شعار قسم مدونات

السيد جبران باسيل.. اقرأ عن الفلسطينيين.. لتعرف أكثر

blogs جبران باسيل

وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل يتحدّث عن الفلسطينيين بين الفينة والأخرى بتصريحات عنصرية تحمل الكثير من التعالي والشوفينية، ويحذّر من أنهم يريدون التوطين ليحتلّوا "مرقد العنزة" في "لبنان الأخضر". وحضرة الوزير يظن أننا جئنا إلى لبنان بقصد السياحة، فأعجبتنا هذه البلاد أكثر من بلادنا (والبَلَدان متشابهان، لكن مكانة فلسطين الاستراتيجية طمّعت الغرب فيها). لم يكن الأمر قبل 70 عاماً نزهةً إلى لبنان! بل جئنا في غمرة مؤامرة كبيرة أدّت بنا إلى هنا.. ليتك يا معالي الوزير تقرأ قليلاً عن الفلسطينيين ونكبتهم.. ولتعرف أكثر، اقرأ ما يلي:

 

لم تكن المجازر استثناءً في سياسة العدو الصهيوني، لقد شاركت العصابات الصهيونية كافةٌ في المجازر، خاصة تلك التي رافقت ما أسمته العصابات «حرب الاستقلال»، أي «النكبة» التي أدت إلى تشريد نحو 800 ألف فلسطيني، وتدمير 531 قرية وارتكاب أكثر من سبعين مجزرة موثقة بين (1937-1948)، من أجل خلق كيان غاصب على أرض فلسطين، بحجة أنها "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض".

 

أكثر من 70 مجزرة ارتكبها الاحتلال، أدّت إلى طرد هذا العدد من الفلسطينيين، منها (34) مجزرة في سنتي النكبة (47-48) ارتُكبت بحق مدنيين أو أسرى، (17) منها أثناء الوجود البريطاني، و(17) بعد الجلاء البريطاني عن فلسطين

هذه المجازر تنوعت فيما بعد وتطورت من استخدام السلاح الأبيض والرشيشات الفردية، إلى عمليات كوماندوس، وقصف بالطيران للتجمعات السكانية، والسيارات المفخخة بين المدنيين والأحياء السكنية، ناهيك عن كل الانتهاكات التي ارتكبها جيش الاحتلال في الانتفاضات الشعبية ضد المدنيين والسياسيين. وقد شملت هذه المجازر الأطفال والنساء والشيوخ والرضع والحوامل الذين كان يتم قتلهم بدم بارد.

 

وقد كتب رائد المؤرخين الجدد بني موريس كتابه «ولادة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين 1947-1949»، الذي أثبت فيه بالوثائق والشهادات التاريخية الإسرائيلية، أن الكيان الصهيوني وزعماءه، يتحملون مسؤولية طرد الفلسطينيين من بلادهم، وليس كما زعموا أن المشكلة نشأت بسبب الدعوات التي وجهتها الحكومات العربية لهم بالخروج من فلسطين..

 

أكثر من 70 مجزرة ارتكبها الاحتلال، أدّت إلى طرد هذا العدد من الفلسطينيين، منها (34) مجزرة في سنتي النكبة (47-48) ارتُكبت بحق مدنيين أو أسرى، (17) منها أثناء الوجود البريطاني، و(17) بعد الجلاء البريطاني عن فلسطين، و(24) مجزرة من هذه المجازر حدثت في الجليل، الملاصقة للحدود اللبنانية.

 

دور الفلسطينيين في لبنان

بالمقابل، يا معالي الوزير، اترك تصريحاتك العنصرية، واقرأ قليلاً لتعرف، باختصار، ماذا قدّم الفلسطينيون للبنان؟! جاء الفلسطينيون إلى لبنان، ومعهم 15 ألف لبناني، كانوا يعملون في فلسطين، لأن دستور حكومة عموم فلسطين الصادر عام 1922، يسمح للبناني بالعمل في فلسطين كالفلسطيني. جاء الفلسطينيون ومعظمهم من الفلاحين والطبقة الوسطى، واليد العاملة والماهرة.. حمل المتموّلون معهم 150 مليون جنيه استرليني، أي ما يعادل 15 مليار دولار.

 

وأنشأ الفلسطينيون البنوك وشركات الهندسة الأكبر في الشرق الأوسط، وساهموا ببناء الخليج انطلاقاً من لبنان. وحمل المتعلمون معهم لغتهم الإنكليزية، حيث نشروها في الأوساط اللبنانية، وساهموا في تطوير البنية التعليمية في لبنان. وحمل الفنانون خبرتهم الدولية في إذاعة الشرق الأدنى في فلسطين، وكما قال أحد الفنانين اللبنانيين: علمونا النوتة الموسيقية في الإذاعة اللبنانية.

 

يهمُّنا كلاجئين التأكيد أن قدومنا إلى هذه البلاد كان بفعل الإجرام الصهيوني، وليس بفعل اختيار اللاجئين الفلسطينيين. وأننا لم نأتِ إلى هذه البلاد لنخرّب فيها أو لنستعدي أحداً، بل لكي نعمّر فيها

وبعد سقوط مطارَيْ اللد وقلندية في فلسطين، جرى بناء مطار بيروت بدلاً من مطار بئر حسن الذي كان مدرجه أوتوستراد منطقة الجناح اليوم. وبعد سقوط ميناءَيْ حيفا ويافا، جرى تطوير مرفأ بيروت. ومدّ خطوط النفط العربي من موانئ فلسطين إلى موانئ لبنان. وإذا أردنا أن نُعدّد قادة الفكر والفن والسياسة والاقتصاد الفلسطينيين في لبنان لتجاوزوا المئات وربما الآلاف، وكثيرون منهم نالوا الجنسية اللبنانية بسبب نبوغهم وتفوّقهم.

 

يا معالي الوزير

يهمُّنا كلاجئين التأكيد أن قدومنا إلى هذه البلاد كان بفعل الإجرام الصهيوني، وليس بفعل اختيار اللاجئين الفلسطينيين. وأننا لم نأتِ إلى هذه البلاد لنخرّب فيها أو لنستعدي أحداً، بل لكي نعمّر فيها ريثما نعود إلى بلادنا. فيا معالي الوزير، اترك تصريحاتك العنصرية قليلاً، واقرأ كثيراً، لتعرف عن الفلسطينيين أكثر. اقرأ عنا لتعرف بأننا جئنا إليكم بسبب المجازر، ولم نأتِ إلى بلدكم باختيارنا. وبأننا حين وصلنا كنا عنصر نهضة وحافز تطوّر وتقدّم.

 

واعلم، يا معالي الوزير، أننا إن كانت أجسامنا هنا، فإن أرواحنا وعقولنا وقلوبنا معلّقة هناك في أرضنا. فبإمكانك أن تريّح بالك، فإن ما يشغل بالك ليس في بالنا، لا في الماضي ولا الحاضر ولا المستقبل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.