شعار قسم مدونات

نيمار: لن أعيش في جلباب ميسي

Soccer Football - Paris St Germain vs Amiens SC - Ligue 1 - Paris, France - August 5, 2017 PSG chairman Nasser Al-Khelaifi with Neymar during the presentation REUTERS/Christian Hartmann
أن ينزع كونان نظارته ولو لمرة واحدة معترفا بأنه سينشي كودو، وبأن كل الجرائم التي ظن العالم أن توغو موري اكتشفها، كان هو السبب في حلها، أن يمل واتسون دور المخبر لشارلوك هولمز، وأن يلبس روبين زيا يليق بالبطل لمرة واحدة، ويهمس لبات مان أن يستريح هذه الأمسية، ذاتها كانت احتمالية أن يصرخ نيمار في وجه ميسي بعد أن كان يصرخ خلفه دون أن يسمعه أحد "أنا موجود" ربما لأن أوركسترا ميسي كانت أعظم من أن تُسمع الصرخات خلفها، أو ربما لأن نيمار كان يصرخ وهو يرقص، فظنه الجميع منتشيا لا غيورا، وربما لأن الجميع نسي بأن متعة كرة القدم في "التنافسية" والتي قدِم نيمار إلى برشلونة من أجلها وليتعلم على يدي ميسي "كيف تطيح بالنجوم"، ربما أيضا لم يكن أحد ليتوقع أن يخرج أحدهم من نعيم البلاوغرانا رفقة ميسي وسواريز وصخب الليغا والتنافسية مع مدريد، إلى هدوء الشانسيليزيه وضوء برج إيفل الخافت، ورومانسية الأجواء الفرنسية، ففرنسا لم تُكن قِبلة كرة القدم يوما، لضعف التنافسية فيها وشح النجوم في الليغ 1.
لا شك أن التساؤلات التي طرحتها الصحف والإعلام الرياضي بعد تأهل برشلونة على حساب باريس سان جيرمان في دوري الأبطال حول "نضوج نيمار وإمكانية لعب دور ميسي نفسه" وصلت إلى ابن ريو دي جانيرو، فاللاعب قاد لوحده برشلونة إلى الفوز في ذلك اللقاء، وقد تكون تلك هي المباراة التي صرخ فيها نيمار بأعلى صوته "لن أعيش في جلباب ميسي".

التطور الذي وصل إليه نيمار مع البارسا لا شك بأن لليونيل دور كبير فيه، لكن ألم تحن اللحظة التي يختبر فيها "الابن" براعته بعيدا عن رعاية الأب و مراقبته، خاصة وأن نيمار قاد البرازيل "التي لا يلعب فيها ميسي" إلى الفوز بالأولمبياد وهي البطولة الوحيدة التي كانت تنقص خزائن راقصي السامبا.

يقول المثل القديم "إن درجة السلم ليس هدفها أبداً أن يستقر المرء عليها، بل لتمسك قدمه لوقت يكفي لأن يتمكن من الصعود درجة أعلى بقدمه الأخرى"، وهذا الوقت بالنسبة لنيمار قد انتهى، وآن أوان الصعود درجة أخرى.

باريس سان جيرمان نجح في توجيه اللكمة التي كان ينتظر الوقت المناسب لها منذ مدة، فعرف كيف يختار الضحية المناسبة، ولا يوجد في العالم أفضل من التنافسية بين ميسي ورونالدو من جهة، وطموح نيمار "المبرر" من جهة أخرى

في عالم مواز، كان بالإمكان أن يكون برشلونة أو ريال مدريد هما أنسب ناديين للقيام بهذه الخطوة، لكن وجود رونالدو وميسي بهذين الناديين جعل نيمار ينظر إلى الخيارات الأخرى، خيارات قد تكون أقل مستوى من الغريمين الأزليين، لكنها ستضمن للاعب أن يكون أحد اضلاع مثلث التنافسية.

ما يبحث عنه نيمار ليس الدخول في قائمة أفضل اللاعبين في العالم، بل الفوز بها، ولكن كيف يفوز اللاعب بالجائزة وهو عاجز عن احتلال الرقم واحد في فريقه، ما يفتقده نجم السامبا هو الإحساس بالأهمية، وأن يصبح نجم الصف الأول في فريقه، ويتحول من كونه لاعبا مهما في الفريق، إلى اللاعب الذي يتحكم في ريتم وإيقاع الفريق في أي وقت.

لن أنكر أن خيار باريس سان جيرمان كان ماديا بالنسبة لنيمار، ولكن بالنظر إلى الجانب الآخر من الكوب، البرازيلي يرى بأن ميسي هو سبب كل ما وصل إليه برشلونة من إنجازات، وقد يكون دافع انتقاله إلى باريس هو قيادة الفريق إلى إنجازات لن يكون أحد قادرا على إنكار دوره الرئيسي فيها إذا ما تحققت.

من جانبه باريس سان جيرمان نجح في توجيه اللكمة التي كان ينتظر الوقت المناسب لها منذ مدة، فعرف كيف يختار الضحية المناسبة، ولا يوجد في العالم أفضل من التنافسية بين ميسي ورونالدو من جهة، وطموح نيمار "المبرر" من جهة أخرى في أن يصبح الضلع الثالث، لاستغلالهما والتوقيع مع أفضل المهمشين، باعتبار أن ميسي ورونالدو ينالان النصيب الأكبر من الكعكة.

ليستغل باريس التهميش الذي يشعر به من يعيش في ظل الملك، فخطف لاعبا بإمكانه نقل النادي إلى المرحلة الموالية بالتأكيد، مرحلة النظر إليه كمنافس حقيقي على البطولات القارية، والتي حاول النادي دخولها منذ زمن فتعاقد مع زلاتان وكافاني ودي ماريا و تياغو سيلفا وغيرهم من اللاعبين، ولكن يبقى دخول هذه المرحلة منوطا بالتعاقد مع اسم كبير بإمكانك القول بأنه مرشح لجائزة أفضل لاعب في العالم، اسم بإمكانه حمل الفريق على عاتقه ليس في مواجهة تولوز فقط، بل حتى عندما يتعلق الأمر بمواجهة بايرن ميونخ أو ريال مدريد.

قد يكون المبلغ الذي دُفع في نيمار مبالغا فيه، ولكن ربما تكون هذه الصفقة هي بالضبط ما يحتاجه نيمار من حوافز ليخرج للعالم مرتديا زي روبين ومؤكدا بأنه سيكون البطل، حتى لو عنى ذلك مواجهة باتمان في أحياء ميتروبوليس، أو ملاعب أوروبا!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.