شعار قسم مدونات

أحسُّ بالسعادة كلما فعلت خيرا

blogs السعادة
السعادة قد تكون شعورا مشتركا بين الأفراد أو شعورا فرديا يحس به الفرد في حالة من حالات الحياة المعاشة (مواقع التواصل الاجتماعي)

يفتقد هذا العالم الذي نعيش فيه إلى مجموعة من القيم الإنسانية التي جعلت من الإنسان عدوا لأخيه الإنسان، وأصبحت العلاقة بين الأفراد مبنية على المصالح والأطماع الذاتية. أصبح المجتمع متنافيا مع قيمه الأخلاقية ومتماشيا مع قيم جديدة أفقدته إنسانيته وتعاطفه مع غيره. ولا شك أن الكل يبحث عن السعادة، هذا الإحساس الذي افتقدناه كثيرا وأصبح نادرا جدا، خصوصا في ظل مجتمعاتنا المنغلقة والتي تبنت ثقافة جديدة أبعدتها عن أصلها وجذورها. فالسعادة ذلك الإحساس الذي غالبا ما يكون ناتجا عن راحة نفسية أو مفاجأة تجعلنا نضحك ونبتسم من غير أن ندري.

السعادة قد تكون كذلك شعورا مشتركا بين الأفراد أو شعورا فرديا يحس به الفرد في حالة من حالات الحياة المعاشة. وغالبا ما تكون السعادة فعلا مشتركا يجمع بين فاعل للخير ومتلق له (الشخص السعيد).

شخصيا، لا أجد السعادة إلا في فعل الخير وتقديم المساعدة للآخرين كلما استطعت إلى ذلك سبيلا. ففعل الخير وتقديم المساعدة يجعلنا نحس بشعور لا يمكن وصفه، فتجدنا نبتسم دون أن نعرف لماذا، وفي بعض الأحيان نقضي اليوم كاملا تحت تأثير طاقة إيجابية لا نعرف سببها. ولكن، لا جدال أن السعادة مرتبطة ارتباطا وثيقا بسلوكنا اليومي وتصرفاتنا تجاه الآخرين. فكلما كانت تصرفاتنا أخلاقية وإنسانية؛ أحسسنا أن هناك طاقة تولد بداخلنا بدون أن نعرف السبب. لأن هذا الشعور الداخلي (السعادة) يجتاحنا فجأة كلما فعلنا شيئا عن إرادة أخلاقية ووعي إنساني نفضّل فيه الآخر عن الذات.

إن الحياة لا تصلح لشيء إن لم نفكر في مصير الآخرين في الوقت الذي نفكر فيه في مصيرنا. إن الحياة لا تصلح لشيء، إن لم نشارك ما نملك مع الذين لا يملكون شيئا. إن الحياة لا تصلح لشيء، إن كنا لا نستطيع مساعدة من هم بحاجة إلينا ولو بكلمة بسيطة

كما أن الإنسان المتواضع والذي يقدم المساعدة دون سابق طلب، دائما ما تجده مرتاحا من الناحية النفسية، أي أنه إنسان يتمتع دوما بتفكير إيجابي عن الحياة. ولطالما أحسست أني أملك كل شيء حينما أبتسم بعد مساعدة عجوز أو رجل مسن أو أترك مقعدي لامرأة حامل أو شخص أكبر مني سنا (على سبيل المثال لا الحصر). هذا الشعور الغريب يجعلني في حالة من الفرح العجيب، غالبا ما يكون مستمدا من حالة الشخص الذي ساعدته. فبمجرد أن نسمع كلمة شكر من الآخرين، تخلق هذه الكلمة بداخلنا إحساسا نفسيا عجيبا. إن فعل الخير من الأشياء البسيطة جدا، لكن تأثيرها كبير قد يغير مسار حياتنا بالكامل. فتصرفاتنا وسلوكياتنا مع الآخرين هي أساس الحفاظ على التوازن النفسي والشعور بالراحة والاعتدال. فيكفي فقط، تقديم القليل من المساعدة لنحس أن شعورنا تغير بالكامل وأصبحت طريقة تفكيرنا مغايرة تماما لما كانت عليه من قبل.

فالأخلاق هي السبيل الوحيد لتقدم أي مجتمع أيا كان نوعه وأصله. يكفي فقط أن نكون من الذين يحبون الخير للجميع لنغير نظرتنا ونظرة الآخرين لنا. فالذاتية وحب التملك والغرور والتكبر، تصرفات لا تصلح لشيء بقدر ما تكون سببا في تدمير حالتنا النفسية ونفورنا من المجتمع الذي ننتمي إليه. سبق أن قال الشاعر الكوري الكبير كيم سات جات "إن الحياة لا تصلح لشيء إن لم نفكر في مصير الآخرين في الوقت الذي نفكر فيه في مصيرنا. إن الحياة لا تصلح لشيء، إن لم نشارك ما نملك مع الذين لا يملكون شيئا. إن الحياة لا تصلح لشيء، إن كنا لا نستطيع مساعدة من هم بحاجة إلينا ولو بكلمة بسيطة قد تكون سببا في تغيير نفسيتهم ونظرتهم للوجود". فالإنسان السعيد هو ذلك الشخص الذي يفكر في الآخرين قبل التفكير في ذاته. فالآخر هو مرآة الذات، فكلما كان الآخر مرتاحا لوجودنا؛ انعكس ذلك إيجابا على حالتنا النفسية. والانعكاس الإيجابي يعني أن نحس أن سعادة الآخرين هي ثمرة جهدنا، أو على الأقل نحس أننا كنا سببا في ذلك.

افعلوا الخير كلما استطعتم، فيوم لك ويوم عليك. اليوم أنت تملك كل شيء وغدا قد لا تمتلك شيئا. ففاعل الخير عادة ما يحصل على خير مضاعف دون أن يدري. افعلوا الخير ولا تستعجلوا، واعلموا أن في فعل الخير أشياء لا يشعر بها إلا فاعله. افعلوا الخير ولا تستعجلوا حسابكم، فثمرة السلوك النبيل لا موعد لها. إن السعادة الحقيقة هي عندما نحس أننا فعلنا شيئا لم نكن نتوقع نتيجته، ففي بعض الأحيان تتجاوز النتائج توقعاتنا مما يدفعنا إلى الإحساس بالفخر والارتياح والتفاؤل والرضى عن الذات.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.