أن يتم التعامل مع مروان كجاسوس رفيع المستوى لا توضع معلوماته مع باقي الملفات وتكون تحت العناية الشخصية لرئيس الجهاز شخصيًا ومنه إلى رئيس الوزراء رأسًا، بل وسافر رئيس الموساد بشخصه لمقابلة الجاسوس الثمين بحسب ما ذكر باز في كتاب الملاك الذي لم يجد من يرد عليه من الجانب المصري، تحدث الكتاب عن تفاصيل بداية أشرف مروان في عالم التجسس بعد سفره إلى لندن للمرة الأولى لاستكمال دراسته بعد عدم ارتياحه في العمل مع صهره جمال عبد الناصر في السكرتارية الخاصة به.

 

وكما كانت حياته غامضة، كان موته أكثر غموضًا، وقتل (في الغالب) بإلقائه من شرفة منزله في لندن، ومشهد الختام كان لغزًا جديدًا، جنازة رسمية حضرها رجال الدولة وعلى رأسهم نجل الرئيس الذي لم يمنعه عن حضور الجنازة التكريمية إلا وجوده خارج البلاد، ثارت التساؤلات في إسرائيل فكان هناك تحقيق ونتائج وسرد لوقائع تثبت جدارة جهاز مخابراتهم بثقة شعبهم، أما نحن فلا أحد يهتم بتساؤلاتنا المشروعة ولا أحد يهتم بحقنا في معرفة حقيقة رجل اتهمه أعداؤنا بالولاء لهم وتقديم خدمات تسببت في مقتل آلاف المصريين، وتم تكريمه بجنازة رسمية يوم وفاته. معرفة الحقيقة أبسط حقوقنا كمواطنين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.