كما هو معلوم أن الصحفي السعودي جمال خاشقجي والذي اختفى أثناء زيارته لقنصلية بلاده في إسطنبول يوم 2 أكتوبر 2018 حيث بعدها أعلنت القنصلية السعودية بأن خاشقجي قد خرج من القنصلية في حين تداولت وسائل إعلام تركية، عربية وعالمية أن جمال خاشقجي قد قتل داخل القنصلية بطريقة وحشية بعد تسجيلات ساعته اليدوية ورصد فريق مكون من 15 شخصا جاء من المملكة العربية السعودية قبل الحادثة وغادر بعدها مباشرة بعد رصد دخولهم للقنصلية وخروجهم منها حاملين معهم حقائب كبيرة يعتقد أن جثة خاشقجي مقطة بها، بعدها اضطرت القنصلية إلى الاعتراف بمقتله عن طريق شجار بينه وبين موظفي القنصلية لكن التحقيقات التركية أثبتت غير ذلك حيث تم قتله بطريقة همجية وتقطيع جثته بمنشار للعظم، لكن يبقى السؤال، أين الجثة؟

عدة روايات لإخفاء الجثة من ضمنها تم تقطيعها وحملها في حقائب تم رصدها مع فريق الاغتيال وتم دفن الأشلاء في منزل القنصل السعودي في إسطنبول أو التخلص منها في مكان ما. لكن أخر ما توصلت له التحقيقات الجنائية التركية أن الجثة قد تم أذابتها بمواد كيميائية.

من ضمن المواد هي حامض الهيدروفلوريك Hydrofluoric acid والذي بدوره يعد حامضا خطرا للغاية وضرورة الحذر في التعامل معه، يمكن تحضير هذا الحامض من تفاعل الهيدروجين بحالته الغازية مع الفلور في حالته الغازية أيضا وينتج حامض الهيدروفلوريك HF ويمكن أيضا تحضيره من تفاعل فلويد الكالسيوم CaF2 مع حامض الكبريتيك المركز H2SO4 لينتج حامض الهيدروفلوريك HF.

إذن نأتي الآن لإمكانية إذابة الجثة به حسب تخصصي كمدرس للكيمياء. هذا الحامض بإمكانه تفحيم الجثة وإذابة اللحم والعظم وتحويلها إلى مادة لزجة، علما أن الحامض عند التعرض للغازات المنبعثة منه يؤدي إلى وفاة العاملين فيه حيث تبقى تلك الغازات لمدة 20 إلى 24 ساعة موجودة في المكان لذا يستعمل في أماكن معزولة خاصة وهنا نأتي إلى إمكانية فعل ذلك في القنصلية! بالشكل الطبيعي لا يمكن ذلك إطلاقا إلا إذا تم تحضير غرفة خاصة لذلك لأنه إذا تم سكب الحامض في مغطس الحمام لتذويب الجثة سوف يذّوب المغطس أيضا وحتى العلب التي تستعمل لحفظ الحامض يجب أن تكون من مادة البولي أثلين polyethylene أو مبطنة بها لأنه يذيب البلاستيك والزجاج.

لذا ربما تم تقطيع الجثة وحملها بمكان ما وتذويبها هناك. أما طريقة التخلص من الحامض فإذا تم سكبه في أنابيب الصرف الصحي سوف يعمل على إذابتها لذا ربما يكون الحامض موجودا إلى الآن لكن حتى لو تم الكشف عن الحامض الذي ذابت به الجثة لا يمكننا معرفة جثة الشخص المعني لأن الحامض يعمل على تفتيت الأنسجة وحتى طمس خصائص الحامض النووي DNA وتحويل الجثة إلى مادة لزجة على الرغم من أن هذا الحامض خطر جدا لكن لم يتم حظر استخدامه عالميا إلى الآن ويمكن تحضيره وشراءه بسهولة.

نفس الطريقة واجهت الشخصية الأمريكية المشهورة بمسلسل ولتر وايت Walter White مدرس الكيمياء الذي بسبب مرضه وقرب وفاته وعوق ابنه كان يصنع المخدرات ويتاجر بها لتأمين معيشة عائلته بعد وفاته حيث كان يصنعها بخلطات كيميائية فنجد بالأحداث أنه أختلف مع مجموعة من تجار المخدرات مما أدى إلى قتلهم حيث واجه مشكلة التخلص من الجثث لذا استخدم حامض الهيدروفلوريك لإذابتهم لكنه أثناء تذويب الجثث كان يستخدم أقنعة بصورة مباشرة لكن ربما مخرجي المسلسل لم تكن لهم دراية علمية كاملة بأن الهيدروفلوريك يذيب هذه الأقنعة، وبنفس المسألة في حادث يعود في الولايات المتحدة في أربعينيات القرن الماضي بمقتل سيدة وإذابتها بحامض الكبريتيك H2SO4 المركز والذي له القدرة على إذابة الجثث أيضا لكن ليس بفعالية الهيدروفلوريك، لذا ربما تم إذابة جثة خاشقجي بحامض الهيدروفلوريك أو حامض الكبريتيك المركز لأنهما لهما القدرة على الإذابة لكن الكبريتيك أسهل في التعامل من الهيدروفلوريك لكن الأخير قدرته على الإذابة أكبر. والآن بعد أن نفت القنصلية قتله ثم اعترفت بذلك فهل ستعترف بتذويبه!