شعار قسم مدونات

شهر ونصف.. وخاشقجي ما زال ينتظر العدالة!

blogs جمال خاشقجي

لعبة شد الحبل بين السعودية وتركيا، مستمرة بسبب قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، فلا السعودية تريد تسليم المتهمين الـ 15 ومن أمرهم بتنفيذ عملية الاغتيال، ولا تركيا تريد التنازل قيد أنملة عن مساعيها لإسقاط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والذي تتهمه تركيا بإعطاء الأوامر لفريق الاغتيال، لتصفية خاشقجي.

الأيام تمر مر السحاب، وفي كل يوم تظهر دلائل جديدة، فتركيا صرحت أنه ما زال في جعبتها الكثير، فهي تلعب لعبة شد الأعصاب مع السعودية وتقطر كل يوم دليل جديد، يورط السعودية أكثر وأكثر. بعض المحللين صَرّحوا أن صبر تركيا على السعودية بدأ ينفذ، لأنها رفضت التعاون في التحقيق، ورغم كل الأدلة التي أظهرتها تركيا، ما زالت السعودية تُكابر وترفض الاعتراف الكامل بمسؤوليتها عن قتل خاشقجي.

شهر ونصف مر حتى الآن على مقتل خاشقجي ومازال العَالَم ينتظر النهاية، لأن القضية تشعبت وتعقدت أكثر، وبما أن المتهم الرئيسي فيها هو أمير سعودي وولي للعهد – وربما هو الملك الحقيقي الذي يدير البلاد في ظل تراجع صحة الملك سلمان- لذلك فتسليم ولي العهد لنفسه من سابع المستحيلات، فالجريمة سياسية بالدرجة الاولى. وأصبحت قضية رأي عام دولي، والجميع يعرف من هو القاتل الحقيقي. أعتقد أن بشاعة الجريمة هي التي أعطتها هذا الزخم، لأن قتل المعارضين ليس بالشيء الجديد في وطننا العربي.

يقولون أن العدالة عمياء لا تُفرق بين غني أو فقير.. قوي أو ضعيف، لكن مع الأسف اليوم هناك تمييز واضح، وسياسة الإفلات من العقاب تتفاقم يوماً بعد يوم.

فكثيرون اختفوا بلا أثر وغيرهم سجن لسنوات طويلة وآخرون أُعدموا بطرق مختلفة، لكن استخدام المنشار للتقطيع والمحاليل الكيميائية لإذابة الجثة، فهذا نادراً ما يُستخدم. لكن الجريمة تبقى جريمة والقصاص مطلوب شرعاُ وعُرفاً. ومهما حاول النظام السعودي، أن يغطي على جريمته الشنعاء فلن يستطيعوا، لأن العالم أصبح قرية صغيرة بفضل التكنولوجيا، والمعلومات تنتقل بسرعة الضوء من أقصى الشرق لأقصى الغرب في ثواني، لذلك فالذي يعيش في إندونيسيا قد وصلته الأخبار بالتأكيد.

يقولون أن العدالة عمياء لا تُفرق بين غني أو فقير.. قوي أو ضعيف، لكن مع الأسف اليوم هناك تمييز واضح، وسياسة الإفلات من العقاب تتفاقم يوماً بعد يوم. فها هو محمد بن سلمان، يضحي بأقرب المقربين منه لكي يُفلت هو من العقاب لأنه متمسك جداً بالكرسي ولا يريد التخلي عنه مهما كان. لذلك ستظل قضية خاشقجي تراوح مكانها، لا تركيا تريد التنازل ولا السعودية تريد أن تعترف وتسلم من نفذ ومن أمر ومن تستر أيضاً.

فدخول ترامب في الصورة جعله متواطئاً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ورفضه معاقبة السعودية وإيقاف شراء الأسلحة منها، يطرح أكثر من علامة استفهام، حول الدور الأمريكي في قضية خاشقجي. أصبح اسم جمال خاشقجي أشهر من نار على علم، وما زال إلى اليوم يتردد هنا وهناك، فهناك من يصفه بشهيد القلم.. وهناك من يراه بطلاً.. وهناك من يرى فيه نفسه، لم يبع قلمه بحفنة من الدولارات وظل ثابتاً في عصر يُباع فيه كل شيء ويُشترى.

منذ الثاني من أكتوبر وأنا أتابع يومياً أي جديد بخصوص قضية جمال خاشقجي، الذي لم أكن أعرف عنه الكثير، لكن بعد حادثة القتل في القنصلية، تعرفنا على جمال خاشقجي الصحفي وكذلك الإنسان. فلترقد روحك في سلام يا جمال، ستتحول إلى لعنة تُطارد ابن سلمان في نومه ويقظته، ولنا في التاريخ عبرة. فالحجاج حين قتل التابعي سعيد ابن جبير، كان يقول مالي ومال ابن جبير، وربما ابن سلمان يرددها مثله، ولكن بمالي ومال جمال.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.