شعار قسم مدونات

لماذا تخاف الأنظمة الملكية من الثورات؟

blogs السعودية

ظلّت ثورات الربيع العربي شوكةً بحلق بعض الأنظمة الملكية الجهوية –السعودية على سبيل المثال – التي تخوفت من مناخ ربيع الحرية وأعاصيره في اجتياح شعوبها، فحاولت بكل جهودها إلى إيقاف ثورات الشعوب المتحررة بشكل مباشر أو غير مباشر في المنطقة سواء عن طريق إطلاق مبادرات سياسية لإنهاء الأزمات والتوترات حسب توصيفها أو التدخل المباشر لمواجهة الأخطار الوجودية على الإقليم بشكل عام بعد أن فشلت كل المخططات التي كانت ترمي من خلالها أن تكون لاعب محوري إساسي في تشكيل التسويات والحلول لهذه الشعوب.

في وجهة نظري أن البلدان التي انتفضت وثارت ضد هوامير الفساد والاستبداد السياسي المُتسمّرين في كراسي السلطة لسنواتٍ طوال في اليمن ومصر وليبيا وسوريا لم تكن إلا نتاج تراكمات أحلام وطموحات شعوبا تواقة للحرية والتغيير للصعود بأوطانهم في سلالم النهضة وخلق روح الثورة في أوساطهم لمواجهة أي إخطار تجعل من جمهورياتهم وديمقراطياتهم برتكولاتٍ شكلية وهياكل مُفرغة من القرار السياسي تمامًا. إن المُلاحِظ في الأدوار التي لعبتها مملكة آل سعود بشكل دقيق منذُ قيام ثورات الربيع العربي سيجدَّ أنها عملت على تأجيج الصراعات وتمويلها ومناهضةً الثورات في جغرافيا الربيع العربي الحر إذّ أنها لم تستثني من كيدها أحد، لا اليمن ولا سوريا ولا ليبيا ولا مصر ولا حتى المناهضين وفي قوالب وسياسات مختلفة ولغايات معينة في سياستها الداخلية إزاء شعبها تارة وتعذيب أحلام الطامحين بالتغيير في المنطقة بشكل عام تارة أخرى.

تريد السعودية من خلال كل هذه الفوضى والحرب والتآمر على الدول التي انتفضت ضد حكامها المستبدين إيصال رسالة مفادها إجهاض أحلام العقول المتحررة من الاستبداد والاستعباد

تركزت سياسات مملكة آل سعود الخبيثة بطرق عدة وأجادت اللعب على المتناقضات، ففي اليمن تمثل دورها في تقديم المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية وكبح جماح ثورة الشباب الشعبية السلمية وفي الجانب الآخر تمول الأقلية الحوثية بشكل سري للسيطرة وساعدتها حتى دخول صنعاء وسلمتها لهم على طبق من ذهب وضغطت على الرئيس هادي لإخراج السلفيين من منطقة دماج ومن هنا مهدت الطريق لحرب تأتي بها لإنقاذ الشعب كما هو حاصل آنيا بعد إن كانت المتسبب الرئيسي في إشعال فتيل الصراع والحرب، ومنذ بداية الحرب وإلى يومنا هذا وهي تعمل مع الإمارات على تدوير نفايات الأنظمة المستبدة إلى الواجهة من جديد والسيطرة على مقدرات الدول ومواردها ومحاربتها عسكريا واقتصاديا وكل ذلك تحت مبررات ركيكة تمثلت في التحجج بخطر جماعة الإخوان وبعض الأحزاب الإسلامية والدينية كما يزعموا وهذا مثير للسخرية حقا ،فأقوالهم شيء وأفعالهم شيئا آخر والسؤال الذي يطرح على المتابع للأحداث؟ هل أصبح الإخوان المسلمين شماعة تستخدمها مملكة آل سعود الإمارات لتركيع الشعوب وقهرها؟

وفي جمهورية مصر العربية نجحت الثورة وانتخب الشعب رئيسا له بطريقة ديمقراطية أذهلت العالم في منافسة غير مسبوقة في أي بلد عربي آخر، غضبت مملكة آل سعود من تولي رئيسا ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين ولم تظهر ذلك وبدأت في ممارسة الكيد السياسي ونسج خيوط الغدر،..عرفت إنها لن تنجح في زعزعة الأمن في مصر وإدخالها في دوامة كون مصر تملك جيش متماسك، فاستخدمت يدها الطولى المتمثلة بالإمارات التي خططت للانقلاب مع قادة من الجيش وانفقت ثمن باهظا إضافة إلى ارتكاب مجازر بحق مدنيين عزل بدموية فجة لتحقيق مآربها بإجهاض صريح لديمقراطية شعب مصر بعد نجاح ثورته.

توصلت من خلال استقرائي للأحداث السياسية منذ قيام ثورات الربيع إلى وقتنا الحالي وفي سياسة المملكة السعودية على وجه الخصوص فوجدت إنها تريد من خلال كل هذه الفوضى والحرب والتآمر على الدول التي انتفضت ضد حكامها المستبدين إيصال رسالتين، أولهما إجهاض أحلام العقول المتحررة من الاستبداد والاستعباد في المنطقة العربية بشكل عام، وثانيهما وأهمها تتمثل في خطاب خفي من أمراء الحرب إلى شعوبهم: أنظروا إلى تلك الشعوب التي خرجت على حكامها مطالبة بالتغيير كيف حالها؟ وأين أصبحت وكيف دمرت وجاعت ولم تحقق شيء غير المأساة والقهر والمجاعة مما يأكد أن ثمة ديمقراطيات ناشئة في ممالك اليوم أرادو قتلها بتدمير وقتل شعوبًا أخرى فيا ليت قومي يعلمون.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.