شعار قسم مدونات

الغريبة التي تصحو ليلاً لتتحدث إلى السماء!

blogs امرأة

رسالة إلى الغريبة القوية التي تنتظر الليل لكي تكتب عن ذلك الوجع الذي يسيطر عليها منذ سنوات مضت ذلك الوجع الذي يشبه سجن بابلو إسكوبار ذلك السجن الذي كان محاط بجيش كولومبيا ولكن له الحرية بعمل كل شيء بداخله.. وجعها على هيئة سجن يشبه هذا المكان في غابات كولومبيا وهو الذي يحرك فيها الإحساس بالكتابة بعمق وحب وسعادة وحزن وفرح تلك الصفات العميقة هي جوهر ما تكتبه ليلاً عندما تضع رأسها على وسادتها لتنظر في السماء وتستلهم منها نصوصها، وكذلك تنظر إلى ملائكتها النائمات في الغرفة المجاورة وتنظر إلى نفسها وتقبل أن تبقى في هذا السجن لأن هناك من يستحق التضحية فالحياة دائماً لا تُحب الضعفاء ولأنها قوية تكون قادرة على غزل النصوص مع بعضها البعض بطريقة مبدعه وعميقه.

 

سأقول لها عندما يتمدد ذلك الجسد لكي يستريح عليكِ أن تغمضي عينيكِ وتنظري إلى مكامن القوة بداخلك لتكونِ دائماً مصدر القوة والإلهام لمن حولك فلا السجان باقٍ ولا السجن دائم فكل ما يحصل هو تأخير للنهايات السعيدة فدائماً في عالم جمهوريات الموز وجمهورية الحاكم الأوحد يكون لا يرى أمامه أحد ولا يرى أنه على خطأ وكل القمع الذي يقوم به يراه هو إصلاحاً ولكن بجوهره قتل للروح البشرية.

 

في كل ليلة تقول لنفسها ما قاله "تشيخوف" ذات يوم.. كان يعذبني سخطي على نفسي، وكنت آسفا على حياتي التي كانت تمضي بهذه السرعة وعلى هذا النحو غير الممتع، فرحت أفكر في أنه من الخير لو استطعت أن أنزع من صدري قلبي الذي أصبح ثقيلا هكذا. أحياناً كثيرة عندما تضحك تلك الغريبة وعندما تضحك أتذكر نص جميل قرأته ذات يوم يقول.

 

لا تبخلوا أبداً في توزيع الأمل والحب والسعادة على من حولكم كما توزعون الحلوى لكي تشعرون بقيمة وجمال هذه الحياة مهما كانت تغطيها غيمات سوداء وأنفاق مظلمة

"كلّما ضحكتْ صديقتي.. خرج من عينيها مجموعة من الصوفيّة.. يضربون الدّفوف وينشدون الموشحات.. مدد.. مدد..". لذلك مدد مدد من الضحك والابتسامة أينها الغريبة التي تنظر إليها السماء كل يوم وتقول لها أنتِ الأقوى والأجمل. ما لا يعلمه الكثيرون في هذا الكوكب بأن السر الوحيد للاستمرار في هذه الحياة ليس الحب وإنما الإحساس بالآخرين بأوجاعهم وأفراحهم وأحزانهم وجنونهم ومشاركة ذلك معهم لكي نسعدهم ونستمد منهم السعادة فهذا وحده كافي لكي يكتمل جمال هذا الكوكب.

 

ما يمنحنا الأمان وراحة البال ومعانقة المستقبل المظلم هو إسعاد من حولنا مهما كانت العقبات والعثرات لتحقيق ذلك فكلمة واحدة تكفي لوصف سعادتنا أو تعاستنا لذلك نقوم بكتابة أفراح الغرباء وأحزانهم وصمتهم لكي نكون قريبين منهم برغم بعد المسافات. في كل يوم من حياتكم لا تبخلوا أبداً في توزيع الأمل والحب والسعادة على من حولكم كما توزعون الحلوى لكي تشعرون بقيمة وجمال هذه الحياة مهما كانت تغطيها غيمات سوداء وأنفاق مظلمة لا نهاية لها فكل ما تقوم به سيرجع إليك يوماً ما ويحطم الظلمات التي تملأ طريقك.

 

كلماتي الأخيرة هنا لكِ بأن تكونِ منبع لا ينضب من الحب والسعادة والأمل فوجودك لمن حولك هي قوة لا يعلمها الكثيرون قوة من نوع مختلف لن يشعر بها الحاكم الأوحد لسجنك الكبير فيوماً ما ستنكسر القيود وتكونِ الأنجح مع ملائكتك، يوماً ما ستكونِ محلّقة فوق غيوم السماء بأجنحة. تحتضني فيها كل ما هو مفرح للروح والقلب معاً وتُلقي نظرة من الأعلى لترى عيونك كم هم صغار في نظرك وتكونِ الأقدر على الطيران نحو عالمٌ مختلف عن عالمنا الظالم لكل ما هو ناجح ومبدع ومحب للحياة.. فأنتِ ذلك النور الذي لم ولم ينضب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.