شعار قسم مدونات

وجدت نفسي مع الله

مدونات، عبادة

الكثير منا يملك كل شيء يريده؛ مال، بنون، بيت وعمل لكن مع ذلك دائما ما يشعر بوجود فجوة عميقة تحول بينه وبين إحساسه بالسعادة أو تمتعه بالحياة حيث يجد نفسه دائما وحيدا حتى ولو كان العالم كله معه. أنا أيضا كنت كذلك تائهة مشوشة أعارض دائما قدري وأحزن على فقدان أي شيء أو عدم الوصول إليه وكأنني أعاند ما كتبه الله لي، لدرجة كنت أعتقد فيها أن عبارة إن شاء الله التي أحصل عليها كجواب من والدي تعني الرفض لمطالبي مباشرة، ربما لم أكن أستشعرها بعد أو ربما إيماني كان طفوليا يريد كل شيء لأجل لا شيء.
 
أما في اليوم الذي نضج فيه إيماني بدأت أدرك أنني بالفعل بحاجة إلى وجود علاقة خاصة تملئ فراغي العاطفي والعقلي علاقة تغنيني عن العالمين. هي علاقتي برب العالمين التي كان اضطرابها سبب شقائي وشقاء الكثيرين. لن أكذب إذا ما قلت أنني بدأت الصلاة من سن التاسعة لكنها كانت واجب فقط أو ربما خوفا من عقوبة أبي وأمي اللذان كانا يربطا تركها بأن نعذب في النار وليس الالتزام بها هو ضمان دخولنا الجنة.

أما بعد أن وجدت طريقي وفهمت أن الصلاة ليست سجودا وركوعا بالجسد فقط بل إنها الرابطة القوية والصلة الصلبة التي تجعل علاقتي بالله قائمة دائما أدعوه فيستجيب لدرجة أنني أصعد لأعلى قمة ببيتنا لكي لا تحول الجدران بيني وبين السماء أو بالأحرى بيني وبين ربي، استشعرت بالفعل مكانتها داخل حياتي كيف استطاعت أن تغيرني من ضعيفة يائسة إلى قوية مفعمة بالأمل والأمان.
 

لست بواعظة ولا مرشدة دينية بل مجرد كاتبة بسيطة وجدت نفسها مع الله فضاقت بها فجوات الوجع وخف صوت الألم لتصبح حياتي أجمل مع الله.

كان يلفت انتباهي في كل مرة أصلي فيها ارتدائي للحجاب فقلت مع نفسي الله لا يوجد فقط في الصلاة هو معي في كل مكان ألا أخجل منه ومن نفسي عند ارتدائي الحجاب عند الصلاة ونزعه خارجها ألا أكون من المنافقات، من ذلك اليوم قررت أن أرتديه على الدوام حبا وعشقا لأنه لم يعد يعنيلي مجرد غطاء رأس بل صار جزء مني ومن شخصيتي وصون لعفتي وسمو لمكانتي، وجدت فيه حريتي وليس قيدي أصبح مصدر فخري واعتزازي بالانتماء لهذا الدين القيم.
 
إن إيماني بأن الله سبحانه وتعالى هو وحده صاحب الكمال المطلق، ووحده جل جلاله يمتلك من الصفات العلى ما يجعلني أطمئن أن كل ما شرعه وسنه هو خير لي، حتى صلاح حياتي واستقامتها وسعادتها مرتبطة دائما بإتباع طريق الله التي وجدت فيها ذاتي وراحتي وارتقيت بها كثيرا في سلم الدراسة والعمل لأن شعاري كان دائما أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا وبالفعل جزيت في كل مرحلة من حياتي على قدر سعي وإصراري على العمل الخالص لوجه الرحمن الرحيم، حتى أنني تخليت عن الكثير من الأشياء التي كنت أرغبها بشدة ليس خوفا بل خشية منه.

لذلك قد يتخلى عنك الجميع ويبقى الله معك، فاختر دائما أن تكون معه، اختر هذا الطريق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. أن تجد نفسك مع الله يعني الصبر في الضراء والشكر في السراء، فتصل إلى مرحلة من الإيمان تصبر فيها على أيام الشدة التي تمر عليك وتسأل الله الفرج وفي أوقات الفرح والسرور تشكره على فضله فتصبح أكثر قناعة بالحياة. استشعرت عظمة الخالق في قلبي فتيسرت حياتي، أ أخبركم سر السعادة في الحياة هو الصدق مع الله ومع النفس ليس بالتمني والمظاهر كما نرى داخل مجتمعاتنا العربية للأسف وإنما يقين من القلب بنية صادقة وخالصة كلها لله الشيء الذي يعني تلقائيا أن تكون صادقا مع الغير في تعاملك وأخلاقك واحترامك للاختلاف وتمثيل الإسلام في أجمل وأعظم صورة.

كتبت هذه السطور بصدق كبير أردت أن أشارك تجربتي مع كل شخص كان يعتقد أن الحياة تتوقف عند مطباتها فيسلم نفسه للاكتئاب وأمراض النفس بدلا من أن يسلمها لله، لست بواعظة ولا مرشدة دينية بل مجرد كاتبة بسيطة وجدت نفسها مع الله فضاقت بها فجوات الوجع وخف صوت الألم لتصبح حياتي أجمل مع الله.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.