شعار قسم مدونات

١٦ أكتوبر.. خيانةٌ في يوم أسود!

blogs كردي

في السادس عشر من شهر أكتوبر سنة 2017 بَكَتِ الأرضُ شهدائها، في ذلك اليوم استيقظ شعب كُردستان على فاجعةٍ كبيرة جرحت مشاعرهم القومية، فاجِعةٌ هزّت كبرياءَ ومشاعِر الكُرد، إنها فاجعةُ كركوك، المدينةُ التي ضحى الكُردُ مِن أجلها بالكثيرِ من شُبانها، المدينةُ التي هي جزءٌ من كُردستان حسب الخرائط التاريخية، إنهُ ذلك اليومُ الذي سقطت كركوك بيدِ الميليشيات العراقية التابعة لإيران جرّاء خيانة طرف كُردي من خلال تسليمهم كركوك للميليشيات العراقية وبدعم إيراني. 

 

دخلت الميليشيات إلى كركوك وكانت من أولويات جدول أعمالهم هو محو كل الأشياء التي ترمزُ للكُرد في المدينة، وبدأت بعمليات قتل عشوائية ضد الكُرد وحرقوا العشرات من المنازل بعد أن سرقوا ما فيها ونهبوها، بدأت حملة إبادة أخرى ضد الكُرد في كركوك وسط تعتيمٍ إعلامي، ترك الكُردُ منازلهم وكل شيء هناك وذهبوا إلى أربيل والسليمانية في عملية نزوحٍ ضخمة لتبدأ مرحلة جديدة في حياة مدينة كركوك قلب كُردستان. 

 

فرضت الحكومة العراقية الحصار على إقليم كُردستان وحضر الطيران واغتصبت الأراضي الكُردية المتنازع عليها بين أربيل وبغداد وبدأت بحق الأهالي الكُرد في المدينة عمليات القتل والنهب والسرقة وحرق المنازل وعملت على تغيير الواقع القومي في مدينة كركوك وحرموا شعب كُردستان من حصتهم في الميزانية العراقية وفرضت سيطرتها على المدينة بالقوة من خلال ميليشياتها وبمساعدة طرف كُردي محلي تابع لحزب الاتحاد الوطني الكُردستاني وبإشراف من قِبَل قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني. 

 

اتجه حيدر العبادي وحكومته إلى استخدام قوة السلاح ضد الكُرد لكن البيشمرگة تصدت له في عدة محاور مختلفة مثل پردى وسحيلا وغيرها وكبدّوهم خسائر جسيمة، هذا العمل العدواني من قبل الحكومة العراقية باستخدام السلاح ضد الكُرد كان يدُل على نية العبادي وحكومته بقيام نظام دكتاتوري طائفي في العراق وإلغاء الدستور والدولة الاتحادية مستغلاً مجموعة من الحاقدين والدعم الإقليمي المعروف المتمثل بإيران والدليل أن العبادي استخدم السلاح والميليشيات ضد الشعب. 

 

كل هذا الذي جرى بحق الكُرد على مرأى ومسمع العالم ولم يحرك أحدٌ ساكناً ليثبتوا أنه ليس للكُردي سوى نفسه وجباله، فالكُرد على مر العصور أصبحوا ضحية الاتفاقات والمصالح الدولية كما حصل في كركوك، هذه الأفعال ضد الكُرد من قبل حكومة العراق الفاشلة المستقوية بإيران عملت على تدمير كل مكتسبات الكُرد وانتصاراتهم في حربهم ضد الإرهاب "الداعشي" الذي فتح العراق أبوابه له وسلمه ثلث أرض العراق. 

 

الاستفتاء حق مشروع لكل الشعوب ومِن حق الكُرد إنشاء دولة مستقلة لأنه شعب بلا دولة وأكبر قومية في العالم بدون دولة
الاستفتاء حق مشروع لكل الشعوب ومِن حق الكُرد إنشاء دولة مستقلة لأنه شعب بلا دولة وأكبر قومية في العالم بدون دولة
 

كركوك من ضمن المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل حسب الدستور العراقي في المادة 140 وكان من المقرر تطبيق هذه المادة الدستورية سنة 2007 لكن عنصرية ساسة وحكومة العراق تجاه الكُرد عملت على عدم تطبيق هذه المادة والعديد من المواد الدستورية التي لم يتم تطبيقها لأنها تصب في صالح الشعب الكُردي، فالحكومة العراقية والبرلمان العراقي يطبقون بعض المواد الدستورية ويتركون بعضها ما جعل الكُرد أن يتوجهوا للاستفتاء. 

 

تعتقد الميليشيات العراقية أنهم سيطروا على كركوك بشجاعتهم وأنهم انتصروا على البيشمرگة الكُردية ويذهب آخرون إلى اعتبار العبادي رئيس الحكومة العراقية أنه بطل وبسط سيطرته على كركوك بحنكته وشجاعته متناسين أن حقيقة ما جرى في 16 أكتوبر 2017 عملية خيانة قامت بها جهة كُردية محلية وبإشراف من إيران وبريطانيا، لأن نفط كركوك تعتبره بريطانيا من حصتها ضمن الكعكة التي تقاسمتها أمريكا وبريطانيا وإيران في العراق. 

 

كلما قامت به الحكومة العراقية كانت حجتها هو الاستفتاء، والاستفتاء حق مشروع لكل الشعوب ومِن حق الكُرد إنشاء دولة مستقلة لأنه شعب بلا دولة وأكبر قومية في العالم بدون دولة، الحركات التحررية الكُردية في مختلف الأزمان قاتلت وقدمت مئات الآلاف من الضحايا في سبيل إثبات الهوية للشعب الكُردي والدفاع عن وجودهم ضد حملات الإبادة التي تعرض لها الكُرد، هذا الدفاع عن النفس والقتال في سبيل الحرية دفع العديد من العقليات العنصرية إلى توجيه التهم الباطلة للكُرد ووصفوا الكُرد بأنهم دعاة الانفصال وأن الكُرد عملاء. 

 

تم تفسير الاستفتاء بشكلٍ خاطئ لأن الاستفتاء كان إبداءً للرأي ولم يَقُل المسؤولين الكُرد أنه سيتم الانفصال عن العراق بعد يوم من الاستفتاء وإنما قال الكُرد وبالتحديد مهندس الاستفتاء الرئيس مسعود بارزاني أن الاستفتاء هو تعبير عن رأي الشعب الكُردي وأن عملية الانفصال عن العراق سيتم من خلال التفاوض والاتفاق مع بغداد على كل شيء، لكن حكومة بغداد وبمساعدة دول إقليمية جعلوا من الاستفتاء حُجةً لضرب الكُرد من جديد كما في المرات السابقة، دخلوا كركوك بقوة السلاح وبخيانة جهات محلية كُردية وبالتنسيق مع إيران، حاولوا دخول أربيل ودهوك لكن البيشمرگة تصدّت لهجمات الميليشيات العراقية التابعة لدولة إقليمية ودحرت هجماتهم وكبدتهم خسائر أيضاً، وهذا خرقٌ أخر للدستور حيث استخدمت الحكومة العراقية وميليشياتها السلاح ضد الشعب الكُردي الذي يعتبرونه في تصريحاتهم جزءٌ لا يتجزأ من العراق والعراقيين. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.