شعار قسم مدونات

خفايا وكواليس اختيار رئيس الجمهورية العراقي!

blogs برهم صالح

رئيس جمهورية العراق هو أعلى منصب إداري في الهيكل الحكومي للدولة العراقية، وذلك وفق الدستور الذي ينص في مادته السابعة والستين على رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن يمثل سيادة البلاد، ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة أراضيه، وفقاً لأحكام الدستور، يعد منصبا تشريفيا في المقام الأول، إذ ان الدستور العراقي منح رئيس مجلس الوزراء صلاحيات واسعة في مختلف المجالات، ينتخب الرئيس العراقي من قبل مجلس النواب وبأغلبية الثلثين ومدة الولاية الرئاسية أربعة أعوام، ويمكن إعادة انتخابه مرة ثانية فقط، هذا حسب القانون والدستور العراقي الذي لا يسمن ولا يغنِ من جوع. 

 

رئيس الجمهورية العراقية كما هو معروف في العراق بعد 2003 هو من حصة الكُرد، ويجري اختيار مرشح كُردي من قبل الأحزاب الكُردية بالتوافق، وليس حِكراً لحزب معين، كما ذكرتُ أعلاه أنه حسب الدستور يسهر رئيس الجمهورية على ضمان الالتزام بالدستور، أما في الحقيقة فإن الدستور العراقي هو مجرد حبر على ورق، ذُكر في الدستور أيضاً إنه يحافظ على استقلال العراق وسيادته ووحدته وسيادته وسلامة أراضيه، هذا أيضاً لا ولم يُطبَق في العراق والدليلُ على ذلك أن العراق مُستباح لكل الدول وأصبح ساحة للاقتتال الطائفي والتفجيرات وتصفية حسابات الدول الإقليمية فيما بينها على الأرض العراقية، فالدستور العراقي أصبح الحاضر الغائب ولم يلتزم به أي طرف عراقي في الحكومة ولم يتم تطبيقه.

 

وصول قاسم سليماني إلى بغداد غَيّرَ الموازين وطلب من الأطراف الشيعية وبعض الأطراف السنية للتصويت لصالح برهم صالح ليكون رئيساً للعراق وذلك بعد تقديم برهم صالح الولاء لإيران

قبل أيام تم اختيار رئيس جمهورية العراق الذي هو من حصة الكُرد في البرلمان العراقي، وكان هناك مرشحين اثنين من الحزبين الكُرديين الديمقراطي الكُردستاني والاتحاد الوطني الكُردستاني وهما الدكتور فؤاد حسين عن الديمقراطي الكُردستاني والدكتور برهم صالح عن الاتحاد الوطني الكُردستاني، وحسب ما ذكرهُ مسؤولون في الديمقراطي الكُردستاني أنه جرى اتفاق بين الحزبين في بغداد على انسحاب مرشح الاتحاد الوطني وهو برهم صالح والاتفاق على مرشح واحد وهو الدكتور فؤاد حسين لاستلام منصب رئيس الجمهورية، لكن الموازين تغيّرت قبل بدء جلسة البرلمان بنصف ساعة وتراجع الاتحاد الوطني عن الاتفاق وقدموا مرشحهم داخل البرلمان، هذا ما جعل أعضاء البرلمان من الديمقراطي الكُردستاني الانسحاب من الجلسة، وتم اختيار برهم صالح رئيساً لجمهورية العراق، وبعدها بيومين وبقرار من برهم صالح تم تعيين اراس شيخ جنكي كبيراً لمستشاري رئيس الجمهورية كهدية له على تسليم مدينة كركوك للميليشيات العراقية التابعة لإيران قبل نحو سنةٍ من الآن فهو كان مهندساً للخيانة التي جرت في كركوك حسب كبار مسؤولي الديمقراطي الكردستاني وبعض النشطاء المدنيين والسياسيين في كُردستان العراق. 

 

حسب المصادر الصحفية ومسؤولين في الحزب الديمقراطي الكُردستاني قالوا إن وصول قاسم سليماني إلى بغداد غَيّرَ الموازين وطلب من الأطراف الشيعية وبعض الأطراف السنية للتصويت لصالح برهم صالح ليكون رئيساً للعراق وذلك بعد تقديم برهم صالح الولاء لإيران حاله حال كافة المسؤولين في الحكومة العراقية ووعد أنه لن يُخيّبَ ظنهم، ليتم بعد ذلك التصويت في البرلمان لصالح برهم صالح وتم تعيينه رئيساً لجمهورية العراق. 

 

الدكتور برهم صالح رئيس جمهورية العراق كان النائب الثاني لسكرتير حزب الاتحاد الوطني الكُردستاني لكنهُ انشق عن الحزب ودخل في انتخابات برلمان العراق في قائمة جديدة وهي تحالف الديمقراطية والعدالة وضمت عدداً من الشخصيات الكُردية الذين تركوا أحزابهم مثل الدكتور برهم صالح والتحقوا به في التحالف الجديد، و صوّت له الشعب على أساس أنه ترك الاتحاد الوطني الكُردستاني لكنه سُرعان ما ترك حزبه الجديد أيضاً وذلك لتقديمه كمرشح للحزب لمنصب رئيس جمهورية العراق في حال إذا رجع لحزبه القديم ومدعوماً من إيران، ورجع لأحضان حزبه القديم تاركاً خلفه أصدقائه في الحزب الجديد وأصوات مئات الآلاف من الشعب الكُردي الذين صوّتوا له على أساس أنه سيعمل بعيداً عن حزب الاتحاد الوطني الكُردستاني. 

 

أما بالنسبة للحزب الديمقراطي الكُردستاني فأنه اعتبر أن ما قام به الاتحاد الوطني من تراجع عن التوافق ستكون عائداته سلبية لشعب كُردستان وأنه كان يجب عليهم الالتزام بالاتفاق الذي جرى بينهم، وقال نائب رئيس الحزب السيد نيجيرفان بارزاني "ذهابنا إلى بغداد لم يكنْ لجمعِ الأصوات لنيلِ منصب رئيس الجمهورية بل كان للحفاظ على وحدة الكورد"، موضّحاً أنه "طُلب مني الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية، وكنا سنحصلُ على دعم جميع القوى العراقية والدولية إن أردنا ذلك" مشدداً بالقول: " نحن أردنا أن ندافع عن استحقاقات إقليم كوردستان، فوحدة الصف أهم من جميع المناصب فقوتنا تكمن في وحدتنا"، وأضاف، أن قوة الحزب الديمقراطي الكوردستاني، تكمن في الأصوات التي حصل عليها خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت قبل أيام بإقليم كوردستان، وأن قوتنا ليست بمنصب في بغداد، يفتقر إلى الصلاحيات، وقلنا لهم "لكم كل المناصب على أن لا يتم المساس بوحدة الكورد". 

 

وفي النهاية أقول أن الذي باعَ حزبه بثمنٍ بَخس وشكّل حزب جديد ثم بعد ذلك باع حزبه الجديد وأصوات مئات الآلاف الناخبين له ليعود إلى حزبه القديم مقابل مكاسب شخصية فقط من السهلِ جداً أن يبيع العراق وكُردستان مقابل حفنةٍ من الدولارات في سبيل مكاسب شخصية أيضا، وأنه لن يقدم شيئاً لا للعراق ولا لكُردستان، وأن إيران دعمته لأنه قدم الولاء لهم وسيكون لعبة بيد قاسم سليماني لغض البصر عن أفعالهم في العراق، لن يكون أفضل من الرئيس السابق فؤاد معصوم فمنصب رئيس الجمهورية أصبح منصباً للنوم وأن عملية تسليم واستلام هذا المنصب هو استلام وتسليم مخدة النوم. 

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.