شعار قسم مدونات

لا كرامة لروهينغي في وطنه

blogs - الروهينغا

في عدد قديم من مجلة "المسلمون في العالم، تعرفت على قومية الروهينغيا قبل الألفية الحالية التي نتفيء نكباتها! لتبدو استنساخاً لمآس أخرى نكاد نشعر معها بأن فلسطين (Copy)،وأن ما يحصل للروهينغيا في أراكان عبارة عن (paste)، مع بعض الهوامش والاختلافات!
 

تعود الأصول التاريخية لأغلب مسلمي أراكان إلى الجزيرة العربية واليمن والعراق والشام، ممن وصلوا لبورما في القرن السابع للميلاد، وبأعدادهم الحالية التي تتجاوز العشرة ملايين من بين خمسين مليوناً بنسبة تصل ل 20 في المئة، فإن مسلمي أراكان بأحوالهم المتردية يتعرضون لموجة من العداء والتشريد والحصار بكل صوره، وتمنحك منازلهم والتي هي في الأغلب الأعم مكونة من الخيزران المسقوف بالقش صورة عن واقعهم الاقتصادي، وإن سعى أحدهم للارتزاق بالسفر للعاصمة مثلاً، فإنه يرتكب مخالفة في عرف الدولة ترقى لتكون جريمة، ويتعرض للتعذيب والحرق والتصفية العرقية، مما حدا بالأمم المتحدة لوصف العنف بأنه يفوق كل التوقعات.
 

من الملاحظ مقدار الائتلاف بين ثالوث البوذيين والعسكر والإدارات الحكومية، وقد كشفت انتخابات عام 2015 عن عدة عيوب في النظام لتطال حتى الوجوه الجديدة فيه ! والتي فازت فيها الرابطة القومية من أجل الديمقراطية برئاسة أونغ سان سوتشي.
 

ومن نافلة القول أن عجوز الشر بريطانيا مسؤولة عن نكبات تاريخية متتالية منها: فلسطين وتقسيم السودان وإقليم أراكان، ولذا لن تجد طريقها للحل، فهنالك دائماً بؤر اثنية وعرقية نازفة في العالم! في الفلبين وأندونيسيا وكشمير والبوسنة والهرسك وتركستان الشرقية وعربستان والعراق والشام.
 

اكتسبت كلمة الروهينغا خصوصية بحيث أصبح تطلق على المسلمين الذين هم الأقل تعليماً والأقل معرفة والأكثر فقراً، والغالبية من اتباع الديانات بوذيون، وتنتشر معابدهم في البلاد.

في رحلة البحث عن الذات: ما أصعب أن تكون روهينغياً؟
جرت في عالمنا عمليات جراحية لتحجيم المسلمين في القلب الأوروبي والأفريقي والآسيوي من خلال البوسنة والهرسك ووسط أفريقيا وإقليم أراكان، إنه من المؤلم حقاً أن مليار مسلم وسبعمئة مليون يجلسون متفرجين إزاء مسألة الروهينغيا!
 

وبالتتبع التاريخي لتسلسل الأحداث في دولة بورما، ابتداء من القرن السابع الميلادي بدخول الإسلام إليها بواسطة التجار العرب في عهد الخليفة هارون الرشيد، بعد العام 1400 بعقدين تم تأسيس أراكان، واستمرت في استقلالها، إلى أن وقعت تحت سيطرة بورما عام 1724،وبحلول العام 1824سقطت بيد الاحتلال البريطاني بكل السوء المعهود عنه، وسياسته الشهيرة فرق تسد، وما قام به من بث روح العنصرية والتفرقة بين المسلمين والبوذيين، وطرد المسلمين من الوظائف لصالح البوذيين، وسياسة طمس الهوية وتدمير الآثار الإسلامية، وقبيل استقلال بورما قام الإنجليز بمصادرة أملاك المسلمين وسجنهم، والتهاون مع البورمان وتزويدهم بالسلاح وحرمان مسلمي الأراكان من أي صورة للقوة، وتم التمهيد لذلك بمذبحة كبرى للمسلمين حصلت عام 1942 على يد الماغ البوذيين ذهب ضحيتها مئة ألف مسلم أراكاني، وساء الأمر في ظل مساندة من حكم العسكر مطلع الستينيات إلى عام 2011 وظهر بمسمى مجلس الدولة للسلام والتنمية ليسيطر على مفاصل الدولة بقيادة القائد العسكري: ني ون، وفي عهد الاصلاحات تبدل الاسم إلى جمهورية اتحاد ميانمار.

ولكن بالعودة لعام الاستقلال 1948، فإنه من المعيب حقاً حرمان أراكان من حق تقرير مصيرها، وفي نهاية السبعينيات حصلت موجة هروب ربع مليون روهينغي من المذابح، وفي بداية الثمانينيات صدر مرسوم حرمان الروهينغيا من الجنسية،ولم يتغير شيء على الرغم من سعي الإدارات الأمريكية المتعاقبة ومنها إدارة أوباما للوصول لحل ما، إلى أن استلم الرئيس الحالي هوتين تشياو السلطة في آذار عام 2016.

أما عن الجغرافيا فميانمار دولة جنوب شرق آسيوية، تقع على امتداد خليج البنغال يحدها من الشمال الصين والهند، ومن الشمال الشرقي الصين ومن الشمال الغربي الهند ومن الغرب بنغلادش وخليج البنغال، ومن الشرق لاوس،ومن الجنوب الشرقي تايلاند. والروهينغا قومية عرقية تنتمي لعائلة الشعوب الهندية، استقرت في إقليم أراكان، وفي البحث عن دلالة الاسم روهينغي فهي كلمة مشتقة من رحمة، وفي رواية أخرى اشتقت من روهانج الاسم القديم لمنطقة أراكان، والذي أصبح الآن يسمى إقليم راخين. وتترسخ عمليات البرمنة والبوذنة ولسوء حظ الأركانيين فإن الدولة كانت على الدوام اشتراكية علمانية مع وجود حالة حصار اقتصادي ثقافي ديني.
 

العاصمة نايبيداو بخلاف السابقة يانغون تبدلت عام 2006 بسبب كونها مزدحمة وساحلية بينما نايبيداو محصنة واستراتيجية، ولغة الدولة هي البورمية المتأثرة بالصينية، وتأتي الإنجليزية في المرتبة الثانية، وعدد اللغات يزيد عن مئة لغة محلية و،ونظام الحكم جمهوري، والرئيس الحالي هوتين تشياو أول رئيس مدني للدولة وأحد مؤسسي حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، عاش في المنفى، وكان أبوه شاعراً معروفاً،وتتألف بورما من اتحاد عدة ولايات وعرقيات : هي البورمان والكارين وشان وتشين وكاشين ومون وناجا ووا ركاهين والماغ.
 

يزعم القوميون المتطرفون أن الروهينغيا مهاجرين غير شرعيين يجري توصيفهم كمواطنين من الدرجة الثالثة،علاوة على المعاناة والتهميش والإقصاء والطرد من الجيش والحرمان من الوظائف الحكومية وحق الانتخاب، والوثائق الشخصية.

من المعلوم أن اسم هذه الدولة مر بثلاث مراحل انتقالية: بورما ثم اتحاد ميانمار ثم أخيراً أصبح جمهورية اتحاد ميانمار في نهاية الثمانينيات. وقد اكتسبت كلمة الروهينغا خصوصية بحيث أصبح تطلق على المسلمين الذين هم الأقل تعليماً والأقل معرفة والأكثر فقراً، والغالبية من اتباع الديانات بوذيون، وتنتشر معابدهم في البلاد، ومن ناحية اقتصادية تتوزع الصادرات بين الأرز والأخشاب والسمك والخضار والفلفل الحار، ويعود ارتفاع نسبة المتعلمين لتصل 80 في المئة من السكان، لوجود ما يزيد عن مئة جامعة.

يتنوع المناخ ما بين مداري في الوسط وشبه مداري شمالاً، واستوائي في الجنوب، والدولة زراعية بامتياز والرابعة عالمياً في تصدير الأرز، ونصف مساحتها غابات ممتدة، لذا تشتهر بتصدير الأخشاب وبالأخص شجرة التيك.
 

في ظل حكم العسكر يتسم القضاء باللاحيادية، وتزداد التجارة بالبشر وعمالة الأطفال ووقعت انتهاكات لحقوق الإنسان، ضمن نظام قمعي شمولي، بدلالة أنه كان يمانع إجراء تعداد سكاني منذ ثلاثين عاماً، فمن شأن ذلك أن يفسر تفسيراً سياسياً ضمن دائرة (Arakan phobia)، وتشديد الرقابة على الشبكة العنكبوتية.

يزعم القوميون المتطرفون أن الروهينغيا مهاجرين غير شرعيين يجري توصيفهم كمواطنين من الدرجة الثالثة،علاوة على المعاناة والتهميش والإقصاء والطرد من الجيش والحرمان من الوظائف الحكومية وحق الانتخاب، والوثائق الشخصية.
 

مؤخراً صرح رئيس المركز العالمي الروهينغي عبد الله معروف "إن موقف المعارضة جاء سلبياً ممثلاً بالناشطة أونغ سان سوتشي زعيمة الرابطة الوطنية حين تراجعت مصداقيتها ولم تقر بفظاعة التمييز العرقي" هذا علاوة على أنها في العام 2013 استنكرت أن تجري معها ميشيل حسين مذيعة BBC لقاء دون أن تخبرها أنها مسلمة ! فكيف نراهن على حزبها الذي لم يرشح ضمن لوائحه أي شخص مسلم عامداً متعمداً؟!
 

وفي الختام فإن الضغط السياسي والاقتصادي وسيلتان تؤتيان أكلهما إن مورستا باحترافية!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.