شعار قسم مدونات

موريتانيا 2019.. رئيسها من يكون؟!

blogs ولد عبد العزيز

دخلت موريتانيا في ربع الساعة الأخير من المأمورية الأخيرة للرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز، وبدت العجلة في الدوران نحو حاكم جديد مفترض، ولم يعد ثمة شك أن الرئيس عزيز – رغم كل الإغراءات ودعوات المتزلفين- قد حسم أمره في الوفاء بتعهداته واحترام الدستور الموريتاني، مع رغبته- وهو حق له لا غبار عليه- في أن يبقى فاعلا رئيسيا في مشهد ما بعد 2019.

  

الحديث عن المأمورية الثالثة المحتملة، وحالة الجزر والمد التي اعترت هذا الموضوع ظل شغل الموريتانيين الشاغل، حيث بدا وكأن هناك حالة إلهاء مقصودة للقيام بترتيبات معينة تخص بيت الحكم ونواته الصلبة، ولذا تم الإيعاز لبعض الشخصيات، من بينهم وزراء وغيرهم، للإبقاء على جذوة هذا الحديث متقدة ورفدها بالحطب اللازم كلما أوشكت على أن تخبو، وهو ما ظهر بالفعل في تصريحات متكررة للوزير الأول ووزير الثقافة وغيرهم، بالإضافة إلى مبادرات بهذا الخصوص، حتى وإن بدت عملا فرديا إلا أن السكوت عليها، ترجم الرضى عنها أو على الأقل السعي لاستغلالها ظرفيا.

  

الفريق الكتوم، لا يبوح بأسراره عادة، وقصة ترشحه أو ترشيحه تقولها كل المعطيات بكلام جد لا هزل فيه، ويبقى أن يقول الرجل كلمته الفصل بعد تقاعده المنتظر خلال أسابيع قليلة

اليوم وبعد أن اقتربت اللحظة الحاسمة وبتنا على مرمى أشهر قليلة من اللحظة الحاسمة وموعد الانتخابات الرئاسية، كان لا بد من الحسم من قبل الرئيس نفسه حيث كان صريحا وواضحا في خرجاته الإعلامية الأخيرة أنه سيغادر القصر الرمادي، كما أن ماكينة الترتيبات التي دارت بسرعة أوحت بجدية خروج الرئيس وبأنه يسعى لاستخلاف مؤتمن قادر على ضبط المشهد وفق رؤية الفريق نفسه الذي يحكم موريتانيا منذ 2005. الترتيبات على مستوى السلطة التشريعية كانت واضحة وجلية بما لا يحتمل اللبس، فالرئيس عزيز قرر الدفع بصديقه العقيد المتقاعد الشيخ ولد بايه لرئاسة البرلمان، ربما كنوع من تقاسم السلطة بين الأصدقاء، وربما لحاجات في نفس يعقوب تتعلق بتشريعات يراد لها أن ترى النور وتصنع على عيني العقيد.

  

وعلى الجانب الآخر، تسارعت التطورات والتغييرات على مستوى هرم المؤسسة العسكرية حيث أرسل الفريق حننا ولد سيدي إلى مالي لرئاسة قوة دول الساحل الخمسة التي تشكل موريتانيا رأس الحربة فيها، فيما تمت ترقية الفريق الصاعد برور لاستخلافه كقائد مساعد للجبوش، تمهيدا لوضعه على رأس هرم المؤسسة العسكرية خلال أسابيع قليلة بعد أن يتقاعد قائد الجيوش الحالي الفريق غزواني، والذي يفتح تقاعده شهية الكثيرين للتساؤل عن وجهة الفريق، خصوصا في ظل حديث تغذيه المعطيات ويشفع له تاريخ الرجل ودوره الاستثنائي في الطفرة الملحوظة التي حصلت للجيش الوطني، حديث يبدو جديا عن عزم الرجل على خلافة صديقه ورفيق دربه في القصر الرمادي.

       

يكاد الفريق غزواني أن يكون المرشح الوحيد الجاهز لدى الأغلبية، فالعسكري الصموت والرزين، ظل جزءا أصيلا من صناعة المشهد الوطني منذ 2005، بل ولعب دور وزير الخارجية الفعلي في اللحظات الحرجة، كما أن قدرته على إحداث تحول جذري في مستوى الجيش الوطني في ظرف سنوات معدودة، بالإضافة إلى قدرته على البقاء بعيدا عن تفاصيل الاصطفافات المحلية واحتفاظه بعلاقات جيدة مع أغلب مكونات المشهد المحلي بمعارضيه ومواليه، كلها أمور تجعل منه "مرشحا ملكا" سهل العبور، ينضاف إلى كل ذلك علاقته الخاصة بالرئيس الحالي ومستوى الثقة الكبير بين الرجلين والذي اجتاز مطبات صعبة لعل أبرزها حادثة "الطويلة الشهيرة". الفريق الكتوم، لا يبوح بأسراره عادة، وقصة ترشحه أو ترشيحه تقولها كل المعطيات بكلام جد لا هزل فيه، ويبقى أن يقول الرجل كلمته الفصل بعد تقاعده المنتظر خلال أسابيع قليلة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.