شعار قسم مدونات

أجعل بينكم وبينهم "سينما"

blogs سينما فلسطين

هل تذكرون الموسم الرمضاني الفائت؟ وإنتاجاته التي لاقت من لَعناتنا ما لاقت؟ والآن وقد أفاض الناس من عرفة، وبدأنا نحن في عوالم الانتاج الدرامي نجهز للموسم القادم، ماذا جهزتم له أنتم؟ المزيد من اللعنات ودعوات المقاطعة؟ المزيد من منابر التحذير والتيقظ من شاشات الفسوق ودعاة الانحلال؟

 

أمامكم عام من العمل الجاد تجاه المشروع الإعلامي، والعام كثير، فلماذا لا تدركون قيمة الشاشة أكثر وتحولوا صراخكم العلني إلى أعمال تتسلل بهدوء إلى الشاشة، وتعبر عن وجهات نظركم، التي تزعمون أنها شوهت وتم العبث بها؟

 

في عالم السينما والدراما، هناك المال الذي يتحكم بسير العملية، والطرح الذي يجذب الجمهور. ولا أعلمكم يا قوم، قليلي مال، عديمي ثروة، هذا ويزعجكم طرح الآخر على الدوام، أو في كثير من الأحيان، ولا أعلمكم شحيحي فكرة ولا منزوعي إبداع، فما الذي يحدث بربكم؟ لم لا تلقون بمالكم في خصب الفكرة، فتحصدوا الأعمال التي تحبون ويعود المال أضعافا وتوفروا علينا وعليكم صراخ اللعنة والشتيمة، بل تدعون بأناقة السينما وألق الدراما، الجماهير على اعتناق ما تقولون به أو على الأقل الى الالتفات له بعين المشاهد الذي يملك الخيار بين ما يطرح الاخرون وبين ما تطرحون.

 

إذا تعسفت القنوات والشاشات في رفض أفلامكم ومسلسلاتكم، فلكم في مسارات الإعلام الجديد، ومتاهات السوشيال ميديا، منفذا لا يخطئ، وطريقاً لا يعرف الحظر والرفض
إذا تعسفت القنوات والشاشات في رفض أفلامكم ومسلسلاتكم، فلكم في مسارات الإعلام الجديد، ومتاهات السوشيال ميديا، منفذا لا يخطئ، وطريقاً لا يعرف الحظر والرفض
 

فإن كان ما تطرحونه حقيقة فستطفو، وأما الزبد فيذهب جفاء. وبما أن الحقيقة هي بضاعتكم المزجاة، وطرحكم اليقيني، فلا تكتفوا بوضعه في وجوه الناس كما هو، بل كيدوا له كيدا، فنمقوه في القوالب المحترفة، واغزلوه في قصص جاذبة واجعلوا له وجوها ونجوماً، توصل القصة إلى عقول وقلوب الناس، ولا تكتفوا بصدق ما تقولون، أو ما تظنون أنه الصدق المطلق، فالآخرون سينظرون إليه بعين الظن أيضا، وسيحاكمونه بنظرة المتشكك حتى يستقر في قلوبهم ويدركون أنه يشبههم، وليس طارئا على ثقافتهم وقيمهم. 

 

ستقولون أن وسائل النشر ليست بأيدينا، وأن إعلام اليوم قد غدا بأذرعٍ متغولة على كل شيء، وأن الشاشات حكرٌ على أعمال وأفكار دون أخرى، لكن هذا ليس بالضرورة صحيحاً، فإن كان عملكم مجوّداً جاذباً، وطرحكم ذكياً أنيقا، فسوف تفرضون وجودكم، وسيضغط ذوق الجمهور وطلبه، على إدارات المال والأعمال في تلك الشاشات، وسيسيل لعاب المستثمر لتسويق إنتاجكم، والاستحواذ عليه. 

 

أما إذا تعسفت القنوات والشاشات في رفض أفلامكم ومسلسلاتكم، فلكم في مسارات الإعلام الجديد، ومتاهات السوشيال ميديا، منفذا لا يخطئ، وطريقاً لا يعرف الحظر والرفض، فمن كان يظن أن مسلسلًا تاريخياً عن قبائل الترك، سيتربع على عرش المشاهدات، وسيُطلب مدبلجاً على القنوات، بترجمته العربية "قيامة أرطغرل"؟

 

لما بلغ ذو القرنين بين السدين، تقدم أهلها بشكوى من يأجوج ومأجوج، بأنهم مفسدون في الأرض، لكنهم لم يتوقفوا عند الشكوى، بل عرضوا عليه الخَرْج مقابل أن يجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج سداً منيعاً. فإن شكوتم إفساد الإعلام في أرضكم، فلا بأس بشيء من الخَرْج، وما تدره عليكم مشاريعكم، لتصنعوا به سداً إعلامياً يكفيكم ويكفي الآخرين شرور الإفساد، وكم من إعلامي ومخرج وسينمائي وصانع أفلام، ينتظر هذا الخَرْج، ولسان حاله يقول أعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم سينما. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.