شعار قسم مدونات

في فهم المرأة.. "لأننا متناقضات"!

blogs المرأة

المرأة شخص عاطفي بامتياز رغم شموخها وانفتها قد تنكسر بسرعة ورغم توالي الانكسارات والآلام تجدها قوية شامخة تلملم جروحها وتستجمع قواه لتعود بالظهور بقوة وعزم وإرادة، حتى أننا نسعى لإخفاء أحزاننا وآلامنا عن أنظار الآخرين. الأهم بالنسبة لنا أن نصل إلى الهدف المنشود. تعاني المرأة من ذلك التناقض الصارخ، لأنها تسعى لتكون ناجحة في حياتها العملية وأن تكون حرة طليقة. تخلق لنفسها جواً من الاستقلالية والرفاهية الذاتية، فتجدها تُقنع نفسها أن الحياة أجمل وأبسط دون وجود نصفها الثاني.

لكن هي نفسها تجد داخلها لا يوحي بذلك بل تجدها ترغب بأن تقترن بشخص يجعلها ملكة داخل قصر حتى تبرز تلك الشخصية المطواعة التي تهتم لأمر زوجها وتقدس تلك العلاقة لتتجرد من كينونتها من أجل أن تعيش بمودة ووئام مع زوجها وتقاسمه حياتها حتى تشعر بالتوازن داخلها. لهذا فدائما ما ينتابنا ذلك الشعور أننا ناقصات دون وجود الزوج ورفيق الدرب مهما بلغت قوتنا ومكانتنا. ليس لأننا ضعيفات أو لأننا لم ننجح في حياتنا العملية بل بالعكس رغم ارتفاع شأننا وموقعنا، فإننا نبحث عن الاستقرار داخل أُسرة نكون نحن فيها سيدات البيت نريد أن نبدع داخله.

قد نسعى وراء الموضة وصيحاتها والسفر والمتعة والاستقلالية.. قد يحي ظاهرنا عكس ما يحمله داخلها.. لقد أصبحنا نقدس السطحية والتفاهة في كل شيء ونبتعد عن ذواتنا.

مجرد التفكير في الأمر يجعلنا متفانيات داخل ذلك البيت الذي يضمنا مع الزوج المنشود، فتجدنا نتأمل في أن يرزقنا الخالق ببطل مغوار يمتطي جواداً أبيض جاء ليُنير دربنا ويكمل نواقصنا. فتبدأ سلسلة الأفكار تستحوذ على تفكيرنا رغم كثرة الوقائع التي نكون قد سمعناها عن علاقات زوجية باءت بالفشل بسبب عدة ظروف. كانا كليهما السبب فيها أو أحدهما ورغم أننا نكون أخدنا موقفاً من الحياة الزوجية. حتى تمر الأيام فنتناس الأمر كأننا لم نتخذ موقفاً بل سرعان ما نتناسى الأمر بمجرد سماعنا بعلاقة زوجية ناجحة.

يصعب علينا أن نظهر أننا نسعى إلى حياة زوجية ننسلخ فيها من كل شيء سوى المحبة والصدق والمودة، في حين إذا سألتها هل يمكنك أن تخوضي في حياة زوجية، لست متأكدة من نجاحها بنسبة واحد بالمئة فقط، تجدها رافضة لأنها ببساطة لا تريد المجازفة. أن تخوض تجربة يراودها الشك فيها منذ البداية فتكتفي بأن تترك الأمر وتستمر في حياتها، وبمرور الوقت تجدها أكثر تشبثاً وتعلقاً بأفكارها ومعتقداتها. لم يتغير داخل المرأة، بل الواقع المعيشي هو الذي تغير وكسا المرأة حُلة جديدة، مما جعلها تبرز بشكل واضح داخل المجتمع.

الفرق الوحيد هي أنها في السابق كان لها أدوار في الخفاء، فهي الرأس المدبر والقائدة ومسؤولة المنزل ومأمن الأسرار.. داخل بيتها، أما الآن فهي تلعب دورين داخله وخارجه. لكن في العمق لا طالما وجدت تلك المرأة التقليدية التي تشبعت بالأصالة، كما أنها ما زالت تحمل الكثير من مبادئ الأجداد. قد يظن البعض أننا بحملنا لأفكار جديدة أكثر تفتحاً وانفتاحاً على العالم قد ننسلخ عن هويتنا.. حتى نبدو بصورة الحداثيين، سوى لنقنع الآخر أننا لسنا كغيرينا. قد نسعى وراء الموضة وصيحاتها والسفر والمتعة والاستقلالية.. قد يحي ظاهرنا عكس ما يحمله داخلها.. لقد أصبحنا نقدس السطحية والتفاهة في كل شيء ونبتعد عن ذواتنا.

الأفكار المتضاربة هو ما يبقينا متوازنات في مجتمع تحاول وتسعى فيه المرأة إلى تجاوز عدة عوائق خلقها المجتمع، ولا تتشبث بها سوى لأنها تتماشى مع هواه وتتيح له فرصة التحكم فيها. نحن لسنا متناقضات كما يظهر في ظاهر الأمر، بل نسعى لأن نجعل لوجودنا معنى وأن طبيعتنا هي ما يميزنا ويجعلنا مختلفات عن الجنس الآخر، قد يجعلنا هذا الأمر متناقضات في نظرهم متمردات على الواقع. خلقنا لنعيش الحياة بحلوها ومرها نتفاءل نسعد نحزن نفرح نبكي ونصرخ بصوت عال..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.