شعار قسم مدونات

في عصر التكنولوجيا.. ماذا يحتاج أطفالنا؟

مدونات - الأبناء

كان الأم والأب في السابق مصدر معرفة يعتمد عليه الأطفال ويشعرون بالثقة لكونهم يعرفون أكثر منهم. لكن الوضع قد تغير اليوم في عصر التكنولوجيا حيث لم يعد الآباء هم مصدر المعلومة ولا هم من يعرفون أكثر إنما يلجؤون في كثير من الأحيان لأطفالهم لحل مشكلاتهم التقنية في الهاتف النقال والحاسوب وغيره من الأجهزة الإلكترونية ويتعجبون قدرة أطفالهم على التعامل مع هذه الأجهزة التي تبدو معقدة نوعا ما بالنسبة لهم هم الكبار!
 

إذاً فلا بد أن مهمتنا كآباء وأمهات قد تغيرت عن السابق ولابد أن نواكب تغيرها كي نستطيع أن نكون آباء وأمهات ناجحين. لقد وفرت التكنولوجيا لأطفالنا كل ما يحتاجونه من معلومات بل وأيضا أصبحت مكان لتعلم المهارات وللترفيه وللتواصل مع العالم وتكوين صداقات مع أناس من كل مكان في العالم لكنها لم ولن تستطع أن توفر لهم الحب والاحتواء والأمان.. لذا فجل ما نستطيع تقديمه لأطفالنا اليوم هو الحب وإن فشلنا في تقديمه لهم فغالباً نكون قد خسرناهم.
 

يتطلب منك كأب أن تكون مستمعاً جيداً لأبنائك وأن تصغي لما يقولون وأن تتفاعل مع مشكلاتهم وتبدي اهتمامك ولا تعاقبهم على الخطأ بل تعلمهم لماذا هو خطأ وكيف يتجنبوه في المرات القادمة، فذلك يبني جسور الثقة بينك وبينهم.

إن الطفل الذي لا يجد الحب والأمان في منزله غالبا ما يحاول البحث عنه خارج المنزل. في السابق كان البحث محدود في نطاق الأصدقاء والمعلمين والمجتمع الذي حوله أما الآن فبحثه عن هذا الحب يجب أن نطلق له صفارات الإنذار! لأن بحثه سيكون بنطاق كل من يستطيع التواصل معه في هذا العالم الافتراضي الذي قد يعرضه لخطر كبير ويوقعه بمشاكل أكبر مما نتخيل. فنحن لا نعلم هل سيكون بديلنا صديق أم شخص راشد أم شخص منحرف، وما أكثرهم! لذا يجب علينا أن نقدم الحب بما يعنيه من احترام وأمان واحتواء ودعم معنوي وايمان بالطفل وقدراته.
 

بالتأكيد أنك تتساءل كيف يمكنك أن تفعل ذلك. إن هذا الأمر بسيط يتطلب منك فقط أن تكون مستمعاً جيداً وأن تصغي لما يقولون وأن تتفاعل مع مشكلاتهم وتبدي اهتمامك ولا تعاقبهم على الخطأ بل تعلمهم لماذا هو خطأ وكيف يتجنبوه في المرات القادمة. وهذا بدوره يبني جسور ثقة بينك وبينهم فيلجؤون لك في شدتهم ويستشيرونك في أمور حياتهم فهذا الجيل أكثر وعياً مما نعتقد وأسلوب القمع والمنع والعقاب التعسفي لن يجدي معهم نفعا بل يزدهم عناداً!
 

إضافة لذلك فعليك أن تتعرف على أطفالك لأنك قد تكون لا تعرفهم جيداً، صدقني! فالكثير من الآباء لا يعرفون ما هي اهتمامات أطفالهم وما هي نقاط قوتهم ونقاط ضعفهم ولا يعرفون كيف يفكر أطفالهم بالقضايا الاجتماعية وما يدور حولهم. تستطيع أن تفعل ذلك بالجلوس معهم والتحدث معهم وطرح مشاكلك عليهم وطرح مشاكل سمعت عنها لهم وسؤالهم عن كيف سيحلون هذه المشاكل لو كانوا مكانك أو مكان ذاك الشخص. كل تلك الأحاديث المفقودة في معظم العائلات تبني جسور محبة وثقة عميقة وتنتج انسانا سويا وتخرجه للمجتمع الذي هو بأشد الحاجة لأطفال أسوياء نفسيا وفكريا وما أقلهم!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.