شعار قسم مدونات

الجامعات الوقفية لحل مشاكل التعليم العربي

مدونات - جامعة الملك سعود

يشكو عالمنا العربي في الوقت الحاضر من التأخر وعدم التقدم والازدهار، على الرغم من الإمكانيات المادية، البشرية والاستراتيجية المتوفرة والمتاحة، إلا أنه يبقى دوما يتخبط في نظام التبعية والاستيراد، ومن أهم أسباب تأخر التعليم العالي إخفاق الإدارة في تلبية متطلبات الدول وحوائجها، فعلى حسب تصنيف كيو إس تايمز البريطاني الذي يهدف إلى تحديد مراتب الجامعات في العالم، صنفت أول جامعة عربية سنة 2016 جامعة الملك فهد للبترول والمعادن لكنها احتلت المرتبة 189 عالميا.
 

تليها في المرتبة الثانية عربيا جامعة الملك سعود واحتلت المرتبة 227 عالميا، أما بالمرتبة الثالثة عربيا فالجامعة الأمريكية بيروت واحتلت المرتبة 228 عالميا، فنلاحظ دوما غياب الجامعات العربية عن قوائم أحسن الجامعات في العالم، فوجود أول جامعة عربية بالمرتبة 189 عالميا يبين ضعفا كبيرا في جودة ما يقدمه قطاع التعليم العالي من مخرجات في الوطن العربي. وعادة ما تحتل المراكز الأولى في هذه التصنيفات الجامعات الأمريكية وبصفة متتالية، تليها الجامعات البريطانية، وقد لوحظ تقدم كبير خلال سنة 2016 للجامعات الأوروبية.
 

تعتمد العديد من مؤسسات التعليم العالي في العالم وخاصة الدول المتقدمة على عدة مصادر للتمويل، من بينها عوائد وقفياتها وأصولها الاستثمارية، كذا الهبات المقدمة لها من أفراد وجمعيات ومؤسسات>

فضرورة الارتقاء بالتعليم العالي حتمية، مع أننا لا ننكر الجهود والمحاولات المبذولة في هذا الجانب ومحاولة تنميته وتطويره، وذلك بعقد المؤتمرات وإجراء الدراسات والبحوث العلمية، والسعي لقضايا الجودة والاعتماد لتطوير مستوى الخدمة المقدمة والارتقاء بالمخرجات، والمحاولات الكثيرة التي بذلت والتي يحاول واضعوها علاج هذه المشكلات.

لكن بنظرة إلى جامعات الدول المتصدرة نلاحظ أن تجربة الجامعات الوقفية سواء القديمة في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تصدرتها جامعة هارفارد سنة 1636 م، ثم الجامعات البريطانية، الكندية، الأسترالية والآن الجامعات التركية الوقفية الحديثة قد أثبتت جدارتها، فلما لا نستفيد من تجربتها في تطوير التعليم العالي وتحقيق جودة البحث العلمي ومخرجاته والقضاء على العديد من مشكلاته.
 

وتعتمد العديد من مؤسسات التعليم العالي في العالم وخاصة الدول المتقدمة على عدة مصادر للتمويل، من بينها عوائد وقفياتها وأصولها الاستثمارية، كذا الهبات المقدمة لها من أفراد وجمعيات ومؤسسات اجتماعية وشركات وجهات حكومية، ويجري إنفاق هذه الموارد الإضافية عادة في دعم البرامج البحثية وتمويل كراسي الأستاذية وتأمين تقاعد أعضاء هيئة التدريس، وتقديم المنح الدراسية للطلاب وتأهيل مرافق الجامعة من مكتبات ومختبرات وأجهزة وتوسيع منشآتها كالمساحات الخضراء والأبنية وصيانتها.
 

ويتفاوت التمويل الوقفي من حيث حجمه من بلد إلى آخر ومن جامعة إلى أخرى، ويبلغ حجم الوقف في مؤسسات التعليم العالي في أميركا 118.6 مليار دولار، كما بلغ حجم وقفيات جامعة هارفارد مثلا 36.9 مليار دولار في السنة المالية 2008 ، فيما بلغت قيمة وقفيات جامعة كامبردج في بريطانيا نحو 8.2 مليار دولار، وجامعة أكسفورد نحو 5.7 مليار دولار و المعهد السويسري للتكنولوجيا مليار واحد ويبلغ في جامعة كيوتو فقط في اليابان 2.1 مليار دولار، بينما يبلغ وقف الجامعات الكندية 5 مليارات دولار، في الوقت الذي يبلغ فيه الوقف فقط في 10 جامعات بريطانية 30 مليار دولار . ويختلف مصدر التمويل الوقفي من جامعة لأخرى فتعتمد الجامعات الأمريكية في تغذية أوقافها من مداخيل الهبات الخاصة بالأفراد والمؤسسات والهيئات الاجتماعية، بينما تعتمد معظم الجامعات الأخرى على المساعدات الحكومية بالدرجة الأولى بصورة تعكس الشراكة بين القطاعين العام والخاص، كما لا تخلوا من دعم الهيئات الاجتماعية والأفراد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.