شعار قسم مدونات

التعليم من أجل المستقبل

مدونات التعليم

إن أردت الاطلاع على مستقبل دول الخليج العربي، ما عليك سوى القيام بزيارة أحد المجمعات التجارية المنتشرة في مختلف أنحاء المنطقة حيث تتواجد أحدث وسائل التكنولوجيا التي باتت تشكل في الواقع طريقة عملنا وتفاعلنا المستقبلي، والمأكولات العالمية التي أصبحت جزءًا من أنظمتنا الغذائية التقليدية، بالإضافة إلى الأزياء التي تبني وجهات نظرنا حول الجمال والثقافة. لكن الأهم من كل ذلك، معاينة الأطفال الناشئين في الخليج وهم يتحدثون بالعربية، التغالوغ، الأوردو أو الإسبانية لفترة وجيزة، ثم ينتقلون للتكلم بالإنجليزية.
 

لطالما كان الإلمام بأكثر من لغة، بالإضافة إلى اللغة العربية واللهجة الخليجية، مصدرًا مفيدًا في قطر. وتبرز المجمعات التجارية فرضية أن تعدد اللغات الذي كان مفيدًا في الماضي، سيكون على الأرجح، ضرورة في المستقبل. التغيير يحدث فعلًا، وبإمكان دول الخليج العربي استخدام هذه المعرفة لضمان استعداد جميع الأطفال بشكل متساوٍ وكامل للمستقبل.
 

من الضروري الانفتاح على فهم ماهية اللغة من منظور جديد. فبعض باحثي اللغة لا يتحدثون عن اللغة كمجموعة من القواعد، بل مجموعة من الأنماط التي يمكن أن تختلف من سياق إلى آخر.

ترأست خلال الأسبوع الفائت قمة عالمية لمدرسي اللغة الإنجليزية عقدت في أثينا تحت عنوان "مستقبل مهنة مدرسي اللغة الإنجليزية للمتحدثين بلغات أخرى"(www.tesolsummit.org) ، شارك فيها مدرسون، وممثلو وزارات، وممثلو جمعيات وناشرون من أكثر من 60 دولة. واستعرضنا خلال المؤتمر هدفًا مشتركًا كصانعي سياسات ومدرسين وباحثين: كيف يمكن لدول العالم، ومنها دول الخليج، وضع أفضل الأنظمة التعليمية الكفيلة بتخريج طلاب يتمتعون بقدرات لغوية فعالة وضرورية في عالم جديد؟
 

الأجوبة لن تكون سهلة. لذلك، اتفقنا أولًا على أنه لا يجب تعلم أي لغة على حساب لغة أخرى. على أطفال الخليج تعلم اللغة الإنجليزية بكل تأكيد، إلا أن عليهم أيضًا تعلم الكتابة العربية بمهارة، من كتابة الشعر إلى الرسائل التجارية.
 

من الضروري الانفتاح على فهم ماهية اللغة من منظور جديد. فبعض باحثي اللغة لا يتحدثون عن اللغة كمجموعة من القواعد، بل مجموعة من الأنماط التي يمكن أن تختلف من سياق إلى آخر. وبالتالي، فإن تعلم أي لغة عبر عملية التلقين غير ممكن على الإطلاق. ولا بد من فهم دور المدرسين الأساسي في صياغة عملية التعلم وتعزيزها.
 

وتتبنى دول الخليج العربي حالياً ممارسات تعليمية تستشرف المستقبل من خلال طرق مختلفة. فعلى سبيل المثال، ينطق طلاب جامعة كارنيجي ميلون في قطر، حيث أدرس، بأكثر من 40 لغة، على الرغم من أن معظم المقررات تدرس باللغة الإنجليزية. وقمنا بوضع مجموعة من المقررات الخاصة للطلاب الناطقين باللغة العربية من أجل زيادة كفاءتهم اللغوية وتجهيزهم لمتطلبات سوق العمل.
 

في حين تواصل دول الخليج العربي تطوير نظامها التعليمي، خاصة للمرحلتين الابتدائية والثانوية، أشجع قادة السياسة التعليمية على الالتفات إلى الأمثلة الناجحة في تعليم لغتين أساسيتين في جميع أنحاء العالم، والبحث عن أفضل السبل لتطبيق تلك النماذج، وإشراك المعلمين في وضع وتنفيذ هذه السياسة. إن المستقبل قادم، ودول الخليج العربي تستعد لتكون في أوج جهوزيتها لاستقباله.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.