شعار قسم مدونات

شباب السيسي vs شباب المعتقلين.. هذه هي الفوارق بينهم

blogs الشباب المعتقل

خرج الجنرال السيسي في المحافل الدولية يتباهى بالمؤتمرات الشبابية التي تهدف من وجهة نظره إلى الاهتمام بالشباب ورعاية حقوقهم المهضومة من قبل الأنظمة السابقة. انتقد المراقبون حديث السيسي الذي يتباهى فيه بشبابه في حين أن هناك الآلاف من الشباب أو بصورة أدق خيرة الشباب يعانون في المعتقلات والسجون. في الوقت الذي يتمتع به شباب السيسي من مزايا المؤتمرات الدولية الشبابية ويصفقون للجنرال عند إلقائه نكات سخيفة يحرم شباب المعتقلين من أبسط حقوقهم. يعاني شباب المعتقلين من الأماكن الغير آدميه للاحتجاز ومن تكدس الأفراد في أماكن ضيقة للغاية في نفس الوقت يتمتع شباب السيسي بإقامة في فنادق الجيش الفاخرة.

يحرم شباب المعتقلين من فرصة استكمال دراستهم والتضييق عليهم أو حتي استكمال دراستهم العليا ويشارك في هذه الجريمة بعض إدارات الجامعات الحكومية والخاصة في نفس الوقت يستفيد شباب السيسي من مزايا برامج تدريبيه عل أعلى مستوي في مؤسسات الدولة. يعاني شباب المعتقلين من إهانات متكررة يومية من قبل أفراد الشرطة في السجون في نفس الوقت الذي يحصل فيه شباب السيسي على فرصة لمرافقة الجنرال والظهور أمام الكاميرات الإعلامية والصحفية.

يحرم شباب المعتقلين من أهاليهم ولا تتاح لهم فرصة الالتقاء بأهاليهم إلا زيارة كل أسبوعين وفي بعض السجون يمنع عنهم الزيارات نهائيًا. في نفس الوقت يتفاخر فيه أهالي شباب السيسي بأبنائهم المتاحة لهم فرص الظهور بالبرامج التلفزيونية وفرص المشاركة في المؤتمرات الدولية. تضع هذه المؤتمرات والفرص المتاحة لشباب السيسي تحديات كثيرة أمام شباب المعتقلين.

فشباب السيسي لم يهملوا من قبل النظام بل سعى إلى تدريبهم على أعلى مستوى حتى يمكنهم من مفاصل الدولة ويكونوا عيون النظام وجواسيسه. الأمر الذي يضع شباب المعتقلين أمام تحدي كبير ألا وهو أنهم يواجهون شباب مدرب بالإضافة لتمكينهم فعليًا من فرصة الممارسة في مؤسسات الدولة. مما يضع شباب المعتقلين بصفة خاصة وشباب التيار الإسلامي بصفة عامة أمام تنظيم طليعي جديد امتدادًا لتنظيم عبد الناصر الذي عانى منه التيار الإسلامي كثيرًا في العقود السابقة نظرًا لخبرة هؤلاء بالإضافة لتمكينهم من مواقع النفوذ في مؤسسات الدولة تنظيم تم تربيته في أحضان العسكر يدين بالولاء الكامل للمؤسسة العسكرية.

فكره التنظيم الطليعي:
خطورة هذه التنظيمات كالتنظيم الطليعي  تكمن في أنه إذا سقط النظام بأي وسيلة كانت وفي أي وقت كان سيبقى هؤلاء في دواليب الدولة يعملون على إفشال مخطط التحول الديمقراطي أو إصلاح الدولة

ظهرت فكرة التنظيم الطليعي في الستينات عندما رغب عبد الناصر في القضاء على فكرة التعددية ورغبته في صنع كيان موحد يضم العناصر التي تراها السلطة صالحة للقيادة وخدمة النظام لتمكينهم من مفاصل الدولة ليكونوا عيون النظام وجواسيسه في كل الوزارات والجامعات والمؤسسات الحكومية بالإضافة لتدريبهم على كتابة التقارير الأمنية في أي شخص حتى أقاربهم. أشرف على هذا التنظيم الكاتب محمد حسنين هيكل وبعض ضباط المخابرات بالإضافة إلى مدير مكتب جمال عبد الناصر شعراوي جمعة. تخرج من هذا التنظيم الآلاف من الشباب الذين وصلوا إلى أماكن مرموقة في الدولة أمثال رفعت المحجوب وأحمد فتحي سرور وصفوت الشريف وعمرو موسى ومصطفى الفقي وفاروق حسني.

استلهم السيسي هذه التجربة من جمال عبد الناصر وبدأ في استكمال أو تجديد دولة الجواسيس عن طريق بعض التنظيمات الشبابية التي قامت على أساس التجنيد في صفوف الشباب من الجامعات والمراكز الشبابية ليكون هؤلاء الشباب الظهير المدني السياسي للنظام في ظل تزايد معدلات العسكرة التي طالت جميع مناحي الحياة في مصر بعد انقلاب 3 يوليو. أول هذه التنظيمات وأخطرها هو البرنامج الرئاسي لإعداد القادة الذي أطلقه السيسي في سبتمبر 2015 وهدف هذا البرنامج كما يزعمون هو تخريج قيادات شبابية قادرة على إدارة الدولة.

ويتلقى شباب البرنامج محاضرات في العلوم السياسية والأمنية والاستراتيجية بالإضافة للعلوم الإدارية والاقتصادية هذا بخلاف عملية غسيل المخ لهؤلاء الشباب عن خطورة المؤامرات التي تتعرض لها مصر من جانب التيارات الإسلامية. وتعقد هذه المحاضرات والدورات التدريبية في المجالس التخصصية التابعة لرئاسة الجمهورية بالإضافة إلى أكاديمية ناصر العسكرية. والدليل على خطورة هذا التنظيم أنه تم تعين الكثير منهم في مفاصل الدولة في الفترة الأخيرة ما بين نواب للمحافظين ومعاونين للوزراء والمحافظين بالإضافة إلى المناصب العليا في مراكز الدولة المرموقة مثلما أفاد خطاب جهاز التنظيم والإدارة إلى جميع أجهزة الدولة الإدارية بضرورة تعيين هؤلاء الشباب في مراكز الدولة.

والجهة الحقيقية التي تشرف على هذا التنظيم هي المخابرات الحربية ولكن هناك واجهة مدنية متمثلة في طارق شوقي عميد كليه الهندسة بالجامعة الأمريكية للتخفيف من حدة العسكرة التي تعاني منها الدولة المصرية. ويحصل هؤلاء الشباب على مزايا عديدة تضمن ولاءهم للنظام متمثلة في التعيينات بالإضافة إلى المبالغ المالية الضخمة التي يحصلون عليها، كل هذا بخلاف الظهور الإعلامي وتلميع وسائل الإعلام لهم وفرص مرافقة الجنرال السيسي في جولاته. التنظيم الآخر لشباب السيسي هو اللجنة التنسيقية لشباب الأحزاب. يهدف هذا الكيان إلى دمج شباب الأحزاب الموالية للسيسي أو التي تعارض بعضًا من سياساته ولكن لا ترى أي غضاضة في التعامل مع النظام. ويهدف هذا الكيان إلى تشكيل سياسيين أصغر سنًا لاستبدالهم بالقيادات الحزبية الموجودة على الساحة ويكون هؤلاء أكثر إدراكًا للتغييرات الاجتماعية والتقنية.

ويعتبر هذا التنظيم الجديد خطوة لتشكيل الظهير السياسي الواسع المؤيد للسيسي أو نواة تشكيل حزب النظام إذا ما قرر النظام ذلك. خطورة هذه التنظيمات تكمن في أنه إذا سقط النظام بأي وسيلة كانت وفي أي وقت كان سيبقى هؤلاء في دواليب الدولة يعملون على إفشال مخطط التحول الديمقراطي أو إصلاح الدولة. وهو نفس الأمر الذي أدى إلى فشل ثورة الخامس والعشرين من يناير لأن نظام الثالث والعشرين من يوليو يتحكم فعليا في جميع مفاصل الدولة للوزارات والمحافظات والمحليات أو ما يطلق عليه الدولة العميقة. فيجب إدراك خطورة هذه التنظيمات ووضع وسائل لمواجهتهم.

يتميز شباب السيسي عن شباب المعتقلين في نقطة التمكين من مفاصل الدولة والممارسة الفعلية في المؤسسات الحكومية، مما يضعنا أمام شباب دولجية إن صح التعبير
يتميز شباب السيسي عن شباب المعتقلين في نقطة التمكين من مفاصل الدولة والممارسة الفعلية في المؤسسات الحكومية، مما يضعنا أمام شباب دولجية إن صح التعبير
 

تحديات شباب المعتقلين:

يبدو أننا أمام دولة عميقة أخرى ولكن شبابية. ويبقى السؤال من سيقف أمام هذه الدولة وهذه التنظيمات الخطيرة؟ الواقع يقول أن شباب المعتقلين هم أمل التيارات الإسلامية في مواجهة هذه التنظيمات، ففعليًا هم من سيقودون المرحلة القادمة وهم من سيقودون الحراك السياسي في الفترات القادمة ولن نتحدث هنا عن الكيفية ولا المدة الزمنية. ولكن ما نتحدث عنه هو لماذا شباب المعتقلين؟ وكيفية تعاملهم مع هذه العقبات؟

شباب المعتقلين بعد دخولهم المعتقل أدركوا جوانب التقصير إلى يعاني منه التيار الإسلامي فبدأوا في تغطية هذه الثغرات عن طريق إعداد برامج تدريبية داخل المعتقل لتنمية مهارات الشباب السياسية والإدارية والإعلامية والمالية. وبدأوا في إعداد برامج إعداد قادة وتخريج كوادر قادرة على قيادة الدولة وقيادة العمل في المشروع الإسلامي. يحاول شباب المعتقلين سد الثغرات في الجوانب المهمة المطلوبة لقيادة الدولة والعمل العام على الرغم من تضييق إدارات السجون عليهم ومحاولة منع الوسائل التعليمية عنهم إلا أنهم نجحوا في تخطي هذه العقبات. فشباب التيار الإسلامي كان مهمشًا إما بسبب الظروف الأمنية أو بسبب التقصير من جانب قيادات التيارات الإسلامية في إعداد قيادات شبابية. فبينما يسعى شباب السيسي لإعداد أنفسهم ككوادر للدولة يحارب شباب المعتقلين في هذا السياق أيضًا، ويبقى السؤال من سيفوز في هذا التحدي؟

يتميز شباب السيسي عن شباب المعتقلين في نقطة التمكين من مفاصل الدولة والممارسة الفعلية في المؤسسات الحكومية، مما يضعنا أمام شباب دولجية إن صح التعبير، أي معرفتهم بدواليب الدولة وشئون الحكم، وهي العقبة التي كانت تواجه التيارات الإسلامية أنهم لم ينخرطوا بصورة فعلية في دواليب الدولة، ولكن يتميز شباب المعتقلين في نقطة الغاية والهدف. فلدى شباب المعتقلين قضية يحاربون من أجلها ومشروع يسعون جاهدين لتحقيقه وهو المشروع الإسلامي. مما يضعنا أمام شباب مثابر قوي العزيمة لا يقبل بالفشل أو الاستسلام، وهي النقطة التي يفتقدها شباب السيسي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.