شعار قسم مدونات

"الضغط النفسي" عارض أم مرض نفسي؟!

blogs- stress

يُعبر الناس بهذا المصطلح كلما حلّت بهم ضائقة وركبت عقولهم أمواج المشاكل الأسرية وبحار المعاناة في الحياة اليومية وأفكار المستقبل. "الضغط النفسي" كما عرّفه ماك جراف 1970: بأن الضغوط تعبر عن خلل مُدرك بين المطالب والإمكانيات يصاحبها مجموعة من المظاهر السلبية مثل الغضب والقلق والإحباط. من هذا التعريف يتضح لنا بأن الضغوط هي خلل مُدرك بين مطالب الواقع وإمكانياتنا الشخصية تجعلنا في قلق دائم نحو ما ينتظرنا في المستقبل القريب..

والناس تنقسم في هذا الموضوع إلى أصنافٍ كثيرة كلٌ حسب طبيعة شخصيته التي فُطر عليها وحسب درجة صحته النفسية؛ فهناك شخصيات أكثر عرضة للإصابة بتداعيات الضغط النفسي من شخصيات أخرى أعطيت الجلد والصبر والتحمل على إدارة هذه الضغوط بطريقةٍ حكيمة لا تعود عليها إلا بالنفع المُقيم.
 

وهذه الإدارة أصبحت علماً يُدرّس وصفة تُكتسب فيجب أن نُفرق بين الصفات الموروثة والمكتسبة وأن نُلقي عن كاهلنا تلك الجملة المُقيته التي يرددها الكثير "لقد خُلقت هكذا ولا يمكن أن أتغير"، ونسي قوله تعالى "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" (الرعد:11)، فلا يوجد من سلوكٍ يتصرف به الفرد لا يمكن تعديله -كما يقول علماء النفس- بالتالي فإن التغيير يبدأ من نفس الإنسان حيث أنه قرار ينبع من ذاته.. ويجب أن نفرق هنا بين الأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية وبنفس الوقت يتعرضون لضغوط نفسية وبين من يعانون من اضطرابات في الشخصية ويتعرضون لضغوط نفسية وبين الأصحاء نفسياً ويتعرضون لضغوط نفسية.
 

يجب أن يُدرك الفرد أن الحياة لا تسير دائما كما يطمح إنما تتالى بصعودها ونزولها وقد يستمر النزول أيام شهور وأحياناً سنوات وعلى النقيض قد يستمر الصعود سنوات تلو سنوات ينسى فيها الفرد أيام الشقاء والتعب.

فمرضى الاكتئاب على سبيل المثال لا يمكن البدء معهم في إدارة الضغوط وتوضيح أهمية هذه الإدارة والمريض في أوج المرض وأعراضه؛ حيث ستكون الاستجابة هنا ضعيفة والتعامل معه يجب أن يتم على مراحل يتدخل فيها العلاج الدوائي مع العلاج السلوكي المعرفي تمهيداً لإدارة الضغوط التي يعاني منها والتي تزيد من أعراض المرض لديه.
 

يختلف ذلك عن اضطراب الشخصية الاكتئابية التي هي أكثر عرضة للإصابة بمرض الاكتئاب والتي تتأثر بالضغط النفسي بشكل كبير ونظرتها للحياة تشاؤمية لكننا نستطيع البدء معها بإدارة الضغوط بشكل مباشر عبر العلاج السلوكي المعرفي دون الحاجة في كثير من الحالات للتزامن العلاجي الدوائي بشكل أولي مع الحالة. ذلك يختلف تماماً عن الشخص السليم نفسياً والذي تعرض لنوع من أنواع الضغوط الحياتية المختلفة أدت إلى حدوث انتكاسة مؤقتة في حالته النفسية كخسارة مادية أو موت أحد أفراد أسرته.
 

والضغوط تقسم الى أربعة أنواع:
1- ضغوط حياتية؛ مثل الضغوط الأسرية والعائلية والعاطفية والاقتصادية وضغوط العمل.
2- ضغوط غير عادية: كالتعرض للاغتصاب مثلا.
3- ضغوط قصيرة المدى: كالفصل من العمل.
4- ضغوط طويلة المدى: كالإصابة بمرض مزمن.
 

ويجب أن ندرك هنا أن الهدف من إدارة الضغوط لا ينطلق الى التخلص من هذه الضغوط إنما للتخفيف منها، وأول ما يعاني منه الشخص المتعرض للضغط النفسي هو فقدان الصبر والتحمل ومحاولة إنهاء الضغط في حينه وهنا يُعرّض هذا الشخص نفسه إلى مشاكل أكبر وضغوط أكبر من الضغط نفسه. يجب أن يُدرك الفرد أن الحياة لا تسير دائما كما يطمح هواه إنما تتالى بصعودها ونزولها وقد يستمر النزول أيام شهور وأحياناً سنوات وعلى النقيض من ذلك قد يستمر الصعود سنوات تلو سنوات ينسى فيها الفرد أيام الشقاء والتعب..
 

اجعل هدفك التخفيف من الضغط لا التخلص منه، لا تقنع نفسك بعدم القدرة على التغيير، كُن إيجابي في تصرفاتك، لا تعش بردات فعل الآخرين، وكن صاحب قرار في سلوكياتك وتصرفاتك.

في فهمك العميق للمسببات التي تؤدي للضغط النفسي تستطيع أن تستوعب حجم الضغط الذي تعاني منه وأن تصنفه في مكانه الصحيح بعد معرفتك لأنواع الضغوط السابقة الذكر.. فمن أسباب الضغط النفسي:
1- المشاكل الأسرية والعائلية
2- الخسارات المادية المتعاقبة
3- عدم القدرة على الاسترخاء
4- سلوك الإتقان والكمال في كل شيء -إحدى صفات الشخصية الوسواسية-.
5- الفظاظة في التعامل مع الآخرين -إحدى صفات الشخصية المضادة للمجتمع-.
6- الثورات الانفعالية والغضب -التوتر الانفعالي-.
7- فقدان الصبر والتحمل
 

وبعد أن أدركت الأسباب والأنواع بقي عليك القدرة على الربط والتحليل والوقاية باستخدامك للحلول التي تساعدك في إدارة هذا الضغط من خلال الأمور التالية:
– اجعل هدفك التخفيف من الضغط لا التخلص منه.
– لا تقنع نفسك بعدم القدرة على التغيير.
– كُن إيجابي في تصرفاتك.
– لا تعش بردات فعل الآخرين وكن صاحب قرار في سلوكياتك وتصرفاتك
– تجنب أن تبالغ في لوم ذاتك.
– لا تتوقع حدوث الأسوأ.
– عش بالتفاؤل والإيجابية في شتى مناحي حياتك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.