شعار قسم مدونات

من فضلك.. احذَر شبحَ السرطان

blogs سرطان

السَّرطان! الوحش المفزع الذي بات يجتاح المنازل بلا ميعاد ويقتطف الزهرة تلو الأخرى من مجتمعنا الذي لازال يتجاهله عن قصد! نحن لم نخطئ عندما أرعدتنا هذه الكلمة لعشرات بل مئات السنين، لكننا أخطأنا في تناسيها واعتبارها كلمةً محظورة يمنع قولُها أو النقاش في أمرها لأنّها في أغلب الأحيان ما تحلِّ معها نائبة وتنتزع عُمُرَ الشخص المكافح الذي مرّت به وأردَته! نعم، لهذا نتخوّف منها، لأنها وفي كثيرٍ من الأحيان تكتُب النهاية على كفِّ أيامها التالية لها.
 

لكن ماذا إن كُنَّا نستطيعُ تدارك الأمر، نعم نستطيع! بفضل الله فقد توصَّل العلم لإحصائياتٍ تضع دائرة حمراء حول عدة عوامل في حال تواجدها فإنا تزيد خطر الإصابة بالسرطان، ولكلِّ نوعٍ من أنواع السرطان عوامل تختلف عن الأخرى، فمن الطبيعي أن تكونَ نسبة الإصابة بسرطان الثدي أعلى عند النساء مثلاً، في حين تزيد احتمالية الإصابة بسرطان البروستات عند الرجال وتزيد بشكل خيال نسبة الإصابة بسرطان الرئة عند المدخنين وسرطان القولون عند من تجاوز الخامسة والستين، هذه عوامل واضحة لكن هناك الكثير من العوامل الأخرى التي لابد من تسليط الضوء عليها ويصعب اشتمالها جميعاً في مقالٍ أو عشرات المقالات، لكنها موجودة ومودونةٌ هناك في عديد من المواقع والنشرات والمجلات الطبيَّة التي تحثُّ على الفحص المبكِّر لتفادي حدوث الكارثة العظمى!
 

لا تتجاهل أيَّ إشارةٍ غريبةٍ من جسدك تخبرك أن هناكَ أمراً خاطئاً يحدثُ في الداخل وعليك الاطمئنان على نفسك! والأهم، لا تخجل من الشَّك فيه وإن لم يكُن واضحاً فهو يبدأ بصمتٍ تامٍ ولا يحدث إشارة إلا بعدَ أن يعوث الفساد!

للأسف نحن في مجتمع تنتشر فيه ثقافة العيب، ما العيب في قدرٍ كتبه الله على المرء! لو أننا نترك الالتفات لكلام المجتمع المليءِ بالقيل والقال ونركّزُ على أنفسنا فهذا خيرٌ لنا! أظن أنَّ الغالبية تعلم أن الرحلة مع السرطان أمرٌ عسير! فقد امتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالعبارات التي تتحدث عن النار التي تشتعل في جوف مرضى السرطان عند أخذ جرعات الكيماوي، لكنها تتوقف هناك، فلا يصل شعور الألم الحقيقي للقارئ الذي يستبعد تماماً احتمالية وجود تلك الخلايا لامتناهية الذكاء في إحدى أعضاء جسده تفتُك بخلاياه دون أن يشعر! وبصمتٍ مجحفٍ تقتنصُ عمره!

ليس كل قارئٍ مصاب بهذا المرض، لكن هناك الكثير من القرّاء المصابون به بالفعل! لكنهم وللأسف الشديد لا يَعُونَ ذلك، أكتُبُ بحسرة على آلاف الحالات التي استيقظت على حُطامِ ما تبقى من روحها التي نهشها السرطان لعدة سنينٍ دونَ أن تعلم بوجوده هناك، في داخلها! يبدؤُ صغيراً في محلِّه ثم يكبُرُ شيئاً فشيء ويغدو عمره أطولَ مما تبقى من عمرِ المصابِ به! بل وأنه لا يكتفي بهذا وحسب بل يجوب أرجاء الجسد ويبدأ باكتساحِ باقي الأعضاء وإتلافها بالكامل! فملايين الحالات شخصت بتلفٍ في إحدى الأعضاء وعند الفحص تبيَّنَ أن المتسبب هو ذلك الورم القابع في عضوٍ آخر كسرطان الثدي الذي يعطي نفسه الأحقية في التوسُع وبدء النمو في الكبِد أيضاً!
 

هوَ يبدأ صغيراً هذه هي الكلمة المفتاحية في الحديثِ كلِّه! فإن تمَّ تشخيص المرض في مراحله الأولى فالمصاب معافاً بإذن الله بنسبةٍ عاليةٍ جداً، فالورم لا يزال حديث الولادة ومقدورٌ عليه! أمَّا في حينِ اكتشافه بإحدى المراحل المتأخر تقِلُّ نسبة الشفاء من الداء! وتطول رحلة المريض مع العلاجات السقيمة التي تحوِّل أيامه إلى جحيم بدءاً من إخباره بالمرض في تلك اللحظة المشؤومة التي تتساقط فيها أحلامه وخططه المستقبلية أمام عينيه وانتهاءً بالحل الوحيد وهو العلاج، ليس لأحدٍ أن يسمعَ الصرخة المتفجرة في جسد المريض إثر العلاجِ الكيماوي! فتغدو الصباحاتُ قاحلةً سوداءَ بلا لونٍ ولا معنى مع خصلاتُ الشعر التي تتهاوى واحدةً تلو الأخرى وتبدأ الملامح بالشحوب، يهزُل الجسد فتبرُزُ عظامُه مع انقطاعٍ الشهية عن الطعامِ والشراب والحياة! يذوب الإحساس شيئاً فشيء وتتبعه الذاكرة بلا سابق إنذار للتركَ صاحبها طريحَ الفراشِ بعدَ أن خارت قواهُ وتلاشَى بصيص الأمل من قلبه مع دموعِ محبّيه الذينَ تقطَّعت أوصالهم على محبوبهم الكسير!
 

لقد أخبرتني بهذا الكلامِ صديقة من واقع تجربتها مع عزيزٍ عليها رحَل عن أهله مودّعاً في ظرف ثلاثة أشهر! وانطوت معه الذكريات التي تبكيه في كلِّ ليلة -رحمه الله-، علَّ أقسى ما وصفت كانَ عبارة: كانَ يصرخ فجأة وليسَ باليدِ حيلة لفكِّ ألمه عنه! وأحياناً تقترب منه فتجدُ دماءهُ قد فارت وغمرته فيصيبك الرعب في كونه حياً أم فارق الحياة!
 

اقرأ المزيد وابحث عن النقاط الأساسية التي تصاحب الأنواع الأكثر انتشاراً من السرطان وانشر الوعي في نفسك وفي من حولك، كن سبباً في إنقاذ أحدهم من الدوامة الدامية مع السرطان فهو لا يمازُح صاحبه أبداً!

كلُّ هذا نقطة في بحر العواصف المريرة التي يمر بها مريض السرطان! هو أعتى بكثيرٍ من الألم الذي أطاحَ بك إثر سنك الذي حرمك النوم! بل وأعتى من أشدِّ الآلام التي علمتَ لها نهاية دون انقطاع أنفاسك! لم العناء إن كان بالاستطاعة تجنُّب تفاقم الأمر والأخذ بالأسباب! ألا تكفي الأرواح التي أزهقت إثر هذا الوباء المروِّع! من فضلك لا تتجاهل طلابَ الجامعات المنتشرين في المجمعات التجارية للتوعية عن هذا الكابوس!
 

ولا تتجاهل المقالات العلمية التي تتحدث عن الأطعمة المسببة له والأطعمة التي تحميكَ منه (مضادات الأكسدة)! ولا تتجاهل أيَّ إشارةٍ غريبةٍ من جسدك تخبرك أن هناكَ أمراً خاطئاً يحدثُ في الداخل وعليك الاطمئنان على نفسك! والأهم، لا تخجل من الشَّك فيه وإن لم يكُن واضحاً فهو يبدأ بصمتٍ تامٍ ولا يحدث إشارة إلا بعدَ أن يعوث الفساد! والخاسر الوحيد هو من يكتشف وجوده في مراحله المتأخرة وللأسف هذه هي الحال في بلادنا اليوم على الرغم من وصولِ العِلم إلى ذروته!
 

باستطاعتنا إنقاذ ملايين الضحايا من الأحباب والأقرباء بنصحهم بالفحص المبكر وبنشر الوعي عن السرطان حتى وإن لم تكن في مجالٍ طبي اقرأ المزيد وابحث عن النقاط الأساسية التي تصاحب الأنواع الأكثر انتشاراً من السرطان وانشر الوعي في نفسك وفي من حولك، كن سبباً في إنقاذ أحدهم من الدوامة الدامية مع السرطان فهو لا يمازُح صاحبه أبداً!
 

ختاماً، الأعمار بيد الله الواحد القهار الذي إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون، فكم من سليمٍ دبَّ فيه السقم وكم من سقيمٍ كتبت له السلامة بأمرٍ من الله تعالى. أعانَ الله كلَّ مصابٍ وخفف عنه بلاءه وألهمه الصبر والقوة والعزم وشافاهُ مما أصابه، ورحماتُ الله على الأرواح التي كافحت وارتحلت إلى ربِّ السماء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.