شعار قسم مدونات

من يشق عصا الطاعة.. فالأسيد بانتظاره!

blogs أحماض

في تعامل النظام العربي مع المعارضة يرفع شعاراً مفاده: آخر الدواء الأسيد وإن كان في واقع الحال هو أولها، ويخرج المتابع للمشهد السياسي بخلاصة مفادها: من السهل أن يباع المعارض أيا كان بأثمان بخسة عبر المناشير والأحماض وافتعال الحوادث يمينا وشمالا واسكات الأقلام الحرة وشراء المأجورين وإلباس التهم من كل حدب وصوب. تتباين دوافع استخدام الأسيد بين العلمي والجنائي والسياسي والعاطفي، ويعد العالم العربي جابر بن حيّان أول من اكتشف حامض الهيدروكلوريك (المسمى الأسيد)، وأطلق عليه اسم زيت الزاج Oil of Vitroil وله مسميات أخرى مثل روح الملح والأسيد، والتسمية الدارجة: ماء النار، ويحتاج في حالة التعامل معه لخبراء على دراية وإطلاع وليس لأشخاص عاديين هواة، فالمادة المكونة له شديدة الخطورة تستوجب فريق عمل متدرب يمتلك الخبرة والأسبقية، ومن إجراءات السلامة أن يضاف للماء لا أن يضاف الماء إليه وبينهما فرق.

 

ففي حالة إضافته للماء تنتج حرارة عالية لشراهته جداً للماء، ويعمل بصورة سيئة على إزالة الماء من الخلايا الحية، ووجوده في أجسامنا ينحصر في طبيعة عمله كحارس للمعدة من الفيروسات عبر عملية الأيض التي تنتج حامض الكبريتيك في الجسم البشري، ويصنّف على أنه أسواً العناصر من حيث الرائحة، وقد أجريت تجربة علمية في هذا المضمار لمعرفة ما سيحدثه في قطعة من الدجاج، فكان أن استحالت لماء لزج، ومن مواصفاته أنه عديم اللون وسريع الذوبان ورائحته كريهة وتوصيله للكهرباء ضعيف وهو كاو للجلد، ويعد استهلاك الدول له بمثابة مقياس ومؤشر على التقدم الصناعي. ويعرّف علمياً على أنه حمض معدني قوي ومكوّن رئيسي للعصارة الهضمية عند الإنسان، وقدد استخدم في الأبحاث الجنائية والمخبرية، ويمكن تحضيره بسهولة، مع ملاحظة أن تركيزه ينبغي أن يتراوح بين 30 إلى 35 في المئة، أما النسب الأعلى من ذلك فتحتاج لعناية وحرص شديدين، ومن الدول المتفوقة في هذا الميدان روسيا وأمريكيا وبالأخص التحكم في مقدار التركيز وهي ميدان واسع للتنافس فيه.

يجب على الأم توعية أبنائها بضرورة الابتعاد عن الخوض في السياسة والشأن العام، لأن عاقبة ذلك وخيمة ومنها الإذابة بالأحماض بعد التقطيع بالمناشير، أو على أقل تقدير البقاء في السجن بضع سنين

أما بخصوص استخداماته الأخرى، فتشمل صناعة الجلود والحرير الصناعي وإنتاج السوبر فوسفات والأصباغ والأدوية والبطاريات السائلة وبعض أنواع المتفجرات، وصناعة الأسمدة والصابون والمطاط والبلاستيك والحديد والزجاج والألعاب النارية وفي المناجم لفصل الذهب عن الفضة والنحاس، وله تطبيقات جنائية في القارة الآسيوية في بلدان كالهند وبعض الدول الأخرى تتمثل في قيام حفنة من المجرمين الأنذال بسكبه على أوجه الفتيات اللواتي يرفض الزواج من أحدهم في المجتمعات المنغلقة، ويهدفون من ذلك لتشويه معالم الوجه بصورة خطوط متوازية من الأعلى للأسفل، تعمل على إزالة معالم الجمال في الوجه والرقبة. كما تم توظيفه في حالات العداء والانتقام وبالأخص ممن يتزوجون خارج إرادة الأهل من العرقيات والطوائف الأخرى، وفي نهاية قائمة استخداماته قتل أفراد المعارضة وإذابة أجسادهم والتّخلّص الفيزيائي منهم دون ترك آثار أو إبقاء دلائل إدانة، عبر الاستعانة بخبراء إزالة الآثار الجرمية، والمثال الحي على ذلك ما حصل مع خاشقجي ومن قبله المعارض المغربي المهدي بن بركة عام 1965.

أما فيما يتعلق بالتطبيقات التي تبنى على الأسيد، فمنها تنظيف أسطح الفولاذ وإذابة الذهب والاستخدامات في بعض الأدوية، وإذا كان ذا جودة عالية فعندها يصلح في بعض الصناعات الغذائية، ومن استخداماته الأخرى معالجة الجلود ومستحضرات التنظيف المنزلية، واستخراج النفط وإذابة الصخور وعموماً فهو يعمل على إزالة الترسبات، وأما إجراءات الوقاية وأخذ الاحتياطات، فهي تبدأ من ألف باء الوقاية والمتمثل في ضرورة استخدام واقيات العين والقفازات واللباس الواقي، والحرص على عدم ملامسته على الإطلاق للعين أو الجلد كونه كاو من الدرجة الأولى، كما أنه يتلف المحاصيل الزراعية لحقيقة تداخله بمكوّنات الأمطار الحمضية، وإن انسكبت منه كمية قليلة على الأحذية الجلدية، فهي كفيلة بتحويل الجلود إلى لونها الأصلي وفي مرحلة تالية إتلافها.

أما فيما يتعلق بالمحاذير الطبية فإن تناول كمية 5 سم مكعب منه كفيلة بالوفاة في غضون 48 ساعة، وفي حالة شربه بالخطأ فمن إجراءات السلامة والإسعافات الأولى وفق أقل تقدير شرب كميات كبيرة من اللبن قبل أن يأتي دور المتابعة الطبية الحثيثة، ومن المعلوم أن تهدئة الإصابة الحمضية بالماء البارد تعد سلوكاً خاطئا، والثقافة الصحية الأسرية وإجراءات السلامة تفترض في الوالدين أن يكونا على وعي ودراية، فليس مطلوبا منهما العمل بالطب من أساسه، ولكن الاطلاع على كيفية معالجة العين على سبيل المثال من إصابات المواد الكيميائية يعتبر في غاية الأهمية، وذلك لوجود كثير من المواد الكاوية بالمنزل، مما قد يعرض أحد أفراد الأسرة لخطر التعامل الغير آمن معها، وعليه وجب معرفة ذلك عن ظهر قلب، كما أنه ختاما يجب على الأم توعية أبنائها بضرورة الابتعاد عن الخوض في السياسة والشأن العام، لأن عاقبة ذلك وخيمة ومنها الإذابة بالأحماض بعد التقطيع بالمناشير، أو على أقل تقدير البقاء في السجن بضع سنين!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.