شعار قسم مدونات

أنين الكتب

blogs- القراءة
ﻛأﻥ ﺷﺄﻧﻲ ﺷﺄﻥ ﺃﻱ ﻛﺘﺎﺏ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﻗﺮﻭﻳﺔ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻏﺎﺋﺮﺓ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺳﻔﻮﺡ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ. ﻛل ﻤﺎ ﺃﺻﺒﻮ ﺇﻟﻴﻪ ﻫﻮ ﺃﻥ ﺗﺄﻓﻞ ﺷﻤﺲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻭﺗﺤﻞ ﺩﻟﺠﺔ ﺍﻟﻠﻴﻞ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻔﺎﺭﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ ﻋﻤﻠﻪ ﻓﻴﺴﺘﺒﺪﻝ ﺃﺳﻤﺎﻟﻪ ﺍﻟﺒﺎﻟﻴﺔ ﺗﺄﻫﺒﺎ ﻟﻠﺤﻈﺔ ﺍﻟﻮﺻﻞ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ، ﺑﻌﺪ ﻧﻬﺎﺭ ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﺍﻻﻏﺘﺮﺍﺏ. 
 
ﻛﻠﻤﺎ ﺣﻞ ﺑﺼﻔﺤﺎﺗﻲ ﺷﻌﺮﺕ ﺑﻨﻈﺮﺍﺗﻪ ﻭﻟﻤﺴﺎﺕ ﺃﻧﺎﻣﻠﻪ ﻭﻋﺒﺚ ﻣﺪﺍﺩﻩ ﺑﺤﻮﺍﺷﻲ، ﻛﻨﺖ ﺃﺣﺲ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﻫﻲ ﺗﺘﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺤﺎﺗﻲ ﺃﻧﺎﺀ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺃﻃﺮﺍﻓﻪ، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻼﻭﺗﻪ ﻟﻲ ﺗﻐﻤﺮ ﺟﻔﺎﻑ ﻗﻠﺒﻲ ﻭﺗﻼﻣﺲ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻪ ﻭﺗﺮﻭﻱ ﺃﺟﺎﺫﻳﺒﻪ ﻓﺘﺰﻫﺮ ﺧﻼﻳﺎﻩ؛ ﻣﺎﻛﻨﺖ ﺃﺑﺪﺍ ﺃﻗﺎﺑﻠﻪ ﺑﺎﻟﺠﻔﺎﺀ، ﻟﻘﺪ ﺃﻋﻄﻴﺘﻪ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻘﺪﻣﺎﺀ ﻭﺃﺑﺪﻳﺖ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻌﻈﻤﺎﺀ. ﻭﺑﻤﺎ ﺃﻧﻨﻲ ﺃﺩﻋﻰ ﻣﻌﺠﻢ ﺍﻟﻌﻴﻦ "ﻟﻠﻔﺮﺍﻫﺪﻱ" ﺃﻱ ﺃﻧﻨﻲ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﻛﻞ ﻛﺘﺎﺏ ﻳﻘﺮﺃﻩ، ﺃﻱ ﻣﻔﺘﺎﺡ ﻟﻤﻐﺎﻟﻴﻖ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﻭﺍﻟﻤﺼﻄﻠﺤﺎﺕ، ﻟﻬﺬﺍ ﺗﺮﺍﻩ ﻳﺪﻣﻦ ﻣﺠﺎﻟﺴﺘﻲ ﻭﻳﻜﺜﺮ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻲ ﻛﻠﻤﺎ ﺇﺳﺘﺼﻌﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺄﺭﺏ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﻔﺤﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻄﻠﺐ.

ﻛﻨﺖ ﻻ ﺃﻓﺎﺭﻕ ﻣﻜﺘﺒﻪ ﺍﻟﺨﺸﺒﻲ، ﺃﺗﺪﻓﺄ ﺑﻘﺮﺑﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﺃﺷﻌﻞ ﻣﺒﺮﺍﺳﻪ ﻟﻴﺴﻄﻠﻲ ﺑﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﻤﺨﺮ ﻋﺒﺎﺏ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ. ﻭﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﻣﺮﺓ ﻭﺑﻴﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺟﻠﻮﺱ ﻧﺨﻤﻦ ﻭﻧﺘﺤﺪﺱ ﻓﻴﻤﻦ ﻳﻈﻔﺮ ﺑﺈﻋﺠﺎﺏ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ ﻟﻴﺘﺮﺑﻊ ﻋﻠﻰ ﻋﺮﺵ ﻣﻜﺘﺒﻪ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ، ﺇﺫ ﺍﻃﻠﻊ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ ﺍﻟﻤﺜﻘﻒ ﺑﻜﺘﺎﺏ ﺟﺪﻳﺪ ﻭﻓﻨﺠﺎﻥ ﻗﻬﻮﺓ، ﻛﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ ﻫﻮﺱ ﺍﻻﻃﻼﻉ ﻭﻭﻟﻊ ﺑﺎﻟﺤﺮﻭﻑ .

ﻟﻘﺪ ﻣﺎﺕ ﺍﻟﺮﺟﻞ، ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﺍﻋﺒﻨﺎ، ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﺮﺃﻧﺎ! ﻓﺸﻴﺪ ﺟﺜﻤﺎﻧﻪ ﺃﺑﻨﺎﺅﻩ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺑﺘﻠﻮﺍ ﺑﻤﺎ ﺑﻠﻲ ﺑﻪ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﻣﻦ ﺣﺐ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﻌﺔ. ﻓﺎﻧﺼﺮﻓﻮﺍ ﻓﻲ ﺭﺣﻠﺔ ﻧﺤﻮﻋﺎﻟﻢ آﺧﺮغير عالمنا نحن الكتب.

ﻻ ﺃﻋﻠﻢ ﻟﻤﺎ ﺣﻈﻴﺖ ﺍﻟﻘﻬﻮﺓ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﺒﺠﻴﻞ ﺣﺘﻰ ﺃﺯﻟﻔﺖ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﻧﺎﻟﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻈﻮﺓ ﺍﻟﺴﺎﻣﻘﺔ! ﻓﻄﻔﺎ ﺟﻮ ﺍﻟﺨﻴﺒﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﻤﺤﺪﺳﻴﻦ ﻛﻤﺎ ﻳﻄﻔﻮ ﻗﺎﺭﺏ ﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﺑﺎﺣﺜﺎ ﻋﻦ ﺑﻘﺎﻳﺎ ﺍﻟﻐﺮﻗﻰ. ﻓﻬﻤﺲ ﺃﺥ ﻟﻲ ﻣﻦ ﺃﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻑ ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻪ ﻣﻬﺘﻢ ﺑﻤﺎ يستقبل ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﺃﺣﺴﺒﻪ ﻳﺤﻮﻱ ﻣﻘﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﻨﻈﺮ "ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ ﺍﻟﻤﻨﺠﺮﺓ" ﺑﺼﻮﺕ ﻣﺒﺤﻮﺡ! همس لي ﻛﺄﻧﻪ ﻳﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﻇﻠﻢ ﻟﺤﻘﻪ ﻗﺎﺋﻼ ﻭﺩﻣﻮﻋﻪ ﺣﺮى ﺳﻜﻮﺏ، ﺇﻧﻲ ﻷﺭﻯ ﺳﺤﺎﺑﺔ ﻣﻘﺒﻠﺔ ﻓﺘﺎﻛﺔ ﺗﻌﻠﻦ ﻋﻦ ﻗﺮﺏ ﺧﺮﺍﺏ ﻣﻜﺘﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ . ﺛﻢ ﺻﺪﺡ ﻓﻨﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻣﻨﻬﺎ .. ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﻓإﻧﻨﻲ ﻷﺭﻯ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻜﺘﺒﺔ آﻳﺒﺔ ﻧﺤﻮ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ أﻳﻀﺎ!

ﻭﻓﺠﺄﺓ ﻋﻢ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ؛ ﺍﻟﻌﻘﺮﺏ ﻳﺸﻴﺮ إﻟﻰ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻟﻴﻼ ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻣﻘﺒﺮﺓ ﻣﻬﺠﻮﺭﺓ، ﻻ ﺻﻮﺕ ﻳﻌﻠﻮ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻴﺲ ﻗﻠﻢ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ ﻭﺳﻌﺎﻟﻪ ﺍﻟﻤﺘﻜﺮﺭ؛ ﻭﻛﺄﻧﻲ ﺑﻪ ﺍﻵﻥ ﻳﺴﺠﻞ ﺁﺧﺮ ﺧﻮﺍﻃﺮﻩ ﻋﻨﻲ – ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ – ﺇﺫ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﺨﺎﻃﺮﺓ: ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻛﺎﻟﺨﻴﺎﻝ، ﺇﻥ ﻣﺘﻌﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﺃﻋﻤﻖ ﻭﺃﺑﻘﻰ ﺃﻣﺪﺍ ﻣﻦ ﻣﺘﻌﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺒﺎﺋﺪ ، ﻓﻌﻨﺪﻱ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺎﻣﺮ ﺍﻟﺤﺒﻴﺒﺔ.. ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻴﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ، ﻫﻤﺎ ﺳﻮﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ، ﺳﻌﺎﺩﺓ ﻓﺎﻧﻴﺔ ﺑﻔﻨﺎﺀ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ.

فبينما ﻫﻤﺎ ﻳﻮﺩﻋﺎﻥ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﻔﺎﻧﻲ، ﻛﻨﺖ ﺃﻧﺎ ﻻ ﺃﺯﺍﻝ ﺃﺳﻴح ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻕ ﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﻭﺃﻏﺮﻕ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻗﺮﺃﺗﻪ ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺮﻭﺍﻳﺔ ﺍﻟﺒﺪﻳﻌﺔ، ﺃﺧﺎﻝ ﺷﻜﻠﻬﺎ ﻭﺃﺗﺄﻣﻞ ﻣﻼﻣﺤﻬﺎ؛ ﻭﻛﻨﺖ ﺃﻧﺎ ﻟﻢ ﺃﺯﻝ ﺃﺳﺒﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﻭﺿﺔ ﺃﺗﺮﻧﻢ ﺑﺨﻤﺎﺋﻠﻬﺎ ﻭﺃﻣﻴﺪ ﻣﻊ ﺃﻏﺼﺎﻧﻬﺎ ﻭﺃﺳﺒﺢ ﻓﻲ ﺗﺄﻭﻳﻞ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﺪﻧﻲ ﺇﻟﻴﻬﺎ.

ﻟﻬﺬﺍ ﻟﻦ ﺗﺠﺪ ﺧﻴﺮ ﺟﻠﻴﺲ ﻛﺎﻟﻜﺘﺎﺏ ،ﻭﻻﺧﻴﺮ ﺃﻧﻴﺲ ﻛﺎﻟﺨﻴﺎﻝ ." ﻓﺄﺣﺠﻢ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻭﺧﻤﺪ ﺣﺴﻴﺲ ﺍﻟﻘﻠﻢ ﺛﻢ ﺍﻧﺼﺮﻑ. ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻓﻘﻂ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﻛﻨﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﺤﺎﺑﺔ! ﺃﺩﺭﻛﺖ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﻨﺒﻮﺀﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺪﺛﻨﻴﻬﺎ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻨﻈﺮﺍﺕ ﺍﻟﺜﺎﻗﺒﺔ – ﺍﻟﻤﻨﺠﺮﺓ – ﻋﻨﺪﻫﺎ ﻓﻘﻂ ﺃﺩﺭﻛﺖ ﻣﻌﻨﻰ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻟﻤﻜﺘﺒﺔ ﻭﺯﻭﻟﻬﺎ ﻋﻢ ﻗﺮﻳﺐ!

ﻟﻘﺪ ﻣﺎﺕ ﺍﻟﺮﺟﻞ، ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﺍﻋﺒﻨﺎ، ﻣﺎﺕ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﺮﺃﻧﺎ! ﻓﺸﻴﺪ ﺟﺜﻤﺎﻧﻪ ﺃﺑﻨﺎﺅﻩ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺍﺑﺘﻠﻮﺍ ﺑﻤﺎ ﺑﻠﻲ ﺑﻪ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﻣﻦ ﺣﺐ ﺍﻟﻤﻄﺎﻟﻌﺔ. ﻓﺎﻧﺼﺮﻓﻮﺍ ﻓﻲ ﺭﺣﻠﺔ ﻧﺤﻮﻋﺎﻟﻢ آﺧﺮﻏﻴﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﺤﻘﺘﻪ ﺭﻳﺎﺡ ﺍﻟﺒﺆﺱ ﻭﺍﻟﻜﺂﺑﺔ ﻋﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻬﻢ ﻳﻨﺠﻠﻲ. ﻭﺗﺮﻛﻮﻧﺎ ﻧﻌﺎﻧﻲ ﺃﺭﺯﺍﺀ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻭﻧﺸﺘﻢ ﺭﺯﺍﻳﺎ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﻭﻧﺘﺠﺮﻉ ﺍﻹﻫﻤﺎﻝ ﻣﻦ ﺭﻓﻮﻑ ﺃﻧﻬﻜﻬﺎ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ.

ﻟﻴﺲ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻛﺎﻟﺨﻴﺎﻝ، ﺇﻥ ﻣﺘﻌﺔ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﻭﺍﻟﺨﻴﺎﻝ ﺃﻋﻤﻖ ﻭﺃﺑﻘﻰ ﺃﻣﺪﺍ ﻣﻦ ﻣﺘﻌﺔ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺒﺎﺋﺪ، ﻓﻌﻨﺪﻱ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺎﻣﺮ ﺍﻟﺤﺒﻴﺒﺔ.. ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﻴﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ، ﻫﻤﺎ ﺳﻮﺍﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ، ﺳﻌﺎﺩﺓ ﻓﺎﻧﻴﺔ ﺑﻔﻨﺎﺀ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ.

ﻭﻓﺠﺄﺓ ﺗﺒﻴﻦ "ﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ ﻭﺍﻟﺘﺒﻴﻦ" ﻟﻠﺠﺎﺣﻆ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻮﺩﺓ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ، ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻃﻮﻳﻘﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻧﺴﺘﻨﺸﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﻌﺾ ﻣﺎﻳﺬﻫﺐ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﻣﻦ ﺃﺭﻳﺞ ﺍﻟﻔﺼﻮﻝ ﺍﻷﺭﺑﻌﺔ. ﻓﺸﻬﻖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺷﻬﻘﺔ ﺃﺩﺑﻴﺔ ﺃﺑﺪﻳﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﺍﻟﺘﺄﺛﺮﻭﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ، ﺛﻢ ﺗﺼﻠﺐ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻻﻳﻘﻮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺮﺍﻙ، ﻭﺍﻟﻤﺠﻠﺪﺍﺕ ﻧﺎﻇﺮﺓ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﺤﻤﻠﻘﺔ ﻗﺪ ﺗﻤﻌﺮﺕ ﺃﻏﻠﻔﺘﻬﺎ ﻟﻬﻮﻝ ﻣﺎﺗﺮﻯ.

ﺛﻢ ﻗﺎﻝ "ﺃﻱ ﺗﻴﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﺎﻣﺮ ﻭﺟﺪﻱ ﺍﻵﻥ؟ ﻓﻜﺄﻧﻲ ﺑﺠﻨﺎﺯﺓ ﺃﻧﺎ ﺍﻟﻤﻴﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺗﺮﺗﻔﻊ ﺃﻣﺎﻡ ﻋﻴﻨﻲ، ﻭﻛﻞ ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﻭﺍﻟﻤﺠﻠﺪﺍﺕ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻲ ﻳﺸﻬﺪﻭﻥ ﻟﺤﻈﺔ ﺗﺄﺑﻴﻨﻲ، ﻭﻳﺴﺘﻤﻌﻮﻥ ﻓﻲ ﺫﻫﻮﻝ ﻟﻤﺮﺛﻴﺔ ﺑﻠﻴﻐﺔ ﺍﻷﺣﺰﺍﻥ". ﻓﺼﺪﺣﺖ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺑﺼﻮﺕ ﻣﻮﺣﺪ: ﻣﺎ ﺫﺍﻙ ﻳﺎﺳﻴﺪﻱ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﻧﺸﻴﺞ ﻣﺴﺘﻤﺮ ﺳﻴﺎﻝ، ﻟﻘﺪ ﺗﺤﻘﻖ ﺍﻟﻮﻋﺪ ﻟﻘﺪ ﺗﺤﻘﻖ ﺍﻟﺴﻘﻮﻁ.. ﺗﺤﻘﻖ ﺍﻟﺨﺮﺍﺏ ﻭﺍﻟﺪﻣﺎﺭ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻤﻜﺘﺒﺔ..

ﻟﻘﺪ ﺃﺣﻀﺮﻭﺍ ﺍﻟﺤﺎﺳﻮﺏ، ﺃﺣﻀﺮﻭﺍ ﺍﻟﻬﻮﺍﺗﻒ، ﺃﺣﻀﺮﻭﺍ ﺑﻌﺾ ﺃﻻﺕ ﺍﻟﺨﻤﻮﻝ، ﻟﻘﺪ ﺃﺣﻀﺮﻭﺍ ﻣﺎ ﺑﺴﺒﺒﻪ ﺳﻨﺘﺠﺮﻉ ﻛﺆﻭﺱ ﺍﻟﻮﺣﺸﺔ ﻭﺃﻧﺎﺕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ، ﻟﻴﺴﺠﻞ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺳﺎﻋﺘﻬﺎ ﺃﻭﻝ ﺇﻧﻔﺼﺎﻝ ﺑﺸﺮﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ. ﺛﻢ ﺟﺜﺎ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﺿﻌﺎ ﺟﺒﻬﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺮﺍﺏ ﻳﺠﻴﺶ ﻋﺎﻟﻴﺎ ﻭﻳﺴﺘﻐﻴﺚ، ﻣﺎ ﺃﺑﻘﻰ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ ﻣﻔﺮﺩﺍﺕ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﺇﻻ ﻭﺃﻳﻘﻈﻬﺎ ﻣﻦ ﻟﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻌﺠﻢ "ﺍﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮﺭ".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.