شعار قسم مدونات

أركان الاتزان السبعة

blogs نجاح

شخصية ناجحة يعني استراتيجية ناجحة، مفاتيح النجاح لها جدور، أولها علاقتك مع الله سبحانه وتعالى، أمَّا الثانية فهي التطبع بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمعنى أدق تطبيق يومي لمنهج النبي المصطفى وسنته الكريمة، والثالثة هي الانتماء، بعد معرفة وضبط هذه الأمور الثلاثة يمكننا التكلم في مفاتيح النجاح، لأنه إن لم تكن لك جدور فلا داعي ولا معنى أساسا للحوار في مسألة المفاتيح.

من أجل اختصار الكلام ووضعه في سياقه الصحيح، أجد نفسي وجها لوجه أمام هذه التساؤلات الدقيقة بامتياز: ما هي أخبارك الروحانية؟ ما هي أخبارك الصحية؟ ما هي أخبارك العائلية؟ وما هي أخبارك الشخصية؟ مهم جدا معرفة جميع هذه الإجابات لأنها تمثل الأركان السبعة للاتزان، لتوضيح الفكرة أكثر وتقريب المعنى من أذهاننا نقول: المعرفة الموضوعية لكل هذه الإجابات بكل وضوح وشفافية تمكننا من المعرفة العقلانية الصحيحة لكيفية عيش الفرد لهذه الأركان السبعة من الاتزان، لأن الهدف الحقيقي هو طلب العلم والمعرفة من أجل الفهم المثالي لكل أمور الحياة التي يترتب عنها جزاءً وِفاقًا النجاح الحقيقي الثابت والدائم والنجاح المتكامل أي النجاح في كل شيء، يمكننا من معرفة يقينية بأن الله سبحانه وتعالى هو من سَبَّبَ الأسباب، هو من رَزَقَ بدون حساب وهو من سَهَّلَ وَيَسَّرَ الأمور كلها من بِدايتها إلى نهايتها من أجل الوصول إلى الاتزان.

ننتقل معا إلى سلوك غاية في الخطورة وله ارتباط وَثِيق بالاتزان خاصة والنجاح عامة، وهو المَكْسَبْ الثَّانوِي، بمعنى أن الإنسان يَكْسِب من حالة نفسية ضعيفة، من أجل التخلص من هذا السلوك القاتل للنجاح يلزمنا طرح أَرْبَع أسئلة مَصِيرِيَّة وهي بالمناسبة كلها أسئلة نسألها داخليًا في أعماقنَا بيننا وبينا أنفسنا، تجعل العقل البشري يستجيب فَوْرِيًا بِخُطَّة عمل تنسجم تماما والنتائج التحليلية للحوار النفسي الداخلي المصاحب أو بمعنى أصح المُتَرَتِّبْ على هذا السلوك.

١ – ما الذي أَكْسبه لو تخلصت من هذا المَكْسَب الثانوي (التدخين على سبيل المثال).
٢ – ما الذي أَكْسبه لو لم أتخلص من هذا المكسب الثانوي.
٣ – ما الذي سوف أخسره لو تخلصت من هذا المكسب الثانوي.
٤ – ما الذي سوف أخسره لو لم أتخلص من هذا المكسب الثانوي.

تجد معظم الناس يبدؤون في برنامج معين تم يتركونه، يعللون دائما إخفاقاتهم وعدم قدرتهم على المواصلة والمواظبة بقلة الحماس والإحساس بالملل والنفور، لكن الحقيقة التركيز هو من يَقِل و ينتقل إلى مكان ثاني أو إلى شيء أخر

لو دققنا قليلا نجد بأن هذه الأسئلة التي استقبلها العقل الباطن كل واحد فيها عكس الأخر، لكنه في الحقيقة هناك سؤالان يُقَرِّبان من هذا الشيء وسؤالان يُبْعِدَان منه (أي هذا الشيء نفسه)، مثلا لما تقول أنك لاَ تريد مواصلة عادة التدخين، هذا بالطبع تفكير جميل وراقي، لكنه غير كافي، لأن العقل البشري يقوم بدورة ذهنية كاملة وإذا لم تستطيع الإجابة على السؤال الذي يطرحه العقل وهو لماذا؟ إذن فإنك في مأزق كبير وفي موقف لا تحسد عليه أخي المدخن (نسأل الله العفو والعافية للجميع)، لأنه لو اقتصر التفكير على تفادي الأمراض فقط فإن العقل سوف يدفعك للتدخين مستقبلا لأنك لم تكمل الدورة الذهنية، أما إذا قلت وأَمَنْت داخليا بكل جوارحك بأنك سوف تتخلص من التدخين من أجل تفادي الأمراض وتحسين الصحة (خط عريض باللون الأحمر تحت تحسين الصحة) فإنك تكون قد قمت بدورة دينية متكاملة لأنك حققت لعقلك الباطن البُعْد والتَّقَرُّب، كل هذه الأمور وغيرها تشرحها علوم التنمية البشرية وديناميكية التكيف العصبي بدقة متناهية. 

بما أن الأمر جد معقد ويتطلب قدرا كافيا من التركيز، سنحاول بإذن الله تعالى تقديم مزيد من الأمثلة الواقعية لِتَتَّضِحَ الفكرة أكثر فأكثر، مثلا لمَّا تريد أن تَبْتَعِد عن حوادث السير فإنك تكون قد حققت قاعدة البٌعْدْ، لكنه لتحقيق الهدف المنشود يجب عليك تحقيق القاعدة الأساسية وهي التَّقَرُّبُ بمعنى التقرب من السياقة الصحيحة ومن تطبيق القوانين المعمول بها في السَّير والجَوَلاَنْ، ولهذا معظم الناس لا يَبْنُون التغير المستمر في الزمن لأنهم لا يكملون العملية، وهي بعد أن تبتعد عن أي عادة سيئة ضروري جدا وحيوي أن تُفَّعِّلْ مكانها عادة إيجابية لأن العقل البشري لا يَمْسَحْ ما سبق بل يٌعَوِّضْ شيء بشيء أَخَرْ.

لهذا تجد معظم الناس يبدؤون في برنامج معين تم يتركونه، يعللون دائما إخفاقاتهم وعدم قدرتهم على المواصلة والمواظبة بقلة الحماس والإحساس بالملل والنفور، لكن الحقيقة التركيز هو من يَقِل و ينتقل إلى مكان ثاني أو إلى شيء أخر، أما الحماس فهو جاهز وينتظر، لكن لازم أن تعود إليه بالتركيز المطلوب والأسباب المقنعة والطاقة الكافية، بعدها يرجع كيفما كان في أول مرة أو أكثر، والدليل على ما أقول، لو شخص ما مثلا قرر تخفيض وزنه، بدأ بممارسة التربية البدنية لفترة تم انقطع عنها، بعدها يحاول تحفيز نفسه عن طريق البحت أو مشاهدة مقاطع مصورة لأشخاص تمارس الرياضة ولها لياقة بدنية عالية، بعدها مباشرة يحس بشوق ورغبة كبيرة في العودة إلى الميادين أو القاعات الرياضية، نستنتج إذن بأن الحماس كان موجود، لكنه توقف عن العمل عندما تغير التركيز وانصب في اتجاه أخر.

إذا كان الطارئ مهم ومؤثر، يصبح تلقائيا الحدت الرئيس الذي يدور في فلكها كل من التركيز، القوة، الحماس والنية، مع تسلسل الأحداث المتوالية عبر الزمن أصبحت النية المصاحبة في الأَوْلَوِيَّة

إذن ما الذي يسبب قوة الحماس؟ الدافع، ومن الذي يسبب الدافع؟ الرؤية، ومن الذي يسبب الرؤية؟ ستجد الغرض! ومن الذي يسبب الغرض؟ ستجد الهدف! ومن الذي سبب كل هذه السلسلة؟ ستجد الحماس! ومن الذي سبب الحماس؟ ستجد القِيمَة! نعم القِيمَة العُليا هي من أوْصَلتنا للحماس، وماذا حصل للحماس حتى أصبح محرك ومزَوِّد رئيسي للدافع؟ وماذا حصل للدافع حتى أصبح قوة جبارة أوصلتنا كذلك للفعل؟ الجواب سنحاول شرحه بالمثال التالي :

عندما نريد شراء كتاب، أول شيء ندقق في اسم الكتاب بعده شكل الكتاب، تم عنوان الكتاب، بعد كل هذا نقوم بفتح الكتاب لمعرفة محتوى الكتاب_ الأن دققوا معي _ في هذه اللحظة نسبة الحماس أخدت منحى تصاعدي، وكلما تقدمنا في معرفة هذا المحتوى تزيد نسبة الحماس وكلما زاد الحماس يصبح واضحا بأن الكتاب يَخْدمنا، كلما تأكدنا من خدمة الكتاب لنا أصبحت عندنا أسباب كافية، موجودة بداخلنا لكن لا نعرفها، تدعونا وتدفعنا لشراء هذا الكتاب، وبمجرد شرائه وخروجنا من المكتبة نغير تركيزنا على شيء أخر أو طارئ ما وهذا ما يسمى في علم التنمية الذاتية بِالنِّيَّة المُتَناقِصَة كيف؟

في البداية كان التركيز كله منصب على الكتاب مع مرور الوقت تغير هذا التركيز وانصب على شيء أخر، إذن أصبح الكتاب النية رقم إثنين والطارئ الذي وقع النية رقم واحد، وإذا كان هذا الطارئ مهم ومؤثر، يصبح تلقائيا الحدت الرئيس الذي يدور في فلكها كل من التركيز، القوة، الحماس والنية، مع تسلسل الأحداث المتوالية عبر الزمن أصبحت النية المصاحبة في الأَوْلَوِيَّة، بمعنى أخر من المكتبة إلى البيت تقلصت النية وحصلت أولويات جديدة جعلت النية تنقص من المرتبة الأولى إلى مراتب جد متأخرة قد تكون التاسعة أو العاشرة، كما أن الحماس( قراءة الكتاب) لم يعد في الصدارة، إذن السؤال العميق والبطولة هو كيف يمكننا أن نحافظ على التركيز المرتبط بالكتاب موجود والحماس المتعلق بقراءته فعال؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.