شعار قسم مدونات

بلفور البداية وأوسلو شرّعت وجوده

blogs اتفاقية أوسلو

وعد بلفور فيه أعطى من لا يملك لمن لا يستحق، وكان تصريحًا صريحًا بقتل وتشريد الفلسطينيين من أرضهم التاريخية؛ التي لا حق فيها إلا للفلسطينيين، وهو إمعان بريطاني رسمي وغطاء لشتى انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بـفلسطين المحتلة..

 

ما سبق وما قيل في الذكرى المئوية لتلك الجريمة كان سينتهي بنهاية الرسالة البريطانية لولا عقد اتفاقية أوسلو بعد 76 عامًا من إصدار الرسالة الشهيرة بـ "وعد بلفور"؛ (والتي قال فيها آرثر بلفور إن بريطانيا تُرِيد تحقيق حلم الحركة الصهيونية بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين)، والتي (أوسلو) قد كللت شرعية المحتل وأوجدت له قدمًا بموافقة فلسطينية ومباركة عربية ودولية.

صحيح أنه لا يخفى على أحد أن بلفور كان بداية مأساة الشعب الفلسطيني، بعد نهاية الحرب العالمية الأولى وبداية تفتت الإمبراطورية العثمانية التي استغلها الاستعمار بأنواعه؛ البريطاني والفرنسي وغيره، لتقسيم تلك "الكعكة" وأفضل أجزائها كانت فلسطين، ولكن توقيع الاتفاقية السوداوية (أوسلو) بكل ما جاءت فيه كان بمثابة الموافقة الضمنية على بلفور، كيف لا وهي من اعترف رسميًّا بـ "إسرائيل" ومنحها 78 بالمئة من أرض فلسطين التاريخية وهي من ساعد على تغلغل الاستيطان الصهيوني في الأراضي الفلسطينية، ومن قبله الموافقة على "سيادة" مشتركة على المسجد الأقصى المبارك!، وربطت فيما بعد باتفاقية أخرى اقتصادنا بالاحتلال (اتفاقية باريس الاقتصادية).

رغم أن رسالة بلفور لا تتحدث صراحة عن تأييد الحكومة البريطانية لإقامة دولة لليهود بفلسطين، لكنها أدت دورًا أساسيًا بإقامة دولة إسرائيل بعد 31 عاما من تاريخ الرسالة، أي عام 1948
رغم أن رسالة بلفور لا تتحدث صراحة عن تأييد الحكومة البريطانية لإقامة دولة لليهود بفلسطين، لكنها أدت دورًا أساسيًا بإقامة دولة إسرائيل بعد 31 عاما من تاريخ الرسالة، أي عام 1948
 

أتفق مع من يقول إن البريطانيين لم يستشيروا الفلسطينيين أو من كان يُمثلهم وقتذاك، قبل منح وعد بلفور، ولكن الدول الغربية وأمريكا التي كانت راعية لاتفاقية أوسلو استشارت منظمة التحرير الفلسطينية؛ الممثل الشرعي للفلسطينيين قبل اعترافها بالاحتلال، قبل أن يتم توقيع اتفاقيات أوسلو (1993)، وما تبعها من معاهدات أمنية واقتصادية عملت على تكبيل الفلسطيني وإطلاق العنان للمحتل وعصاباته بمختلف الأشكال والنواحي.

بلفور كانت رسالة وشكلت فيما بعد وعدًا للحركة الصهيونية، ولكن أوسلو التي داسها أرئيل شارون باجتياح مدن الضفة الغربية في أواخر أيلول (سبتمبر) عام 2000، وما زال يتمسك بها البعض، كانت بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقت على جسد القضية الفلسطينية وأنهت مع مبادرات حل الدولتين والموافقة على استمرار الاستيطان فيما بعد، حلم الدولة كاملة السيادة على أرض فلسطين التاريخية (من النهر إلى البحر) بجميع مسمياتها (الداخل المحتل عام 1948 والاحتلال بعد حرب حزيران 1967 وحدود ما قبل سبتمبر 2000).. الدولة التي نحلم بها كاملة السيادة برًا وبحرًا وجوًا وحدودًا واضحة وخالية من الحواجز (نقاط الموت)، نُريدها كما الدول الأوروبية اليوم؛ اقتصاد قوي ومتماسك، حتى نستطيع بناء مؤسساتنا ونكبر بها.

حين صدر وعد بلفور كان تعداد اليهود في فلسطين لا يزيد عن 5 بالمئة من مجموع عدد السكان. وقد أرسلت الرسالة قبل شهر من احتلال الجيش البريطاني فلسطين

ولأننا شعب لا ينسى لا بُد أن أذكركم مرة أخرى بـ "وعد بلفور"؛ صدر عام 1917 بعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها وذهبت الدول لتقاسم "الغنائم"، وكانت أكبرها تركة الإمبراطورية العثمانية، ولأن حكومة بريطانيا كانت تُرِيد كسب تأييد العديد من الدول في جولة الحرب العالمية الأولى رأت أن تحصل على رضاهم عبر تخليصهم من مشكلة اليهود بأن تجمع شملهم وتوحد شتاتهم من مختلف الدول الأوروبية وأمريكا في فلسطين؛ الدولة ذات المكانة الاستراتيجية التي سعت أيضًا عبرها بريطانيا من السيطرة على المنطقة العربية بكل ما فيها.. وجاء في الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917 إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد يُشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.

حين صدر وعد بلفور كان تعداد اليهود في فلسطين لا يزيد عن 5 بالمئة من مجموع عدد السكان. وقد أرسلت الرسالة قبل شهر من احتلال الجيش البريطاني فلسطين. ورغم أن الرسالة لا تتحدث صراحة عن تأييد الحكومة البريطانية لإقامة دولة لليهود في فلسطين، لكنها أدت دورًا أساسيًا في إقامة دولة إسرائيل بعد 31 عاما من تاريخ الرسالة، أي عام 1948.

كما ساهمت الرسالة في تشجيع يهود القارة الأوروبية على الهجرة إلى فلسطين خلال الفترة ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية، في وقت كانت القارة تشهد صعودا للتيارات القومية المعادية للسامية. وجاءت رسالة بلفور تتويجًا لسنوات عديدة من الاتصالات والمفاوضات بين الساسة البريطانيين وزعماء الحركة الصهيونية في بريطانيا.

فقد كان موضوع مصير الأراضي الفلسطينية قيد البحث في دوائر الحكم في بريطانيا بعد دخولها الحرب العالمية الأولى مباشرة. وقد جرى أول لقاء بين حاييم وايزمان (زعيم الحركة الصهيونية لاحقًا)، وبلفور عام 1904 وتناولت موضوع إقامة وطن لليهود في فلسطين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.