شعار قسم مدونات

قصة العميل رقم 9

Hamas militants surround Palestinians suspected of collaborating with Israel before executing them in Gaza City August 22, 2014. Hamas militants killed seven Palestinians suspected of collaborating with Israel in a public execution in a central Gaza square on Friday, witnesses and a Hamas website said. The victims, their heads covered and hands tied, were shot dead by masked gunmen dressed in black in front of a crowd of worshippers outside a mosque after prayers, witnesses and al-Majd, a pro-Hamas website, said. Another 11 people suspected of collaborating with Israel were killed by gunmen at an abandoned police station in Gaza earlier on Friday, Hamas security officials said. REUTERS/Stringer (GAZA - Tags: POLITICS CIVIL UNREST MILITARY CONFLICT)
يهدف مقالي إلى زيادة التوعية الأمنية عند الأمة العربية والإسلامية، لأن هكذا أساليب هي من سمات مدارس المخابرات العالمية، وأسرد قصة حدثت مع شاب فلسطيني أسقطه الشاباك، ووقع في قبضة رجالات المقاومة الفلسطينية إبان حرب غزة.
 
محمد ابن الخامس والعشرون ربيعاً، من سكان قطاع غزة، شاب مثقف، أنيق، وابن أسرة ثرية، أنهى الثانوية العامة بمعدل 86.2، وحصل على بكالوريوس هندسة اتصالات وتحكم من إحدى الجامعات الفلسطينية بمعدل جيد جداً.

تقدم محمد إلى إحدى الوظائف في دولة أوروبية عن طريق عمه المقيم منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وعمل مهندساً للحاسوب، وهناك تعرف على فتاه اسمها سارة تحمل الجنسية الأمريكية، وتعمل في أوروبا في مجال تصميم مواقع الانترنت، وهي فتاة جميلة جذابة، خفيفة الظل، تحمل ملامح شرق أوسطية، حتى استطاعت أن تسيطر على وجدان وتفكير محمد.

كلف محمد بوضع ملفات باتش (هاكرز) في كل موضوع ذي صله بالمقاومة، فكان يخترق أجهزة حاسوب زوار الموقع وغالبيتهم من رجالات المقاومة، وخاصة في مجالات التصنيع، وتم بالفعل اختراق بعض الأجهزة.

ذات يوم اقتربت سارة من محمد، وهمست في أذنيه، تدعوه إلى الاحتفاء بعيد رأس السنة الميلادية، فتردد محمد، وحبس أنفاسه قليلاً ونظر يميناً وشمالاً، ولكن الرائحة الجذابة التي تفوح من سارة سيطرت على محمد فوافق بخجل، وأعطت سارة عنوان منزلها إلى محمد.

ذهب محمد إلى منزل سارة، وضميره العربي المسلم يحاكيه ويذكره بفلسطين وبدينه وبأمه التي تنتظر عودته لتفرح به مثلها مثل كل الأمهات، ولكن شهوته وحب استطلاعه ومراهقته كانت أكبر من ذلك، فطرق محمد الباب، لتخرج له سارة وهي ترتدي ثياباً شفافاً، فيسقط محمد في حب سارة، ويدخلا إلى غرفة نومها، وبعد ساعة خرج محمد نادماً، واستأذن وذهب إلى بيته.

بعد يومين وبعد انتهاء عطلة أعياد الميلاد اتصل رجل يدعى حاييم بمحمد، وقال له محمد نريد أن نقابلك غداً، فرد محمد من أنت، قال حاييم: أنا مدير عام شركة حاسوب وأحد أقرباء سارة، اتفقا على المكان، ذهب محمد إلى حاييم، وعندما تقابلا وتبادلا أطراف الحديث عرض حاييم على محمد بأن يعمل عميلاً للشاباك الإسرائيلي (جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي).

تفاجأ محمد من هول الصدمة، ورفض العرض، ولكن قبل أن يقف محمد عن كرسيه، أخرج حاييم شريط محمد مع سارة في ليلة رأس السنة، وهدده بالفضيحة، وهدده بمستقبله وعرض عليه راتباً يضاهي راتبه في أوروبا. خاف محمد وطلب فرصة من حاييم ليفكر، ولعبت سارة دوراً في إقناع محمد، فوافق محمد. وهنا بدأت الحلقة الهامة والخطيرة في طبيعة المهام التي أوكلها الشاباك إلى محمد.

ذهب محمد وسارة إلى سفارة إسرائيل، وهناك التقيا مع السفير الإسرائيلي، ومع ضابط رفيع في الجيش الإسرائيلي "الموساد"، وكان ضابط آخر قادماً من إسرائيل من جهاز الشاباك، واتفقا على أن يقوم محمد بمغادرة أوروبا، والعودة إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، وكان رقم العميل 9، وهو الرقم السري للتواصل بين محمد والشاباك الإسرائيلي.

كانت الأجواء في قطاع غزة متوترة بين حركتي فتح وحماس، بعد فوز الأخيرة في الانتخابات التشريعية، عاد محمد إلى أحضان أهله، حاملاً معه تكليف الشاباك له، وهو إنشاء موقع الكتروني ومنتدى للشباب متعدد المحاور، وكان المحور الأبرز هو محور المقاومة وتصنيع الأسلحة، وساعده الشاباك في إثراء موقعه بموضوعات بالغة الأهمية في عملية تصنيع العبوات والصواريخ مع فقدان حلقة هامة في عملية التصنيع.

وبحكم خبرة محمد في مجالات الحاسوب، كلف محمد بوضع ملفات باتش (هاكرز) في كل موضوع ذي صله بالمقاومة، فكان يخترق أجهزة حاسوب زوار الموقع وغالبيتهم من رجالات المقاومة، وخاصة في مجالات التصنيع، وتم اختراق بعض الأجهزة والحصول على معلومات، وتم اصطياد بعض مهندسي التصنيع من بعض فصائل المقاومة الفلسطينية والعراقية، وتسبب محمد وسارة التي تعاونه من أوروبا، في اغتيال ثلاث شخصيات هامة في مجالات التصنيع.

تفاجأ محمد من هول الصدمة، ورفض العرض، ولكن قبل أن يقف عن كرسيه، أخرج حاييم شريط محمد مع سارة في ليلة رأس السنة، وهدده بالفضيحة، وهدده بمستقبله.

ولكن إرادة الله وذكاء رجالات المقاومة في قطاع غزة، وقع العميل في الفخ، فعندما بدأت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، نشر محمد تقريراً بمساعدة الشاباك الإسرائيلي عن شيفرة إسقاط طائرة الاستطلاع (الزنانة)، ولكن كثافة المعلومات التي تمتع بها موقع محمد، دفع رجالات المقاومة إلى رصد محمد، واقتحموا منزله وصادروا حاسوبه، ولكن محمد شخص ذكي كان لديه جهاز حاسوب محمول به المعلومات الخطيرة، ومن خلال هذا الحاسوب الخاص يتم التواصل مع الشاباك، وبعد التحقيق مع محمد اعترف بالعمالة وسلم رجالات المقاومة جهاز الحاسوب الخاص، وبعد أن ثبتت العمالة عليه أعدموه بالميدان.

نستفيد من هذه القصة هو مزيد من الانتباه من التكنولوجيا، فهي سيف بحدين، والمخابرات في كل دول العالم تلجأ إلى التجسس على الانترنت والهاتف لأنه أهم وأفضل وسيلة للحصول على المعلومات، ولعل الحادثة التي أطاحت بالشهيد محمود المبحوح القائد العسكري في حماس، قد يكون للانترنت أو الهاتف الدور البارز في عملية الرصد والمتابعة.

ونترك هكذا معلومات للتحقيق الذي تقوم به شرطة دبي والتي أذهلت العالم، وأدخلت الفريق ضاحي خلفان موسوعة غينتس في سرعة كشف الجريمة لأن جريمة معقد كهذه، لولا اهتمام دولة الإمارات بالأمن وتسخير التكنولوجيا في خدمة الأمن، لسجلت الحادثة ضد مجهول.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.