شعار قسم مدونات

بنكيران.. فلتة الزمان وآخر الفرسان

blogs - morocco
مقدمة مقامية:

كان يا مكان في حاضر العصر والأوان، كان بطل مغوار، ذو سيف بتار، أقض مضاجع الفاسدين والمنافسين الأشرار! بل قد صال وجال بلسانه العجيب على خصومه، وهزم به "الجرار"!!
إنه زعيم مقدام، مبدع أيقونة "انتهى الكلام"! يدعى في المملكة: عبد الاله بنكيران

قاد الزعيم حزبه إلى نصر مؤزر يشار اليه بالبنان، و يا للعجب! فقد تجاوز كل الحواجز المزروعة ضده، وحطم "كوابح الأمان"! فأعجب به الصغار والكبار والشبان، وافتتنت به المطلقات والأرامل والفتيات، فقد وصل صداه إلى كافة القرى والأرياف والوديان، فأزعج بذلك من سكن فوق الأرض، ومن تحتها من العفاريت والنفاريت والجان!!


في أوج انتصاره حاصره "حلفاؤه" وشكوه للسلطان! فصاح مزمجرا متحديا المتحالفين ضده من الأقران، وقال: انتهى الكلام…! انتشرت الكلمة في الافاق، وأصابت خصومَه هستيريا كأنها مس من الشيطان، فما كان منهم إلا فكروا وقدروا واتفقوا على ان يُوَلْوِلوا جماعة "بأعذب" الالحان! وذلك بالضبط قبيل وصول السلطان! ليعلم ما فعله فيهم هذا "الوحش الكاسر" المدعو بنكيران! 

دخل الساحة السياسية، صنف جديد من الساسة، حرك المياه الراكدة، في كل اتجاه، وجذب انتباه الجماهير، في طول البلاد وعرضها، وأزعج "الخصوم"، وخلق حركية في الساحة السياسية، و"فرجة " ممتعة غير مسبوقة في المملكة الشريفة.

أَأَنت فعلت هذا فعلا بـ"إخوتك" أيها المتسلط المتكبر المستبد بنكيران؟! أم سولت لهم أنفسهم أمرا فرموك بالمكر والبهتان؟!!
وبكلمة: فقد حقق وحيد الزمان هذا، المدعو بنكيران، ما لم يحققه اليسار بكل الأطياف والألوان! كما لم ولن يحققه سُبات "قومة" العدل والإحسان..!!

المتن:
فيما مضى من السنين والأعوام، كان قطاع عريض من الشعب عازفا عن السياسة، والاهتمام بالسياسيين، أو رموزهم "المملين"، فقد مرت علينا سنوات لا نتذكر فيها اسم الوزير الأول.. وكانت مكاتب التصويت خاوية على عروشها، وصناديق الاقتراع تشكو الفراغ.. وهو ما كان مطلوبا بالضبط، على ما يبدو، ليسهل "التحكم" في النتائج "النزيهة"، فمنسوب "اليأس" من الانتخابات كان مضبوطا ومطلوبا! إذ كلما ازداد منسوب "الثقة" و"الامل" في اللعبة الديمقراطية، "تضطر" المملكة لإعادة ضبطه مجددا حتى لا ينفلت الزمام، ويخرج الأمر عن السيطرة!

ولكن بعد حين من الزمان دخل الساحة السياسية، صنف جديد من الساسة، حرك المياه الراكدة، في كل اتجاه، وجذب انتباه الجماهير، في طول البلاد وعرضها، وأزعج "الخصوم"، وخلق حركية في الساحة السياسية، و"فرجة " ممتعة غير مسبوقة في المملكة الشريفة، بل قد اضطرت "القوى الخفية" للخروج من دهاليزها، لتتولى إيقافه عند حده! وباختصار شديد، فقد أصبح حديث الناس من كافة الشرائح، فالأطفال يعرفونه، والشباب يتابعونه، والعجائز يدعون له، إنه "ظاهرة" بكل ما في الكلمة من معنى..!
وإن كان قد أثار انتباه العامة، فقد اثار -قبل ذلك- انتباه "رجال البلاد" في الغرف الخاصة!.

انطلق "البطل" من عقاله مهددا مزمجرا، حتى أدخل الرعب على "القلوب الضعيفة" من خصومه، ومن خلفهم! فراحوا يبحثون ويقدرون ويفكرون في وسيلة تحد من "انتصاراته" المتصاعدة، فقد تجاوز بسهولة كل "الحواجز" والموانع التي وضعت أمامه، وكأنها عصا موسى تلقف ما يأفكون!
لقد اتسمت مرحلة الفارس المغوار بـ"الحركة" action التي تشد الانتباه، وبـ "الصراع" الذي يحبس الانفاس، بين "البطل" ، (Protagonist) و"الخصوم" (Antagonists)، مما وفر "فرجة" ممتعة

استقطبت جماهير عريضة لمتابعة "المسلسل"، وكان محوره عبد الإله بن كيران بلا منازع، فقد نجح في ما لم ينجح فيه من قبله بكل صراحة وتجرد، حيث جلب الملايين من "المشاهدين" و"النقاد" و"المتابعين" للشأن العمومي، ولـ"لمسلسل الديمقراطي" الذي لم يكن يهتم به إلا "ثلة" من الأولين و"قليل" من الآخرين! ولكن مع وصول "البطل"، انتصب "الخصوم" من كل حدب وصوب، وكثر "المتعاطفون"، وظهر "النقاد" من كل مكان، ودخل في معارك مع الجميع! والجمهور يتابع باهتمام بالغ..!.


وكأنها "ريح" وعي سياسي "طيبة"، أصابت المملكة الشريفة من شرقها إلى غربها ومن شمالها لجنوبها، مع وصول "البطل"!
فها هي النقابات تنتفض، والموظفون يتذمرون، والمعطلون يتظاهرون، والقضاة والعدول يغضبون، ناهيك عن التيارات النسائية والأمازيغية واليسارية والحقوقية ووو…، الجميع دخل في "معركة" مفتوحة مع "الفارس المغوار"، وقبيل "معركة" السابع من أكتوبر، تولى "خصمه اللدود" -ومن خلفه- فجمع كيده ثم أتى، ولكنه جاء بمسيرة "شوهاء" عوجاء عرجاء شكلت "فضيحة بجلاجل"! فكان لبطلنا النصر المؤزر! ولكن "الخصوم" لم يستسلموا..!


أمام هذه الحركة والحيوية التى دبت في أوصال المملكة، والتى كان "سببها" شخص واحد، إذ شكل "رأس حربة" تقليدية، بل إنه "الرأس الناسف" للصاروخ الباليستي!! كان لا بد من المطالبة بهذا "الرأس" ووضع حد لهذا المد المتصاعد، الخارج عن السيطرة، و"رأفة" بالخصوم الضعاف، كان لا بد من الاستعانة بـ"المدفعية الثقيلة".. 
لم يترك "البطل" أحدا محايدا أبدا داخل المملكة وخارجها، فإما أن تصدقه فتحبه، وتتعاطف معه، وتدعمه، وتناصره، وإما أن تكذبه وتكرهه، وتهاجمه، وتقف ضده..!


سيفتقد الناس "الصراحة" و "الصراع" و"الحركة" و"الإثارة"، ليعودوا مجددا للغة الخشب والابتعاد عن الشأن السياسي، وكذا الابتعاد عن المصباح، الذي كان ذات يوم أملا صدقه الناس قبل أن "ينبطح" مراعيا لغضب رئيس الدولة عليه!

فريد الزمان:

إنه فعلا فريد الزمان!
من ذا الذي يستطيع أن يتخذ قرارات قاسية "لاشعبية" ومع ذلك تزداد شعبيته؟!
من ذا الذي يعبر عن حبه الشديد للملك ليل نهار دون أن يؤثر ذلك في شعبيته؟!
من ذا الذي ينقذ "الدولة"، ويقدم لها "خدمات" غير مسبوقة، ويملأ خزائنها بالملايير وهي "تتوجس منه"؟!
من ذا الذي تعتبر "أخطاؤه السبعة"! ونقاط "ضعفه" الثمانية!! هي نفسها "منجزاته" ونقاط "قوته" وسر انتصاراته؟!!
من ذا الذي يستطيع – غيره – أن يحب الملك و يطيعه وينبطح أمامه، ويطوح بأصدقائه ويعرض بهم وينصحه علانية، وعلى الهواء مباشرة بالابتعاد عنهم؟!!
إنه فعلا فريد زمانه!

وأخيرا:
لقد أرغم "البطل" على الخروج من المعركة وهو في أوج انتصاراته، لقد منع الفارس المغوار من الاستمتاع بانتصاره على خصومه، لقد اذهلت "شعبيته" المتصاعدة الجميع، فكان لا بد من إيقافها "بقوة قاهرة"، حتى لا تخرج غدا عن السيطرة، فقد عجز الجميع عن اكتشاف "زر الإيقاف" OFF لهذا "الوحش الكاسر" ، ولذلك اتفق الخصوم على البكاء والصراخ والعويل في وقت واحد، قبيل وصول الملك من السفر، لعله ينقذهم من "ظلم" الفارس المستبد ، وكذلك كان…!!


ملاحظة خارج المتن!

بعد ترجل البطل أسندت "البطولة" لشخصية ثانية قامت بنسف "الحبكة" The plot التي شدت انتباه الجماهير حيث قام بتخريب "الفرجة" وتسبب في "انهيار" الترابط المنطقي للدراما، حيث قام بنقل أحد "الخصوم" إلى معسكر البطل، بدون أي مبرر درامي مقنع للمشاهد مما أربك المشاهدين، وأثار سخطهم الشديد.


الخشية من فقدان الشهية تماما في متابعة "البطل الجديد"، الذي يبدو "مملا"، ولا يملك من عناصر "الفرجة" شيئا يذكر!! بل إنه عكس من سبقه تماما، حيث سيفتقد الناس "الصراحة" و "الصراع" و"الحركة" و"الإثارة"، ليعودوا مجددا للغة الخشب والابتعاد عن الشأن السياسي، وكذا الابتعاد عن المصباح، الذي كان ذات يوم أملا صدقه الناس قبل أن "ينبطح" مراعيا لغضب رئيس الدولة عليه! ومستهينا بغضب الشعب الذي لن يرحمه.
 

وإذا لم يتب عن "غيه" ويعمل "صالحا" يرضاه الشعب، فلا أمل إلا أن يخرج من صلبه "تيار" قوي يحمل المشعل، ويبعد عنه "المنهزمين" الذين "هرموا"، وإلا فعلى المصباح السلام والسلام!!! 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.