شعار قسم مدونات

ست هوايات تنعش الدماغ

Blogs- girl

عند ممارستك لهوايتك المفضلة، تنتعش نواة صغيرة في لبِّ دماغك تسمى النواة المتكئة فتدرُّ هرمونات وإنزيمات السعادة في جهازك العصبي، الذي بدوره يُدمن على هذه المواد ويدفعك لممارسة هوايتك باستمرار، لكن فوائد الهوايات لا تقتصر فقط على المرح والمتعة، بل لها الكثير من الأثر الإيجابي على الجهاز العصبي والعاطفي، فهي تساعد على التخلص من التوتر، وتزيد من تقدير الذات "self-esteem"، وتحسن القدرات الذهنية كالذاكرة والتناسق العصبي العضلي، وتخلق آفاقا جديدة للإبداع بعيداً عن رتابة الحياة اليومية. هذه ستّ هوايات مثيرة ومثرية للدماغ.

      

المطالعة
القراءة تزيد من عدد التشابكات بين الخلايا العصبية فتزداد كفاءة الدارات الكهرعصبية والتناغم بين أجزاء المخ وفصّيه الأيمن والأيسر، وبالمحصلة تزداد الكفاءة الذهنية ويتحسن التفكير الشمولي، كما أن تعلم مصطلحات أو أفكار جديدة يدفع الدماغ لإنبات براعم عصبية (dendrites) جديدة فيتوسع النطاق الذهني، لذلك يتّسم الأشخاص الذين يطالعون باستمرار باتساع الأفق الذهني والمرونة الفكرية. أي أن دماغك يتغير بنائيا ووظيفيا بعد كل روايةٍ تقرأها او جريدةٍ تتصفحها، حتى بعد قراءة هذا المقال لم يَعُد دماغك كالسابق!

 

الكتابة
في دراسة قامت بها جامعة غريفزوالد الألمانية، طُلب من متطوعين أن يكتبوا ما يجول بخاطرهم على ورقة أثناء تصوير دماغهم بواسطة جهاز الرنين المغناطيسي الوظيفي، فلوحظ أن بعض المناطق المظلمة في الدماغ بدأت بالإنارة مما يعطي استنتاجا أن ممارسة الكتابة تستثير الدماغ لاستحداث محاور عصبية جديدة وتنشط النسيج العصبي.

 

يعد التنزه في الطبيعة فرصة لتصفية الذهن وتشجيع التفكير النشط والإبداعي، كما أن المناظر الطبيعية الجميلة تساعد على الاندماج والتناغم مع الطبيعة وتنمّي الحس الفني والجمالي
يعد التنزه في الطبيعة فرصة لتصفية الذهن وتشجيع التفكير النشط والإبداعي، كما أن المناظر الطبيعية الجميلة تساعد على الاندماج والتناغم مع الطبيعة وتنمّي الحس الفني والجمالي
 

تدوين الملاحظات والخربشة على الورق أثناء التفكير يزيد من حدة التركيز ويساعد في تنظيم الأفكار واتساقها، كما ويسهم في حفظ المعلومات بشكل أقوى لأن ذلك يحفِّز الذاكرة البصرية والحسّية. كما أثبتت البحوث العلمية أن الذين يعانون من ألمٍ عاطفي يُبدون تعافيا أسرع حين يكتبون ما يحسّون به على الورق. فالكتابة تزيد من تصريف المشاعر السلبية الآجنة وأرشفتها مما ينقي المجال الذهني ويساعده لاستقبال مدخلات جديدة.
 

الزراعة والعناية بالنباتات
سواء زراعة الورود على الشرفة أو زراعة الخضار في حديقة البيت الخلفية، تساعد العناية بالنباتات على تخفيض هرمونات التوتر، وتمنع الخرف بنسبة ثلاثين بالمئة كما تشير أحدى الدراسات. كما أن الاعتناء بالحديقة والمزروعات كالري والتقليم يوفر فرصةً لتمرين الجسم في وسطٍ مليء بالهواء النقي. ناهيك عن توفير ثمار طازجة وصحية وخالية من المواد الحافظة المؤذية جدا للنسيج العصبي.

  

المشي والتنزه في الطبيعة
نمط الحياة العصرية والاعتماد المفرط على التكنولوجيا، جعل من الإنسان العصري متفاعلا سلبيا مع محيطه مما يعمل على تثبيط النشاط الدماغي. لذلك يعد التنزه في الطبيعة فرصة لتصفية الذهن وتشجيع التفكير النشط والإبداعي. كما أن المناظر الطبيعية الجميلة، وروائح النباتات البرية، وصوت الطيور تداعب الحواسّ وتساعد على الاندماج والتناغم مع الطبيعة وتنمّي الحس الفني والجمالي. المشي بشكل عام يساعد على حرق الدهنيات والكوليسترول ويقي من ارتفاع الضغط وداء السكري وكل ذلك يحمي الدماغ من الجلطات الدماغية.
 
الأشخاص الذين يتكلمون عدة لغات يمتلكون قشرة دماغية أسمك من غيرهم، تحديدا في منطقة الحُصين أو قرن آمون المسؤولة عن توطيد واستحصاف الذاكرة
الأشخاص الذين يتكلمون عدة لغات يمتلكون قشرة دماغية أسمك من غيرهم، تحديدا في منطقة الحُصين أو قرن آمون المسؤولة عن توطيد واستحصاف الذاكرة
  
الحرف اليدوية (كالتطريز والنقش على النحاس والفسيفساء)

تنمّي صناعة المشغولات اليدوية التناغم البصري اليدوي ومهارات الإدراك الفراغي، وتنشط الجانب الأيمن من الدماغ المسؤول عن الجماليات والتخيل والإبداعية، كما أن موجات الدماغ الكهربائية أثناء النشاط الحرفي تشبه تلك الموجات الصادرة أثناء ممارسة اليوغا والتأمل، وهذا يساعد على الاسترخاء وتصفية الذهن.

 
ممارسة الحرف اليدوية يساعد على التخلص من التوتر والهموم، فهي تُسلي النفس وتروِّح عنها وتعزز من الشعور بالإنتاجية والانجاز، حتى أن الكثير من المصحّات النفسية تستخدمها كتقنية علاجية لمرضى القلق والاكتئاب.
 

تعلّم لغات جديدة
في دراسة أنثروبومترية أجرتها جامعة لوند السويدية، وجِد أن الأشخاص الذين يتكلمون عدة لغات يمتلكون قشرة دماغية أسمك من غيرهم، تحديدا في منطقة الحُصين أو قرن آمون المسؤولة عن توطيد واستحصاف الذاكرة، يُعزى ذلك لزيادة عدد التشابكات العصبية عند تعلم لغة أخرى. إضافة لذللك، تعد اللغات حواضن للثقافة وبتعلمها تُفتح البوابات للتلاقح الفكري والثقافي الذي يدشِّن أبعادا فكرية جديدة ويوسع الآفاق الذهنية للمتعلم. 

 
بالتأكيد هناك هوايات أخرى مثرية للدماغ لا يتّسع المجال لذكرها جميعا. في النهاية يبقى التحدي الأكبر في كيفية إفساح الوقت لهذه الهوايات في جدول يومنا المزدحم بالعمل والواجبات الاجتماعية، واستغلال أوقات الفراغ التي تنازعتها مشاهدة التلفاز وتصفح هواتفنا الذكية!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.