يتخرج الطالب من الجامعة وهو بالكاد قد حصل من التعليم الجامعي على النزر اليسير من المعلومات والخبرات التي يجب أن يكون ملمّا بها ويطلبها المجتمع وسوق العمل. تبدأ المشكلة غالبا من المدرسة، التي تنتهي بمعدلات تحكم على الطالب بالتسجيل في تخصص جامعي معين قد لا يتناسب مع إمكانات الطالب أو أن هذه المادة أو تلك قد حكمت على عليه بعدم التخصص في مجال يدخل ضمن رغبته الجامحة او هواياته.وينعكس سلبا على الطالب في الجامعة والعمل في وقت لاحق. كما أنه لم يكن قد حصل على تعريف عما ينتظره في دراسته الجامعية ولا التخصص الذي هو مقبل عليه.
ثم ان العملية المطلوبة إجمالا هي الخبرات والمعارف التي يجب أن يلم بها الطالب حول تخصص ما ليقوم بعد ذلك بتكوين معارفه وتجاربه الخاصة حوله ومسايرته في حال تطوره لاحقا، وبالتالي فإن الجامعة يجب أن تقدم مفاتيح للطالب حول تخصصه ومعلومات جيدة حول كيفية استخدامها، وليس هذا الكم الهائل من الحشو المتوفر على هيئة كتب يعبأ بها الطالب عبر المحاضرات المكررة والتلقين المستمر كما اعتاد عليه الطالب منذ بداية حياته الدراسية.
والجامعات لا تعالج المشكلات التي عانى منها الطالب أثناء وجوده في المدرسة، فنحن نجد أن المتخرج الجامعي -غالبا- يكتب بخط سيء غير مقروء وذو إملاء ضعيف وتعبير مبهم؛ فلا يجيد ما يقول، ما يؤدي بالضرورة الى خلل في الفهم. كما أن الجامعات تعتمد الاختبارات التحريرية التي تنتج طالباً كالببغاء يحفظ ليقول فقط.. ولا تساعد الطالب على الإبداع قط.
ويكاد التطبيق العملي، بدوره، ينعدم، إذ لا توفر هذه الجامعات الأدوات الكافية والاستشارات اللازمة لطلابها كما يجب، فيخرج الطالب حينذاك وهو يبحث عن العمل وليس صانعا له أو مشاركا في صناعته، حتى إن توفر له التمويل اللازم، لكونه لا يعرف من أين يبدأ ولا أين ينتهي وما هي الخطوات اللازمة.. ونقع حينذاك في أزمة أخرى حين يبحث الطالب عن وظيفة فيجد أن المطلوب هو تخصص زائد خمس سنوات من الخبرة على الأقل وشروط تعجيزية أخرى.
وتغيب أنشطة التدريب، بدورها، باستمرار من الجامعات، فقد كان من الممكن أن تساعد الدورات التدريبية والندوات والمؤتمرات على توسيع وعي الطالب وتقدم له معلومات مجانية تساهم في تبادل الخبرات والآراء بين الطلاب أنفسهم.
وربما أن الشيء الجيد الوحيد فيها هو أنها قد تدفع الطالب إلى البحث جديا عن الحلول لمعالجة هذه الأخطاء بنفسه لاحقا، من خلال التطوع في المؤسسات المختلفة والحصول على تدريب آخر، رغم أن الأمر قد يكلفه المزيد من الجهد والمال والوقت، وربما لا يفعل.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.