شعار قسم مدونات

هل تدق طبول حرب جديدة بالمنطقة؟

blogs حرب

منطقة الشرق الأوسط أصبحت بؤرة صراعات بين عدة قوى إقليمية فبعد الثورات العربية، والتي أحدثت تحولات مختلفة بين أطراف الصراع، بعد أن كان الصراع في تلك السنة 2011 بين الشعوب والأنظمة الحاكمة، تحول إلى نزاعات إقليمية، ثم إلى صراع دولي. لقد أفرزت هذه المنطقة ولادة محورين كانا في البداية يوكلان من يقوم بمهمتهما في الحرب بما يعرف بمصطلح الحرب بالوكالة، حتى أصبح الصراع بدخول هذه القوى المتصارعة بشكل مباشر وخاصة على أرض سورية والعراق واليمن. مناطق ثلاثة تتجاذب فيها هذه القوى مصالحها والسيطرة عليها، والتي أصبحت معروفة بعد أن كانت في بداية الأمر تتدخل بشكل سري عن طريق وكلاء الحرب.

واليوم وبعد مضي ست سنوات على هذه التجاذبات وتشكل محورين رئيسيين، محور إيران وأذرعها بالمنطقة وتحالفاتها مع روسيا. ومحور السعودية وحلفها مع الولايات المتحدة الأمريكية. هذه الأخيرة المملكة شهدت عدة تغييرات بعد تنازل ابن نايف عن الحكم لصالح ابن سلمان، كما بث عن طريق وسائل الإعلام الرسمية بالمملكة السعودية، وتناقلته وسائل الإعلام الدولية.

التغيرات المتسارعة التي تجري بالمنطقة تعتبر أمرا خطيرا ربما قد يؤدي إلى حدوث مواجهات جديدة وربما مباشرة بين أطراف الصراع وحلفائهما

تغييرات جاءت بولي عهد جديد للسعودية، كانت معها تغييرات أخرى سياسية خطيرة، وكذلك تهديدات مباشرة بين الطرفين في المنطقة إيران والسعودية. فبعد مجيء رئيس وزراء لبنان سعد الحريري في زيارة قيل أنها زيارة عمل. قام الحريري بالإعلان وعن طريق بث متلفز وفي سابقة مثيرة للجدل ومن أرض المملكة عن الاستقالة من حكومة لبنان. أمر فجاء الجميع في لبنان كما فاجأ إيران التي لم يكن يدور في حسبانها مثل هذا الأمر.

إذا هي رسالة قوية تم إرسالها من قبل النظام الجديد بمملكة السعودية وبشكل غير مباشر لإيران، مدعية أن حكومة يوجد فيها ميليشيا حزب الله أنها حكومة حرب على المملكة. وبعد ساعات من إلقاء الحريري لخطاب الاستقالة المتلفز، وجه الحوثيون صاروخا باليستيا إلى مطار الرياض وقالت المصادر السعودية على أنه صاروخ إيراني فبدأت التراشقات بالتصريحات الرسمية بين وزراء خارجية البلدين.

كل يحمل الآخر المسؤولية وراء هذه الأحداث المستجدة بالمنطقة، حتى أن السعودية احتفظت لنفسها بحق الرد. كما لا يكمن أن ننسى أن السعودية باحتفاظها بحق الرد، ادعاءها أن مطلق الصاروخ من اليمن هو حزب الله اللبناني والذي يؤيد وفي العلن كل ما تقوم به إيران بالمنطقة، بل هو إحدى أذرعها العسكرية بالمنطقة كما لا يخفى على أحد.

فالمنطقة والتغيرات المتسارعة التي تجري بها تعتبر أمرا خطيرا ربما قد يؤدي إلى حدوث مواجهات جديدة وربما مباشرة بين أطراف الصراع وحلفائهما. وهنالك عدة مؤشرات تدل على ذلك. منها أن الإمارات العربية وبعد حادث إطلاق الصاروخ على مطار الرياض، صرحت هي أيضا بأن إيران تشكل خطرا على منطقة الخليج العربي ويلزم ردعها وتعتبرها مهددا مباشرا لدول الخليج.

وكذلك يمكن أن نضيف زيارات رئيس وزراء لبنان سعد الحريري لكل من الإمارات والبحرين. إذا هي مستجدات تشهدها المنطقة ربما سيكون لها تبعات على الإقليم وخارجها. بالإضافة إلى شأن سعودي داخلي آخر يتعلق باعتقالات جديدة لكن في صفوف فئة جديدة لم تكن تدور في حسبان أحد وهي اعتقال أمراء ووزراء ورجال أعمال سعوديين وعلى رأسهم الملياردير السعودي الشهير، والذي كان على خلاف مع ترمب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية خاصة إبان حملته الانتخابية. هذا الأخير بارك الخطوة ومدح الملك سلمان وابنه على ما يقومان به باعتبارهما يعرفان ما يريدان فعله.

إذا هي تجاذبات جديدة ومتغيرات مهمة تشهدها المنطقة، ولا يعلم أحد هل سيكون لهذه التغيرات نتائج جديدة وانعكاسات على هذا الإقليم المنهك بما يحل به من حروب؟! ثم ان دخول دولة الاحتلال الإسرائيلي على خط هذا الصراع عن طريق تسريب ما قيل عنه وثيقة سرية نشرتها قناة إخبارية لهذا الكيان الاسرائيلي، يدعي فيها إرسال سفراء تابعين له من أجل الدعاية لتقزيم المد الشيعي لإيران بالمنطقة.

 

الصراع بالمنطقة على أشده وتتنازعه الاطراف المتعددة، وإذا ما كانت هنالك مواجهات مباشرة بين هذه الأطراف، فلا يدري أحد كيف سيكون شكل المنطقة ولصالح من ستتجه بوصلة إدارة الصراع
الصراع بالمنطقة على أشده وتتنازعه الاطراف المتعددة، وإذا ما كانت هنالك مواجهات مباشرة بين هذه الأطراف، فلا يدري أحد كيف سيكون شكل المنطقة ولصالح من ستتجه بوصلة إدارة الصراع
 

وكذلك تحذير الكيان الاسرائيلي المحتل للملكة السعودية من التواني في مواجهة إيران. لأن هذه الأخيرة تشكل تهديدا آخر لأمن الكيان الاسرائيلي بالمنطقة. كما انها حثت على أن تعمل بكل قوة على إزاحة نفوذ حزب الله من التواجد في أي حكومة مقبلة.

الصراع بالمنطقة على أشده وتتنازعه الاطراف المتعددة، وإذا ما كانت هنالك مواجهات مباشرة بين هذه الأطراف، فلا يدري أحد كيف سيكون شكل المنطقة ولصالح من ستتجه بوصلة إدارة الصراع في الاستفادة منه؟ والتوقعات تشير إلى مستفيد واحد أوحد في إدارة صراعات المنطقة والذي يعمل على تأجيجها لأنه في النهاية سيكون قد تخلص من طرف طالما شكل له هما وارقاِ، ليتحول إلى أحداث صراع آخر بين فئة وأخرى ويبقى هو المحرك والمدير الأساس لكل ما يجري من أحداث بالمنطقة.

وهنا تطرح عدة استفهامات هل سيكون هنالك رد للمملكة على الاستفزاز الحوثي او حزب الله اللبناني عن طريق الصاروخ الذي وجه إلى مطار الرياض؟ وإن كان فكيف سيكون طبيعة الرد ومتى؟ وأين سيكون اتجاه الرد؟ هل إلى حزب الله اللبناني؟ ام إلى مكان آخر لتبرز احداث جديدة لحرب جديدة؟ لا يعِلم من سيطلق شرارتها؟ وهل ستتدخل أطراف دولية أخرى في المواجهة؟ لا يعلم أحد عواقب الأمور والمتغيرات التي تسير بوتيرة متسارعة، قد تجلب معها دمارا آخر للمنطقة وشعوبها. والزمن مازال يخفي الكثير من المفاجآت.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.