شعار قسم مدونات

هل نحتاج أن نفشل حقا حتى ننجح؟

blogs مشروع

ربما يقود عنوان المدونة للاستغراب من قبل بعض القراء الأعزاء، ولكنها تجربة حياة وخلاصة خبرة أهل التخصص الذين استمزجت آراءهم في موضوعات اجتماعية واقتصادية وسياسية متنوعة، ورغبت بمشاطرتكم إياها لعلها تفتح أمام المحتاج منكم لها باب أمل حقيقي، فهذه الخلاصة البشرية تفيد بأن النجاح الحقيقي ربما تعلق بفشل مرحلي سريع يتم استثماره في الحياة نحو النجاح.

 

مفهوم هذه النظرية الإدارية يقوم على أن المشروعات التي حكم عليها بالفشل لا بد وأن يتم الانتهاء منها بسرعة، فإذا ثبت فشل مشروع ما أو مؤسسة ما أو برنامج ما، وجب اتخاذ القرار الصارم بالتوجه نحو الانتهاء منه ولو وصف الشخص أو المسؤول أو المؤسسة بالفشل، فأن يوصف الشخص أو المنشأة بالفشل مرحلياً خير له من أن يتستر بنجاح وهمي؛ في حين أن الفشل يغرقه من أخمص قدميه حتى ترقوته.

 

ومن هنا، يدخل الإنسان في صراع بينه وبين ذاته، ومحور هذا الصراع هو القرار بالانتهاء من فكرته أو مشروعه؛ وبين نظرة المجتمع أو الخصوم له، وفي وقت يحاول كثير من الأشخاص الاستغراق في مشروعاتهم وأفكارهم برغم ثبوت فشلها وكونها مشروعاً غير مجدٍ أو لا مجال أمامه للحياة في الواقع، تراه يغرق أكثر فأكثر، ويستنزف الفشل المستور جهده ووقته وتفكيره، في حين أن الأجدى به أن يوقف هذا النزيف، ويعلن توجهه لأخذ التجربة منه للانطلاق نحو مشروع أو فكرة أكثر قابلية للحياة.

 

الكبر والغرور ورفض الاعتراف بالفشل يعني أن يدفع هذا الشخص أو تلك المؤسسة المزيد من الأثمان من وقته وجهده وماله وحالته النفسية

لذلك، إذا كنت قد واجهت مشروعاً وقد بدت عليه بوادر الفشل – وهذا أمر طبيعي بالمطلق – نتيجة ظروف خاصة بك أو بالبيئة المحيطة بك، فكن على ثقة بنفسك، واعلم أن المهم في هذه المعادلة هو أنت ونجاحك، لا نظرة المجتمع لك، ولذلك أقولها وبالفم الملآن: افشل بسرعة. افشل بسرعة؛ فهذا الإعلان لفشلك السريع وإن كان ظاهره مزعجاً لك ففيه الخير العميم، افشل بسرعة! لأن هذا الفشل المرحلي سيكون واحداً من خطوات نجاحك المستقبلي، فمن ملك الجرأة والقدرة على الإدراك المبكر لحاله واتخاذ القرار السليم سيكون قادراً على الاستفادة من هذه التجربة نحو نجاحات مستقبلية في ظلال هذا الفشل المرحلي البسيط.

 

لقد كنت سعيداً جداً بجلسات حوارية مع صديق أعتبره من رموز التفاؤل في المحيط المعرفي لدي، وحين نتناول ملفات الواقع الذي نعيشه على مستوى المعارف من الأفراد والمؤسسات، ونتناول الدراسات والأرقام والإحصائيات التي تفرزها مؤسسات البحث العلمي العصرية، تتأكد لدينا القناعة بفاعلية هذا القاعدة الإدارية، فمن سيواجه الفشل عليه أن يفشل بسرعة؛ ليتفرغ لمشروع آخر قد يكون أجدى وأنفع، والكبر والغرور ورفض الاعتراف بالفشل يعني أن يدفع هذا الشخص أو تلك المؤسسة المزيد من الأثمان من وقته وجهده وماله وحالته النفسية، وفي النهاية سيواجه نفس المصير. لذلك اختزل أمامكم هذه الحقيقة دون مجاملة، فإذا كنت ستواجه الفشل؛ افشل بسرعة، فبذلك – يا صديقي- ستضع قدمك على أول مسالك النجاح.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.