شعار قسم مدونات

الحب غذاء العافية

blogs - love

 

يقول نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم " لا يُؤمنُ أحدُكمْ حَتى يُحِبَ لأخِيه مَا يُحبُ لِنَفسه " متفق عليه. ويقول أيضا " وَالذي نَفسي بِيدِهِ، لا تَدخلونَ الجنةَ حتى تُؤمِنُوا، ولا تُؤمِنوا حتى تَحابُّوا " أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة.

فالحديثان الشريفان يشيران بكل وضوح الى أن الحب من دلائل الإيمان، والحب هنا هو حب الخير للغير كحبه للنفس، وكره الشر للغير ككرهه للنفس كما جاء في بعض الروايات أيضا.

إضاءة

يساء اليوم فهم كلمة الحب كثيراً، خاصة بحصرها فقط ضمن علاقة أو شخص!
فالحب حالة من المشاعر والعواطف الإيجابية والتي تملك القدرة على شفاء الإنسان وتحسين مزاجه وتقليل نسبة إصابته بالأمراض.  

الحب والقرن الحادي والعشرون 

من أهم وسائل التحكم في عواطفنا هي ممارسة الحب الحقيقي بالإرادة الواعية، والذي يمثل نمطا وأسلوبا للحياة كما أشارت مؤخرا منظمة الصحة العالمية حول العافية. فاليوم لا ينقصنا المساجد ولا المؤتمرات ولا الندوات، اليوم ينقصنا حبنا الحقيقي لديننا ولبعضنا، تماماً كما كانت صحابة رسول الله صلّ الله عليه وسلم

إن تفاعل الأفكار في عقل الإنسان مع جسده ينتج المشاعر والعواطف الإيجابية والسلبية منها. والأفكار السلبية المبنية على الأفكار اللاواعية تنتج المشاعر السلبية، والتي غالباً ما تُرزع في الإنسان منذ نعومة أظافره. كفكرة أنه لا أحد يحبني أو لا أحد يحترمني، والتي بناءً عليها يفسر ويترجم ويقرأ الدماغ المواقف التي نمر بها والتي تصنف فوراً على أنها سيئة. مما يؤدي كما تخبر منظمة الصحة العالمية، إلى إفراز هرمونات التوتر، مثل هرمون " الأدرينالين، والكورتيزول " واللذان ما إذا داما بنسبة مرتفعة سيؤديان لتكون الأمراض، مثل " ارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والجلطات، ومرض الاكتئاب ".

وبينت إحدى الدراسات أن خمس دقائق فقط من مشاعر الغضب يمكن أن تعطل الجهاز المناعي لمدة تزيد عن ست ساعات!! مما يعني أن الإنسان أصبح أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والالتهابات. لذا فإن العاطفة السلبية سامة ضارة للجسد، وتؤدي لإخلال توزان وتناغم هذا الجسد، والتي هي في حقيقتها طاقة سلبية تخزن في ذاكرة كل خلية مما ينتج الآلام والأسقام.

وعلى النقيض، فإن من أهم وسائل التحكم في عواطفنا هي ممارسة الحب الحقيقي بالإرادة الواعية، والذي يمثل نمطا وأسلوبا للحياة كما أشارت مؤخرا منظمة الصحة العالمية حول العافية.  فاليوم لا ينقصنا المساجد ولا المؤتمرات ولا الندوات، اليوم ينقصنا حبنا الحقيقي لديننا ولبعضنا، تماماً كما كانت صحابة رسول الله صلّ الله عليه وسلم.  فالحب نشاط إيجابي وليس فقط شعوراً عابراً بدوافع فسيولوجية هرمونية.  وتؤكد أحدث الأبحاث والدراسات ما للحب من قدرة عجيبة على تحقيق الشفاء والعافية، فعندما نشعر بمشاعر خيره " كالحب " فإن الدماغ يفرز مجموعة من الهرمونات، مثل هرمون " الأُكسيتوسن والمعروف بهرمون الحب " حيث يقلل من تأثير هرمونات التوتر ويخفض من ضغط الدم ويحسن المزاج، بل ويساعد على التئام الجروح والشفاء الذاتي من الأمراض.  

وفي دراسة أخرى، وجد أنه عند التركيز على من أو ما نحب، فإن أجزاءً محددة في الدماغ تنشط وتشع وتضيء، مما يعني أن هذه المناطق قد فعلت، ومنها المنطقة المسؤولة عن إفراز هرمون " الدوبامين والذي يعرف بهرمون السعادة " وتوضح الدراسة بأن هذه الهرمونات التي تفرز بالدماغ وتتناسب مع شدة الحب يمكن أن تغرق الدماغ بكميات كبيرة، مما يمنح الجسم النشاط والقوة والحيوية والجلَد والتركيز والقدرة على الاحتمال وزيادة القدرة على سهر الليل دون تعب. لذا فالحب يمنح الإنسان الطاقة اللازمة لإصلاح خلاياه، فالله خلقنا قادرين على الشفاء الذاتي والذي من أهم وسائلة تفعيل الحب، فلا عجب الآن بأن طريق الإيمان يكون بالحب.

فلنحب إذا خالقنا وأنفسنا وبعضنا، ونحيي فكرة الشفاء الذاتي بالحب الذي ينقص عالمنا بشدة، ولنصحح مفهوم الحب الخاطئ لدنيا، ولنهدي بعضنا البعض ما أودع الله بنا من خواصٍ. سبحان من أودع بنا حبه بالفطرة، فالله هو معطينا كل شيء، مانحنا حب أمهاتنا وأزواجنا، واهبنا فكر الحب الذي أحيا دورة دمائنا. والحب موجود منذ القدم، فحب نبينا صلوات الله وسلامه عليه، لأصحابه وأزواجه ولنا " نحن أحبابه كما أخبر أصحابه " كفيل بأن نعلم بأن السيرة والطب النبوي لا يقتصر على التمر والحبة السوداء، بل هو طريقة كاملة متكاملة للعيش السليم القويم، فهو يخبرنا بأن نحب بعضنا وأن نكون كالبنيان المرصوص، وألا نغضب ثلاث مرات كما جاء في الحديث.

لذا لا عذر لمن أدرك الفكرة وتخلى عنها. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.