شعار قسم مدونات

نجاح مادي بلا روح

blogs النجاح

هل استطعت النجاح يوما في مجال لا تحبه.. ميدان لا يعنيك ولا يمثلك في شيء؟ أتعتبر أن عبورك من مرحلة دراسية لأخرى في مجال معين "نجاح" إذا انعدم حبك وشغفك لهذا المجال؟ أتشعر بالنجاح حقا لحصولك على راتب محترم من مهنة لا تمثلك؟

الإنسان هو كتلة مشاعر قبل حركة ووظائف، فهو بحاجة ماسة إلى أن يشعر ويلمس نجاحه لا أن يطلق عليه انه" ناجح" وفقط ! الإنسان بحاجة أن يذوق طعم النجاح.. أن يبتسم بعمق وتدمع عيناه فرحا بما حقق، بحاجة إلى استعادة ثقته بنفسه بعد كل عمل ينجزه، بحاجة إلى نفس عميق بعد كل نجاح يحققه، نفس يشعره براحة نفسية تلخص رضاه الكامل عن نفسه وتزوده بجرعة طاقة لا عادية تمنحه القوة والعزيمة والاستمرار نحو التميز …!

مؤلم جدا أن تستيقظ كل صباح وأنت مفعم بالطاقة، وتتجه صوب عمل لا تحبه، أو دراسة لا تمثلك ولا تعنيك في شيء.. مؤلم حقا أن تتذكر وأنت تعمل، تناضل وتكافح من أجل "النجاح" أنك لن تذوق طعمه أبدا، فأنت لست في المكان الأنسب لك!
 

الإنسان في حاجة إلى أن يبدع ليشعر بالسعادة، فالنجاح الخالي من الإبداع يساهم في تحطيم معنويات المرء بدل رفعها وتزويده بجرعة الثقة في النفس والرضا

ستتحسر على كل الجهد الذي تبذله وكل الطاقة التي تستنزفها بغية الوصول.. حين تدرك أنه بالأصل لا يوجد مكان لتصل إليه.. فأنت تعمل بلا هدف بلا أمل، تعمل فقط لأن ظروفك حتمت عليك أن تعمل وبالتالي تفقد رغبتك العميقة تلك وطموحك الكبير ذاك ويصبح النجاح بالنسبة لك مادي بلا مشاعر بلا أحاسيس وبلا روح! نجاح من أجل النجاح وفقط.

الإنسان في حاجة إلى أن يبدع ليشعر بالسعادة، فالنجاح الخالي من الإبداع يساهم في تحطيم معنويات المرء بدل رفعها وتزويده بجرعة الثقة في النفس والرضا، وهذا الإبداع لا يمكن أن يتحقق إلا بحبك لعمل تقدمه، فحين تكون في المكان الذي تحب وتعشق.. الأكيد أنك ستعمل جاهدا لتصنع بصمتك الخاصة، بصمتك التي ستجعل منك شخصا ناجحا لا محال، لكن حين تغيب بصمتك فيما تقدم ستغيب بذلك رغبتك في الاستمرار، كأن كل ما تجنيه تحصيل حاصل أو ملأ فراغ بفراغ مليء! فكلما زاد حبك لعملك كلما زادت ثقتك في نفسك وزادت قدرة إبداعك ونبوغك فيه.

في الختام أريد أن أقول لكل من حتمت عليه الظروف عالم بعيد كل البعد عما كان يحلم به.. إذا استطعت أن تقاوم الواقع وتتعايش وتتأقلم مع جو مهني أو دراسي لا يمثلك، فلتعلم فقط أنك إنسان خارق حقا! أنت استطعت فعل ما لم يفعل الكثير.. ولتعلم أن وراء نجاحك المادي ذاك هدف ضمني حققته، لم تشعر به ولم تكترث لأمره أجل.. لكنك استطعت على الأقل أن تعترف وتثبت لنفسك أنك "تستطيع" وأنه بإمكانك فعل الكثير والكثير بعد .. قيل أن "النجاح هو مقدار ارتدادك الأعلى بعد ارتطامك القاع".. إذن ماذا تنتظر ! اطمح، ناضل وابحث عن النجاح في مكانك الصحيح…! 
 

اعلم جيدا أنه قد يبدو الأمر غريبا ومخجلا بالنسبة لك.. فكيف لك بعد أن ولجت ميدان معين أن تفكر في أحلامك وطموحاتك الماضية مثلا.. لكن تأكد فقط أنه ما دامت هناك حياة الأكيد أن هنالك أمل.. وستصل يوما وتنجح في المجال الذي تحبه.. إن لم يكن اليوم فغدا.. لكنك ستصل حتما!  فقط كن واثق بقدراتك وكن مؤمن أنه ستدمع عيناك الجميلتان يوما فرحا بما طمحت إليه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.