من المهم أن نعي أن العلم يعتمد على التدين بشكل جزئي متمثلاً بأخلاقيات تنفيذه التي يمدها به الدين، وبالمقابل الدين يعتمد على العلم بشكل كبير في تفسير ما ذكره الدين من قبل في هذه العلوم وليوجه تنفيذ نتائجه أيضاً بما يتوافق مع الإرادة السماوية، ويبقى لكل منهما استقلاليته التامة إلا أن لعلاقة التساند بينهما مردود إيجابي عملاق ينال معظمه الدين.
لو استوعب علماؤنا أن علوم الحياة يجب أن تكون في رأس سلم الأولويات لديهم لصنعوا الرابط الأعظم بين الإنسان المسلم وغير المسلم والدين |
الإلحاد بطبيعته ينشأ نتيجة إيمان الفرد بالعلم فقط، وحين يجد الخطاب الديني غير مرتبط بالعلم، فإنه يكفر به، فإن كان علينا لزاماً إعادة الملحد إلى الطريق القويم فعلينا بالتأكيد أن نثبت له التوافق التام بين الدين والعلم، وهذا وفق شريعتنا الإسلامية حق لملحد -المرتد- ودون تحققه لا يقام عليه حد الردة..
هنا بالضبط يتجلى دور العالم المسلم الحق في أن يفصل بوضوح بين القضيتين الشائعتين اليوم "العلم يُكذب الدين" و"العلم يؤكد الدين"، فقد آن الآوان أن يدحض العلماء المسلمون الحقيقيون عنهم التهم التي لا تلتصق بهم وحسب، بل إنها تلتصق بالدين نفسه سواء كانت هذه التهم هي "تغييب الوعي العلمي" أو "الارتجاج العقلي العقيم" وتصل حدتها إلى "الدجل والهرطقة"، نعم آن الآوان أن نتوقف عن مهاجمة المتهم لنا بتهم أخرى ونتجه لإثبات بطلان التهم فهذا هو الأجدى.
لو استوعب علماؤنا أن علوم الحياة يجب أن تكون في رأس سلم الأولويات لديهم لصنعوا الرابط الأعظم بين الإنسان -المسلم وغير المسلم- والدين، لكان الدين هو المفسر للحياة بجزئياتها ولكان العلم ثمرة من ثمرات المعرفة الدينية وليس العكس وحينها سيكون اليقين به لا يحتاج لسيف مسلول، حيث إن التأثير الإسلامي على مجرى التاريخ القادم يتوقف على مدى قوته في كل مجالات الحياة وكلما عظمت هذه القوة عظم التأثير المنشود.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.