شعار قسم مدونات

مولخو الصهيوني وعباس المصري

blogs- عباس كامل

واضح إن العلاقة بين مولخو الصهيوني ونتنياهو هي هي نفس العلاقة بين السيسي وعباس كامل لدرجة أن نتنياهو يأتمنه على إعادة صياغة اتفاقية تيران وصنافير. التسريب الجديد لوزير الخارجية المصرية بقدر ما يفضح عمالة وخيانة نظام العسكر في مصر؛ فهو يفضح أيضا طريقة التفكير المتماثلة للنظامين الصهيوني والمصري.
 

مولخو له سلطة مطلقة يتحرك من خلالها لرسم السياسة الخارجية الصهيونية في المنطقة، كان مولخو باستمرار في قلب المشهد بجوار نتنياهو في الحراك الدبلوماسي الذي يتعلق بالفلسطينيين ومع الدول العربية منذ عام 1996 وحتى اليوم. مولخو سعى لفتح العلاقات مع مصر السيسي منذ فترة طويلة فكانت علاقاته الوطنية مع رجال أعمال مصريين مثل حسين سالم حتى إنه كان محاميه الخاص.
 

الرجل هو صاحب المهمات الخاصة فيما يتعلق بالشأن المصري فهو الذي دفع مصر للتصويت ضد وقف الاستيطان الصهيوني، كما أن الرجل هو الذي يجري المفاوضات بشأن حقل الغاز المصري، فضلا عن إنه كان يتفاوض مع المخابرات المصرية بشأن إطلاق سراح الأسرى الصهاينة لدى حركة المقاومة الإسلامية حماس. مولخو الصهيوني يمارس دور الوصاية على الجيش المصري في سيناء بشكل كبير وتشير أصابع الاتهام إليه في توجيه الغارة المصرية الأخيرة على رفح في قطاع غزة.
 

مولخو لديه مصلحة عليا يعمل لصالحها وعباس يدرك أنه قد يطير في أي لحظة؛ هو يعلم أن حركة الجيش لا بد أن تأكل أبناءها وتبتلعهم رغم إخلاصهم. مولخو واثق من موقفه وعباس متردد مرتعش.

في نفس الوقت كان نجم عباس كامل مدير مكتب السيسي يتصاعد يوما بعد يوم؛ حتى أن كان يدير ملفات حيوية لا سيما ما يتعلق بملف التمويل من دول الخليج. ويبرز دوره في تقليم أظافر كبار الساسة الذين يحاولون أن يكون لهم رأي داخل أروقة الحكم مثل نبيل فهمي وزير الخارجية السابق. السيسي كان يعتمد على عباس في كثير من الأمور وكان لا يثق إلا فيه وفي رأيه ولذلك نقله معه من المؤسسة العسكرية لمؤسسة الرئاسة.
 

عباس كان يلعب بالسياسيين الكبار كما يلعب طفل بعرائس المولد، فدفع الجنزوري للصدام مع شخصيات سياسية أثناء تشكيل قائمة في حب مصر ثم سحب البساط من تحته ووضعه تحت سامح سيف اليزل. الرجل كان حاضرا وبقوة في تشكيل القوائم الانتخابية ورفض شخصيات وقرب أخرى. كان بالفعل يملك نفوذ وسلطة واسعة؛ وهو يشارك السيسي في كل رحلاته وكان آخرها ظهوره في مشهد اعتداء حرس الرئيس الأوغندي على حرس السيسي هناك في كمبالا.
 

المقارنة بين مولخو الصهيوني وعباس المصري ستكون ظالمة بالتأكيد للصهيوني؛ الذي يمتلك كاريزما وقدرة سياسية عالية أدار بهما ملفات حرجة جدا مثل تبادل الأسرى الصهاينة أو الوضع في سيناء أو العمليات الدبلوماسية الخارجية؛ وفي نفس الوقت يرفض الظهور بل يعمل في الظل. أما عباس المصري فهو بالأساس رجل عسكري محدود التفكير يجمع بعض الضباط حوله ليدير المشهد من خلف الستار لكنه يحب الظهور؛ فهو الحاضر الغائب وهو مفتاح السيسي؛ فيتقرب منه الجميع لنيل الرضا.
 

المقارنة أيضا ستكون ظالمة لأن النظام الصهيوني في نهاية المطاف يعمل بشكل مؤسسي، في حين يعمل عباس والسيسي معه بشكل فردي مطلق. فتتسع الرؤى لدى مولخو وتنغلق لدى عباس. مولخو لديه مصلحة عليا يعمل لصالحها وعباس يدرك أنه قد يطير في أي لحظة؛ هو يعلم أن حركة الجيش لا بد أن تأكل أبناءها وتبتلعهم رغم إخلاصهم. مولخو واثق من موقفه وعباس متردد مرتعش.

أخيرا التسريبات طالت كلاهما فعززت موقف مولخو في بلاده، فقد ظهر بموقف الرجل الذي يحافظ على مصالح بلاده ويسعى لتأييد موقفها من اتفاقية خطيرة تمس مصالح الكيان الصهيوني مباشرة مثل اتفاقية تيران وصنافير. وفي نفس الوقت خسفت باللواء عباس كامل الأرض حيث ظهر بموقف البلطجي الذي يدير المشهد بذراعه وليس بعقله، كما ظهرت أخلاق الرجل السيئة في سبابه وانفلات لسانه كدليل على البيئة العسكرية التي ترفض أن يجلس أحد بجوارها فهو فوق الجميع. لذلك الأيام القادمة ستشهد صعود نجم مولخو الصهيوني وسيتحول عباس كامل إلى كبش فداء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.