شعار قسم مدونات

التسويق الشبكي بين الجواز والمنع

Blogs - Web Marketing
ما رأيك في أن يكون دخلك الشهري حوالي 100 ألف دولار دون عمل؟ وذلك مدى الحياة، بل ويرث أبناؤك هذا الدخل من بعدك؟ طبعا سؤال لا يحتاج لوقت طويل للتفكير، والآن دعنا نفكر في وسيلة تحقق ذلك، ستقنع 5 أشخاص أن يعطيك كل منهم 100 دولار فقط كل شهر، لكن هذا قليل وأيضا مستحيل، انتظر، كيف ستقنعهم؟ ستقول الآتي:
 
إذا قبلت أن تضع في حساب شركة كذا 100 دولار كل شهر ذاكرا اسمي، فإن الشركة ستعطيني منها 40 دولارا، ولكنها في المقابل ستعطيك الحق في أن يضع الناس في حسابها 100 دولار كل شهر أيضا ذاكرين اسمك فتعطيك من كل 100 دولار 40 دولارا! أي أنك إن أتيت بخمس أفراد يفعلون ذلك في نفس اليوم الذي دفعت للشركة باسمي فيه ال 100 دولار فإنك ستحصل على 40 دولارا خمس مرات، أي 200 دولار، بمعنى: في نفس اليوم ستحصل على ضعف ما دفعت باسمي!

ليس هذا فحسب، بل إن كل واحد من الخمسة الذين دفعوا باسمك سيبحث كل منهم عن 5 أفراد جدد ليسترد دولاراته ويربح أيضا، وهكذا فإنهم حين يفعلون، سيسترد كل منهم ماله ويربح، ولكن أين تذهب باقي الدولارات ال100؟ أنت ستحصل أيضا على 10 دولارات فقط من كل ممن جاء بهم أي ممن جئت به، وأذكرك أنك أتيت بخمسة، والخمسة كل منهم أتى بخمسة (ربما أنت لم ترهم ولا تعرفهم أبدا) و5 في 5 يساوي 25 رجلا لا تعرفهم يدفع كل منهم 100 دولار تحصل منها على 10 دولارات، أي 250 دولارا من أناس لا تعرفهم.

بعيدا عن الإسلام، والحل والحرمة فهذا الأمر سيجعل جميع الناس لا يعملون أصلا! وأما في الإسلام فهذا الأمر به غرر واضح، فبالتأكيد في النهاية سيكون هناك من يدفع ولا يجد من يرد له ماله.

وهؤلاء الخمسة والعشرين سيحضر كل منهم 5 رجال يدفع كل منهم 100 يحصل من أتوا بهم منها على 40 والمستوى الأعلى على 10 وأنت على 5 فقط ولكن عدد هؤلاء صار 125 رجلا فأنت ستحصل على 625 إضافة ل 250 سابقة و200 دولار من الخمسة الأوائل وهكذا بعد ذلك سيصبحون 625 ستحصل من كل منهم على 3 دولارات فقط، أي 1875 دولارا! ومن ثم تحصل من المستوى التالي على دولارين، أي 2500 دولارا إضافية، ومن ثم يصبحون ….وهكذا دواليك، ستجد أنك ستأخذ أرقاما أقل، ولكن من أعداد كبيرة جدا من البشر، وفكر لو حصلت على ربع دولار ولكن من 100 ألف إنسان مثلا، ستجد أن دخلك الشهري فعلا سيصبح آلافا مؤلفة من الدولارات مقابل التزام بسيط جدا، هو: أن تضع في حساب الشركة ذاكرا إسمي 100 دولار شهريا…

ما المشكلة فيما تقدم؟
بعيدا عن الإسلام، والحل والحرمة فهذا الأمر سيجعل جميع الناس لا يعملون أصلا! وأما في الإسلام فهذا الأمر به غرر واضح، فبالتأكيد في النهاية سيكون هناك من يدفع ولا يجد من يرد له ماله، كما إن وسيلة الحصول على المال هنا غير مبررة حقيقة أبدا إلا بأنني أدفع لك لكي أجد من يدفع لي، دون أي انتاج أو تبادل للسلع.

حسنا حسنا دعونا نصلح الأمر لكي نرد على هذه المسألة التي ستصرف الناس عن هذه الآلية الرائعة التي تضمن لنا الحصول على أموالهم طواعية ودون عناء، سنقول لهم: لا لا لا، أنت لا تدفع مقابل لا شيء بل أنت تشتري سلعة، نعم سلعة، ولتكن أي سلعة تافهة، فهي ليست مقصودة لذاتها، وإنما لنحرك المسألة بعيدا عن الاعتراض الشرعي.

يا إلهي، ولكن الإسلاميين كشفوا هذا الأمر أيضا، وقالوا بحرمة المسألة لأنها احتيال للوصول إلى الحرام المتقدم، حسنا سنفعل شيئا جديدا جدا، سنبذل جهدا كبيرا فعلا في الوصول إلى منتج ما ونحصل على اعتراف من عدة مؤسسات دولية محترمة بشكل أو بآخر بهذا المنتج، ولننسج حول منتجاتنا قصة كبيرة.

مثلا المنتج النباتي الوحيد في العالم الخالي من كذا والمضاد لكذا والقادر على علاج كذا وتنعيم البشرة وتنحيف الجسد وإزالة الصداع وعلاج السرطان وووو وكما تعلمون أيها الإسلاميون فإن الله تعالى خلق الداء وخلق الدواء، وهذا الغذاء إن داومت عليه مدى الحياة ستصبح أقوى وأذكى وأجمل وأكثر وسامة وووو (لاحظ أن جملة مدى الحياة أساسية جدا لاستمرار التدفقات النقدية مدى الحياة أيضا).

سنقول لهم: لا لا لا، أنت لا تدفع مقابل لا شيء بل أنت تشتري سلعة، نعم سلعة، ولتكن أي سلعة تافهة، فهي ليست مقصودة لذاتها، وإنما لنحرك المسألة بعيدا عن الاعتراض الشرعي.

والمنتج السابق هو ما سنبني عليه آليتنا للتسويق الشبكي التي تختلف تماما عن التسويق الهرمي (ليس مهما أن تعرف الفرق لكن المهم أن الشيء الآخر هو الحرام أما نحن فحلال حلال حلال)، وللعلم، من الممكن أيضا ألا نكون تسويقا شبكيا أصلا، فماذا إذا؟ بيع مباشر (وأحل الله البيع وحرم الربا)…

أنا لست فقيها أبدا لأحلل، أو أحرم، أو حتى أناظر، ولكن أول آية خطرت ببالي في هذا الأمر هي: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ، لَا تَأْتِيهِمْ، كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) وأنا أجبن كثيرا جدا من أن أقترب من حمى مولاي فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما: (إن الحلال بيّن والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وأن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، إلا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب).

وإن من أمثلة التحايل على الربا بيع العينة وهو محرم أيضا، وليس الموضوع هنا موضوع شرح بيع العينة فيمكن البحث عنه، كما إني لم أقل إن التسويق الشبكي ربا أو بيع عينة. كما إني لم أقل هل هو حرام أو حلال أصلا، فأنا لست أهلا لذلك، كل ما هنالك أني أسأل الله تعالى أن يعافيني من الحرام ومن الشبهات وأن يرزقني وإياكم من الحلال الذي لا لبس فيه إطلاقا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.