شعار قسم مدونات

البرزاني والإنذار الأصفر

blogs البرزاني

تدور تداعيات استفتاء إقليم كردستان العراق بين شد وجذب بين الأطراف الداخلية للبيت العراقي المتناحر على حدا وبين الأطراف الإقليمية من مستوى ثاني. لا يخفى على الجميع حجم القومية الكردية وأثرها في الشرق الأوسط وخاصة في السنوات الأخيرة. وهم يتقسمون بين أكراد العراق ذات الحظوظ الأوفر وأكراد تركيا في الدرجة الثانية وأكراد إيران في الدرجة الثالثة أما الدرجة الرابعة فهم أكراد سوريا الذين حصلوا على الجنسية السورية في أزمتها الأخيرة. 

مسعود البرزاني وهو رئيس إقليم كردستان العراق والممدد لولايته لسنتين، وضع نفسه تحت مرمى لا هواد فيها بل بدأ تقاربا بين طهران وأنقرة بسبب هذا الاستفتاء أما بغداد فعدوها ما زال يسيطر على مساحات واسعة من العراق على الرغم من تحرير الموصل مؤخرا ولكن الشاغل الأكبر لها حاليا ولا ترغب في فتح جبهة أخرى. أخطأ مسعود البرزاني في تقديره للوضع ويظن أن حكومة بغداد ضعيفة ولا تستطيع ردعه وخاصة في قضية كركوك. وهو يلوح بان كركوك تابعة للإقليم وهذه هي العثرة الأولى، أما الثانية فهي خلافاته مع بغداد وتصدير النفط دون موافقة المركز مما زاد الطين بلة، فموظفوا الإقليم يتقاضون ربع رواتبهم وهذا الربع يأتي كل شهرين أو ثلاثة أحيانا وما هذا إلا جزء من عقاب بغداد.

جيران إقليم كردستان هي الدول المعارضة لقيام هذه الدولة الكردية والإقليم حالة من حال العراق ككل فهو يعتمد على واردات النفط ليستورد ما يأكله من تركيا وإيران ولا وجود لمنفذ بحري يتنفس من خلاله

فكرة البرزاني هي عمل نموذج أخر من سنغافورة وماليزيا قد يتحول إلى جنوب السودان والسودان نفسه. الإقليم لا يشهد انتعاشا اقتصاديا بل انتكاسا إذا علمنا أن الغالبية من السكان تعتمد على رواتب الدولة. عدد كبير من أكراد العراق هم مدينون للدولة بسبب القروض مما أجبر الأكثرية لبيع منازلهم وسياراتهم لإيفاء القروض وهذا من الداخل أما الخارج فهي إذا ما أقمت دولة للأكراد فإن أول المطالبين للانضمام لهم أو القيام بأخرى هم أكراد تركيا والتي تشهد مناطقهم اضطرابات مستمرة مع الجيش التركي وحركة ال pkk. فهل يعتقد البرزاني بأن تركيا ستكون صامتة؟ 

على الرغم من دعوات الداخل والخارج لتأجيل الاستفتاء إلا أن البرزاني مصر وبشكل كبير على إجراءه في أيلول هذا العام، لكن ماذا إن فشل الاستفتاء في الانفصال عن العراق؟ ماذا سيكون مصير البرزاني حينها؟ حصل البرزاني على الإنذار الأول وباتفاق الجميع بين حكومة بغداد المركزية وإيران وتركيا، أما الإنذار الثاني والذي إذا ما حصل عليه فسيكون نهاية للبرزاني خاصة إذا ما نظرنا في الداخل الكردي وتزايد الأصوات لتأجيل الاستفتاء خاصة في الوقت الحالي. والتنافر ما بين الأحزاب الكردية خاصة بين أربيل والسليمانية ستأخذ انطباع بأن البرزاني كان ينتظر الضوء الأخضر ليقوم بالاستفتاء دون الرجوع للأحزاب المتواجدة. 

ولكن أليس من حق الأكراد القيام بدولة مشروعة؟ ولكن أين مقومات الدولة التي يرتكز عليها البرزاني؟ جيران الإقليم هي الدول المعارضة لقيام هذه الدولة والإقليم حالة من حال العراق ككل فهو يعتمد على واردات النفط ليستورد ما يأكله من تركيا وإيران ولا وجود لمنفذ بحري يتنفس من خلاله بل إن حدوده جبالا وعره مع خطواته الوعرة. هل فكر البرزاني متى سينفصل في حال نجاحه، هل فكر بالعملة، هل فكر بالديون والعديد من الأسئلة التي لم تطرح لأن التفكير في حلها يؤلم رأس المسؤولين الأكراد. 

خلاصة القول لم يتقدم البرزاني لهذه الخطوة إلا أنه تأكد من نجاحه فيها حتى لو استخدم طرق أخرى لإنجاحه، قيام دولة كردية هو أمر ينتظر مضي الوقت لا أكثر، ولكن هل ستكون دولة تجعل المحافظات العراقية الأخرى تقدم على نفس الخطوة؟ أم رادعا لها؟ 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.