شعار قسم مدونات

ما وراء الصفر

blogs الصفر

لا أعلم كم الساعة الآن، ولا أعلم أيضاً إن كانت الشمس قد غابت أو عادت لتُشرق من جديد، ما زلت جالساً في مكاني على هذا الكرسي البارد، يلفّني اليأس من كُل جانب وصوت الساعة يَطرق بعنف جدران عقلي كأنها تنبهني بأن الوقت يمضي وعليّ ألا أتأخر .

كُنت قد خرجت من البيت في الوقت المحدد، وأجريت روتيني المعتاد، تناول طعام الفطور، تحضير الملابس وسقاية زهور الشرفة والتفكير بما سأفعله طوال ال 24 ساعة قادمة، ما إن أصل وأضع الأوراق أمامي، يستغل ذاك الشعور هذا الوقت بالتحديد ليتسرب بين ثناياي ويفعل فعلته، لأجلس هكذا مصاب بحمى التفكير والخوف المزمن.

إحدى غرف عقلي اليوم تأخذ دورها لتعرض واحد من أفلام الذاكرة، فتعرض لي جميع الأبواب التي طرقتها، بعضها كان من اختياري والبعض الآخر دخلته عنوة، لكن هُناك باب وحيد لم يكن ينتمي لأي بعض كان متفرّد، أعلم أنّني لست الوحيد الّذي جرّبته، لكنّك تجر إليه جراً لا تدري أهو اختيار أم عنوة، باب تأخذك الريح إليه من غير حول لك ولا قوة، قد يستغرق الأمر يوم أو شهر أو بضع سنين حتى تخرج منه، إنه باب الفشل.. 

الفاشلون هم أشخاص ناجحون بتحمل الفشل وبلع الصعوبات. لا يوجد شخص فاشل، كل واحد فينا ناجح بأمر ما، المهم أن نأخذ الصفر من على الرف البعيد وأن نرى تلك النقطة بوضوح. وفي النهاية لولا الفاشلون لما عُرفت أسماء الناجحون

الفشل عبارة عن رقم صفر، شيء لا معنى له إذا ما أدخلناه عدة حسابات ومعادلات ليكون له قيمة فعلية ويُعطينا نتيجة صحيحة وحقيقية. إن معادلات الحياة صعبة أكثر من الرياضيات، تحتاج جهداً دقيقاً وأحياناً لا يتطلب الأمر سوى أن تتعدّى بضع خطوات من جانب سريرك وتمضي لعلّك تتعثر بفرصة أمامك، قد تكون تلك المعادلات ليست من نصيبنا، مهما حاولنا ضربها بُكل ما نملك أو نزيد عليها في النهاية لا تُعطينا سوى صفر، أو أننا نبقى على حالنا بلا نتيجة! 

في البيت، القهوة الّتي في آخر حييّنا وفي السيارة عندما أشغل المذياع، كثيراً ما أسمع وأشاهد أسماء الناجحين وقصص نجاحهم، هُناك من يروي قصته بحدود الدراسة، تفوقه على زملائه وأنّه مصدر فخر للعائلة، وهناك من ربط النجاح الدراسي بنجاحه في شيء معين في الحياة.. لكن أنا من ناحيتي أمجّد وأرى الصدق، الصبر والعظمة في أولئك الّذين يتحدثون عن النجاح بمشاعر متضاربة من الحزن والفرح، الكره والحب، الألم والأمل، أولئك الّذين بدأوا قولهم: نحن كنّا فاشلين، كنّا صفر حتى اتضحت المعادلة.. 

ضلّت هذه الجملة تزنّ في رأسي كنحلة، حتى أتتني منها قرصة أيقظتني، وقع بصري على تلك النقطة الّتي وضعتها على الورقة، قد تظن أنّها نقطة، لكنّها قد تصنع كلمة، جملة عظيمة ولوحة تستقطب آلاف المُدهَشين. الفاشلون هم أشخاص ناجحون بتحمل الفشل وبلع الصعوبات. لا يوجد شخص فاشل، كل واحد فينا ناجح بأمر ما، المهم أن نأخذ الصفر من على الرف البعيد وأن نرى تلك النقطة بوضوح.  وفي النهاية لولا الفاشلون لما عُرفت أسماء الناجحون.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.