شعار قسم مدونات

مؤامرة الأمراض.. كيف تستخدم شركات الأدوية مخاوفنا لزيادة أرباحها؟

blogs دواء

تبث عن النبي صلى الله عليه وسلم في مجموعة من الأحاديث أنه أخبر بوجود الدواء والشفاء من جميع الأمراض، وقد جاءت هذه الأحاديث بصيغ مختلفة في المبنى متفقة في المعنى نذكر منها: عن أنس رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله عز وجل حيث خلق الداء خلق الدواء فتداووا" رواه أحمد. عن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: قالت الأعراب: يا رسول الله ألا نتداوى؟ قال: نعم، يا عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء، إلا داء واحدا. قالوا يا رسول الله وما هو؟ قال: الهرم. رواه الترمذي. وروى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء." وروى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برئ بإذن الله تعالى". وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما خلق الله من داء إلا وجعل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله إلا السام والسام الموت" رواه ابن ماجه.

إن الذي يقرأ هذه الأحاديث أول مرة سيخرج بنتيجة رئيسية مفادها أن جميع الأمراض يمكن التداوي منها وعلاجها، وهذا فهم سطحي لتلك الأحاديث يرد عليه إشكال كبير وهو وجود أمراض فتاكة لم يستطع الطب إيجاد دواء لها مثل مرض الإيدز ومرض السرطان، ومن تم فلا نجد مصداقا لهذه الأحاديث على أرض الواقع، والناس تشاهد يوميا آلاف المرضى يعانون ويموتون بسبب أمراض وأوبئة عديدة عجز الأطباء عن شفائها.

وللجواب عن هذا الإشكال أقترح مخرجين اثنين:
المخرج الأول: هو أن الشفاء من تلك الأمراض ودواؤها موجود فعلا، وفي هذه الحالة نحن أمام خيارين اثنين: الخيار الأول هو أن الطب لم يتوصل بعد إلى اكتشاف دواء تلك الأمراض، يؤكد هذا الطرح ما جاء في حديث أبي سعيد الخدري أن الله ما خلق من داء إلا وخلق له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله. فقوله صلى الله عليه وسلم: "علمه من علمه" يعني أنه موجود وينبغي البحث عنه والوصول إليه. وقد يرد على هذا الأمر بكون الطب قد تطور بشكل كبير، وصنع معجزات في مجال علاج الأمراض والعمليات الجراحية، ومن تم فعدم الوصول إلى دواء لمرض ما هو أمر مستبعد تماما.

كثير من الأمراض الفتاكة هي ناتجة عن مخالفة شرع الله تعالى والفطرة الإنسانية السوية، فمرض الإيدز مثلا سببه المباشر هو العلاقات الجنسية غير الشرعية والتي حرمها الله تعالى، ونهى عن الاقتراب منها

فإذا سلمنا بهذا الاعتراض نكون أمام الخيار الثاني وهو إخفاء الدواء وعدم نشره بين الناس من قبل جهات معينة. هذه الجهات التي تهدف من خلال عدم نشرها لعلاج تلك الأمراض إلى أمرين أساسيين: الأمر الأول هو تحقيق أرباح مادية عن طريق بيع المعدات الطبية واللقحات والأدوية المضادة لتلك الأمراض، ومعلوم ما يترتب عن علاج تلك الأمراض من تكاليف باهظة ترهق الحكومات قبل الأفراد المصابين بها. ففي أحسن الأحوال قد تصل التكلفة السنوية لعلاج مرض كالسرطان إلى عشرات الآلاف من الدولارات، ودواء مثلا مثل "سبريسل" الذي يقاوم مرض السرطان جلب مبيعات للشركة المصنعة "بريستول مايرس" بلغت 1.8 مليار دولار في سنة واحدة فقط. والحبة الواحدة من دواء "ريفليميد" الذي تنتجه شركة "سيلجين" يصل ثمنها إلى 600 دولار.

أما الأمر الثاني هو رفع نسبة الوفيات في العالم وذلك للتقليص من الكثافة السكانية، وقد يبدو هذا الأمر غريبا نوعا ما، ولكن الجواب عنه نجده في الرواية العالمية الشهيرة "الجحيم" لصاحبها دان براون، حيث تسعى منظمة سرية إلى استقطاب رأس منظمة الصحة العالمية من أجل العمل على نشر وباء خطير بهدف قتل ملايين الناس معللة ذلك – حسب أحد زعمائها – بأن التزايد السكاني قد تضاعف بشكل مهول في القرن العشرين، وأن الكرة الأرضية لن تستطيع تحمل هذا التزايد، وأن مواردها الطبيعية لا يمكن أن تغطي احتياجات تلك الملايير من الناس، مما يشكل تهديدا خطيرا لاستمرار الحياة على وجه الكرة الأرضية.

 

ورغم أن الأمر يتعلق برواية، إلا أن مصداقها على أرض الواقع له آثاره وتجلياته، فالإحصائيات تشير إلا أن مرض الإيدز مثلا قد قتل منذ عام 1981 قرابة 35 مليون شخص، وأن سرطان الرئة قد تسبب سنة 2010 وحدها في الولايات المتحدة الأمريكية بوفاة أكثر 157300 شخص. (الإحصائيات مأخوذة من موقع الباحثون السوريون). ولعل ما يؤكد وجود الدواء لتلك الأمراض التي يعتبرها الطب مستعصية هو علاج كثير من الحالات عن طريق ما يسمى بالطب البديل. فإذا كان مرض كالسرطان مثلا يعالج بمواد وأعشاب طبيعية بسيطة، فإن علاجه بأدوية مصنعة تستخرج أساسا من تلك المواد والأعشاب الطبيعية، وبأجهزة وتقنيات حديثة هو من باب أولى.


المخرج الثاني: يكمن في ألفاظ الأحاديث نفسها؛ فبالرجوع إليها نجد أنها قد قيدت الأمراض التي لها دواء ويمكن الشفاء منها بتلك التي أنزلها الله تعالى أو وضعها أو خلقها. ومن تم فإن تلك الأمراض التي ليس لها دواء ليست من عند الله تعالى بل هي من وضع واختراع الإنسان نفسه، ولا تشملها الأحاديث السابقة، لأن الله تعالى منزه عن أن يخلق شرا مطلقا، أو يضر عباده.

وقد ظهرت وجهات نظر عديدة تؤكد أن كثيرا من الأمراض والأوبئة التي ظهرت ولا زالت مثل السرطان وجنون البقر وإنفلونزا الطيور وإنفلونزا الخنازير وإيبولا، كانت من صناعة بشرية هدفها تحقيق أرباح مادية كما بينا سابقا. إضافة إلى أن كثير من الأمراض الفتاكة هي ناتجة عن مخالفة شرع الله تعالى والفطرة الإنسانية السوية، فمرض الإيدز مثلا سببه المباشر هو العلاقات الجنسية غير الشرعية والتي حرمها الله تعالى، ونهى عن الاقتراب منها. ليتأكد لنا في الأخير صدق أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لا ينطق عن الهوى من جهة، وليتضح لنا من جهة أخرى أن عالمنا هذا الذي نحيا فيه مليء بالغدر والخيانة والتآمر وصراع المصالح والأهواء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.