شعار قسم مدونات

الدور السعودي في المصالحة الفلسطينية

blogs عباس وسلمان

يبدو أن نتائج الجولة الأخيرة من حوار المصالحة بين الفصائل الفلسطينية والذي عقد في القاهرة 21-22\11\2017، قد أظهرت حضوراً متجدداً للسياسة السعودية على الساحة الفلسطينية، وذلك على خلفية الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس أبو مازن للمملكة العربية السعودية، وما تواتر من أنباء حول سعي الأخيرة في تعزيز دورها في "عملية سلام الشرق الأوسط "، وضمن ما أصبح يعرف بخطة أو صفقة ترمب.

 

لقد أكد الموقف الرسمي للسلطة الفلسطينية تلقي الرئيس أبو مازن دعما سعوديا لموقفه من المصالحة، والذي يقضي بأن الأمر بحاجة إلى الوقت وأنه ليس على عجلة من أمره، وأن تمكين حكومة أبو مازن في غزة يتطلب أيضاً بحث موضوع سلاح المقاومة والملف الأمني بشكل عام، كما يحتم استمرار فرض عقوبات قاسية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وذلك في إطار رؤيته الخاطئة لضرورة استمرار الضغط على قيادة حماس، وهو أمر يخالف وبوضوح روح ونص ما تم الاتفاق عليه في القاهرة 12\10\2017 وبرعاية ودعم مصري واضح.

 

استمرار السيد أبو مازن في ممارسة سياسة التباطؤ والتردد المقصود والمدعومة حاليا من المملكة العربية السعودية، ستواجه في لحظة من اللحظات بالمعارضة الإسرائيلية الغالبة والحاسمة في قرار الإقليم
استمرار السيد أبو مازن في ممارسة سياسة التباطؤ والتردد المقصود والمدعومة حاليا من المملكة العربية السعودية، ستواجه في لحظة من اللحظات بالمعارضة الإسرائيلية الغالبة والحاسمة في قرار الإقليم
 

لقد استطاع موقف "لسنا في عجلة من أمرنا" تخطي كل محاولات الفصائل الفلسطينية لفصل السياسي عن الإنساني والأخلاقي، وبالتالي عدم ربط العقوبات المفروضة على سكان القطاع بمصطلح التمكين الزئبقي، كما استطاع هذا الموقف النجاة من التدخل والضغط المصري الإيجابي "للمسارعة" إلى تحقيق المصالحة، مما يؤكد مدى فعالية الدعم والتدخل السعودي بواسطة الاستعانة بالحليف الأمريكي للضغط على مصر "للتأني" وعدم ممارسة ضغوطات جديدة على أبو مازن للتقدم في ملفات المصالحة.

 

من الممكن القول أن استجابة المصريين للضغوطات الأمريكية والسعودية والتي ساهمت في إنجاح استراتيجية شراء الوقت التي يستخدمها السيد أبو مازن من أجل تحقيق أهداف سياسية، قد لا يتفق معها الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني، لن تستمر طويلا حيث أن المصلحة والمصداقية المصرية في الإقليم تتطلب تحقيق نجاحات واضحة في الساحة الفلسطينية عموما وساحة غزة خصوصا، كما أن نتائج استمرار "استراتيجية التباطؤ" على الإقليم لن تخدم الهدف الأساسي في "رفع المعاناة الإنسانية عن سكان القطاع" وهو مطلب الحد الأدنى الضروري والحيوي للإقليم .

 

من المناسب التأكيد إلى أن المصالحة قد نتجت عن حسابات الإقليم والمعتمدة بالدرجة الأولى على حسابات المصلحة الأمنية الإسرائيلية، والتي تقضي بأن "درجة من المصالحة" هي الطريق الأفضل وقد يكون الوحيد من أجل منع الحرب القادمة مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وذلك من خلال ما تعتقده إسرائيل أنه السبب الرئيس لها وهو استمرار المعاناة الإنسانية لسكان قطاع غزة.

 

نجح أبو مازن وإن مؤقتا بفرض موقفه بهذه الجولة من التفاوض بفضل الدعم السعودي الأمريكي لكن من الصعب رؤية تغير حقيقي بمعادلة المصالحة سوى زيادة واستمرار المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني
نجح أبو مازن وإن مؤقتا بفرض موقفه بهذه الجولة من التفاوض بفضل الدعم السعودي الأمريكي لكن من الصعب رؤية تغير حقيقي بمعادلة المصالحة سوى زيادة واستمرار المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني
 

وبناء على ما سبق فإن استمرار السيد أبو مازن في ممارسة سياسة التباطؤ والتردد المقصود والمدعومة حاليا من المملكة العربية السعودية، ستواجه في لحظة من اللحظات بالمعارضة الإسرائيلية الغالبة والحاسمة في قرار الإقليم وتحديدا في معادلة "درجة من المصالحة" لمنع أي تصعيد كبير في غزة.

 

إن من المثير للاهتمام معرفة ما هو الثمن الذي دفعه السيد أبو مازن للقيادة السعودية في مقابل الدعم الذي تلقاه منهم لموقفه من المصالحة، والذي يعارض موقف الحليف المصري، خاصة وأن التقارير ومنها صحيفة التايمز وكذا آراء الخبراء قد أشارت إلى أن السبب الرئيسي لاستدعاء الرئيس أبو مازن للرياض لم يكن مجرد تقديم الدعم والتأييد إضافة إلى الخدمات الإنسانية له ولسياساته بل التقدم له "بطلبات" أو ممارسة ضغوطات حول العملية السلمية في الشرق الأوسط أو ما أصبح يعرف بصفقة ترمب.

 

وأخيرا يمكن القول أن السيد أبو مازن قد نجح وإن مؤقتا في فرض موقفه في هذه الجولة من التفاوض بفضل الدعم السعودي الأمريكي لكن من الصعب رؤية تغير حقيقي في معادلة المصالحة سوى زيادة واستمرار المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وما يترتب على ذلك من رفع احتمالات عودة خطر الحرب والتآكل في شرعية ومصداقية السيد الرئيس أبو مازن وبالتالي الإضرار بالمناعة والحصانة الوطنية للشعب الفلسطيني بالكامل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.