شعار قسم مدونات

لا أبرحُ حتّى أبلغُ

blogs رجل يقف وسط الزروع فى ضوء الليل

أنت لا تتفهم الوضع كما يجب، أنا لا أخشي أن أرتطم بالفشل في مسيرة حياتي ولا أن أتعسر وأنقلب علي وجهي مهزوما، ولا أن يرهقني التفكير فيظهر وجهي ناحباً وضاعت منه نضارة الشباب وأبدو في عمر أكبر مما أنا عليه، لا أخشي أن أكون وحيداً دون سند أو رفيق، ولا يشغل عقلي كلام الآخرون ولا أتلفت إليه من الأصل، لا يهمني أن تراني ناجح أو فاشل، فأنا ماضِ وأعرف ما في دربي، ولا أريد أن أفعل شيء ليذكر بقدر ما أريد فعل ذلك الشيء، وإن قرأت ما أكتب فاعلم أنه لم تكن غايتي أن أثير شفقتك أو أن أدفعك وأحثك لقضية ما، فأنا أكتب لأعبر عن ما يشجن بداخلي ويجول بخاطري.

ولا أريد نصائحك تلك الممزوجة بخبث النفاق أو الناتجة عن عقدة نقص، لا أخشي شيء سوي أن أفقد ذلك الشغف المجنون الذي يقودني إلى كل جديد وجديد، هل تعرف ماذا يعني الشغف لشاب مثلي، الشغف هو بداية كل أمل وبداية كل نجاح الشغف هو أن تصارع الموت بالحياة، أنا لا أقبل أن أعيش حياتي مقيد بما يسمونه "الروتين" ليس همي جمع المال أو أن أواكب الموضة، الكثيرين يقضون كامل حياتهم بحثاً عن الترف والعيش في المدن الهادئة مكرسين جٌل حياتهم لجمع المال، أو أن يعمل طوال عمره مقابل أن يقضي فترة شيخوخته مسترخي علي سريره لكن أنا لم أخلق لذلك ولا يخيفني أن أصبح كذلك، لأني أؤمن بنفسي ولا زال الشغف يعلو وجهي، حاملا أمالي وأحلامي التي تكبر معي يوم بيوم منذ طفولتي، متهاوناً مع كل ألم، ناصراً لكل أمل، باحثٌ عن نفسي بين طموحي، متأهب لكل صعب ومر، منصتاً لكل صوت يحركني إليه شغفي.

قلبي يتألم لكن دون أن ينكسر وما يزل الحزن لم يلبث بقلبي حتي أعود إلى سابق عهدي مُولع بكل ما هو جديد، موجهاً قلبي وبصيرتي نحو كل أمل وغاية، مؤمنناً بأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها

بالطبع لقد مر علي الحزن وهو الزائر الذي لا ينقطع ويجود علينا باستمرار مروره، لكن الحزن لم يكن يوماً نقيضاً للحياة قال مالك بن دينار "إن القلب إذا لم يكن فيه حزن خرب، كما أن البيت إذا لم يسكن خرب" وإذا رأتني يوما محاطٌ بالألم وبأساً بعض الشيء أو رأيتني غير متحمس لأي حدث كطفل يعلم أنه ضاع عن أهله ولا يعرف طريق العودة وظل يفتش في كل شارع وزقاق ثم مكث علي أحد الأرصفة متقينا أنه قد لاقى حتفه، هذا لا يعني أبداً أن تلك الحرب التي تسكنني قد هدأت أو أنه قد انطفأت مخيلتي وعتم توهج قلبي، وهل من الممكن أن تنبت الزهرة الجميلة دون أن تدفن في الأرض فتخرج علينا بشذي عطرها الفواح، أو أن تشد رحالك مهاجراً بعيدا عن أحبتك وأهلك دون أن تعرف أنك ستقع أسيرا لاشتياقك.

 

هكذا قلبي يتألم لكن دون أن ينكسر وما يزل الحزن لم يلبث بقلبي حتي أعود إلى سابق عهدي مُولع بكل ما هو جديد، موجهاً قلبي وبصيرتي نحو كل أمل وغاية، مؤمنناً بأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولكن دائما ما أقول لنفسي إذا ما استطاع أحدهم بلوغ أقسي درجات النجاح فيمكنك أنت أيضا البلوغ إلى أعلي ما بلغوا إليه، النجاح يأتي بعد مثابره وتعب وكما يقولون من جد وجد ولن تبلغ شيء دون تعب وألم، وإذا حققت كامل إيمانك بنفسك وقُدراتك بالكاد ستصل إلى ما تريد، ولنا في قصة فتح القسطنطينية شاهداً ودليلاً، القائد محمد الفاتح عندما كان عمره 12 عاماً حين كان تلميذاً وسمع من أستاذه حديث النبي صلي الله عليه وسلم ((لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش)) رواه الإمام أحمد في مسنده. 

ولم يمر عليه الحديث مر الكرام ولكن سيطر عليه الأمر وأخذ قرار بأنه سيصبح الأمير المذكور، ولم تكن مجرد فكرة راودت خياله ثم ذهب وخلد للنوم، وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا، بل أخذ في تحقيق حلمه فتعلم أكثر من لغة منها العربية والفارسية واليونانية والسلافية والصربية ليتمكن من دراسة كل الأفكار الحربية المطروحة ومكث يدرس ويتعلم حتى حقق حلمه وعمره 21 عاماً فكان هو نعم الأمير والقائد لنعم الجيش، ومن هنا إذا أردت فعل شيء فهو بإمكانك، ومهما كان حلمك فلا تبرحُ حتّي تبلغُ.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.