ولكن وبالرغم من شدة القهر والاستبداد، وكذلك القضاء على قائد الثورة، إلا أن الثورة لم تمت في نفوس المصريين، حيث استمر الهدوء الحذر لمدة أربع سنوات، سرعان ما ثاروا بعدها ضد هذا الظالم المستبد، واستمرت ثورتهم لعشر سنوات متتالية؛ استطاعوا خلالها إزاحة هذا الحفيد المعين "وسركون" الذي أراد أن يورثه جده أيضا "تكلوت الثاني" حكم مصر، فاستبدلوه بقائد ثورتهم "شاشنق الثالث" الذي لاقى قبولا وترحيبا من المصريين بل وساندوه حتى استتب له الحكم!! (العجيب أن اللوحة التي احتوت على نص القصة؛ تم تهريبها منذ عشرات السنين لمتحف اللوفر بفرنسا ويدعي الآن ملكيتها!)
كما تحكى لنا أوراق البردي وكتابات هيردوت، أن المصريين وبعد تلك الثورة بأربعة قرون -أي منذ ما يقرب من 2400 عام- ثاروا أيضا على الملك "بسماتيك الأول" أحد ملوك الأسرة السادسة والعشرين؛ حين اتهمهوه بالخيانة والتخلص من المحاربين المصريين الذين كانوا في طريقهم لمساعدات الشعب الليبي في حربه ضد القوات اليونانية التي كانت ترغب في احتلال ليبيا، فقد وقعت القوات المصرية وهي في طريقها في كمين قضى على جميع المحاربين، مما كان له أثر سيء على نفوس المصريين شعبا وجيشا فثاروا على هذا الخائن، وأعلنوا عصيانهم، وهبوا للثأر من أجل محاربيهم، ولم تهدأ ثورتهم إلا بإزاحة هذا الملك العميل وأسره! وهكذا تحكي لنا كتب التاريخ، أن لكل حاكم ظالم نهاية، ولكل خائن عميل ساعة ندم؛ آتيها لا محالة وإن طال به الزمن .. فاستبشروا!
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.