شعار قسم مدونات

دماء الأقباط مجرد "خبر" يحتاجه السيسي وبن سلمان!

blogs استهداف اتوبيس اقباط المنيا

بمجرد سماعي خبر استهداف أتوبيس الأقباط في طريق دير الأنبا صموئيل بمدنية المنيا في صعيد مصر سارعت بالكتابة على صفحتي الشخصية عبر "الفيس بوك" لتحميل السيسي مسؤولية ما حدث في الوقت الذي كانت فيه معظم التغريدات تقريبا تدين الإرهاب الأسود بعبارات صارت "إكلاشيهات" شبه محفوظة دون التوقف لحظة لتأمل توقيت الحادث ومن المستفيد الأبرز من وقوعه.

وبمرور الوقت اتضح أن الإعلام الموالي للسيسي لم يبرز الحادث بما يتناسب مع بشاعته وعدد الصور المأساوية الناتجة عنه قياسا بحوادث مماثلة استهدفت الأقباط في مصر وكانت سببا لإنتاج أغنيات على سبيل المثال تلعن الإرهاب وتتوعده بالويل والثبور وعظائم الأمور كما لم يعلن الحداد الرسمي على الضحايا الأبرياء، وكان هذا متوقعا أيضا حتى لا يتم التشويش على مؤتمر الشباب العالمي الذي سيحضره السيسي في شرم الشيخ في اليوم التالي للحادث موزعا الابتسامات ومطلقا للنكات التي تصبح مادة محببة لبرامج "التوك شو" التي تبث من خارج مصر من قنوات تعارض نظام السيسي، في الوقت الذي انتشر فيه خبر حادث المنيا عالميا وتناقلته وكالات الأنباء لتعزف من جديد على وتر خطورة ما تسميه بــ "الإرهاب الإسلامي" وأهمية استمرار ما تسميه الحكومات الغربية بـ "الأنظمة المعتدلة" التي تحارب الإسلام السياسي مثل نظام السيسي وبن سلمان وبن زايد .

لفتت جريمة اغتيال خاشقجي أنظار المواطن الغربي بأن هناك وحوش آدمية تحكم وتتحكم في المنطقة العربية، وأن حكام الغرب هم وحدهم الداعمين لهذه الأنظمة الوحشية

  
وبالتالي عودة التأكيد على أهمية دعم ومساندة هذه الأنظمة، والسبب الحقيقي – في تقديري – هو خوف الغرب من أن يتمكن الإسلام السياسي من تكرار تجربة أردوغان والوصول إلى الحكم عبر الآليات الديمقراطية وتحقيق نهضة مماثلة للنهضة التركية التي باتت تصنع 65 في المائة من احتياجاتها العسكرية في بلاد إنجازها العسكري الأبرز بعد قمع شعوبها وقتل معارضيها وتمزيق جثثهم وربما إذابتها بـ"الأسيد" وفق آخر التقارير الصحفية، هو الاستثمار في الجمبري منزوع الرأس!
  

لا أحد يتصور في عام 2018 ظهور عنف إسلامي من رجال يرتدون "جلابيب" بيضاء وذي لحى طويلة، هذه الصورة النمطية – التي أبرزها فيلم الإرهابي لعادل إمام – غير موجودة إلا في مخيلة ضباط الأمن الوطني المصري، حتى أن النسخة المخابراتية الأحدث والمسماة بـ "داعش" كسرت هذه الصورة التقليدية سواء في الأزياء، أو حتى إصدارات الفيديو!

إن جريمة اغتيال خاشقجي أثرت دون شك في الضمير العالمي بسبب التغطية الإعلامية المتميزة التي قادتها قناة الجزيرة اتساقا مع السيناريو التركي لإدارة الأزمة، ولفتت أنظار المواطن الغربي بأن هناك وحوش آدمية تحكم وتتحكم في المنطقة العربية، وأن حكام الغرب هم وحدهم الداعمين لهذه الأنظمة الوحشية، وباتت المسؤولية الأخلاقية عن ما يحدث أكثر إلحاحا، وازدادت الضغوط العالمية التي تطالب بالإطاحة بمحمد بن سلمان، وقد طالعتنا الأنباء قبل 24 ساعة من حادث المنيا أن نتانياهو والسيسي – وحدهما – يطالبان ترامب بالعودة لدعم هذا الذي تشير إليه أصابع الاتهام في هذه الجريمة غير المسبوقة من حيث مكان وقوعها أن تضارب الأنباء الرسمية السعودية حولها.

لذا، فليس من المستغرب على من يدعم علنا دون حياء شخص متهم بإعطاء الأمر بارتكاب هذه الجريمة البشعة وربما التلذذ بمشاهدتها عبر الفيديو، أن يسوق للذبح مجموعة من الأقباط حتى يذكر العالم بدور مثل هؤلاء الحكام في العمل على منع قيام نهضة تستلهم الروح والثقافة الإسلامية.

وأخيرا، أوجه الدعوة لكل قبطي مصري لا لتذكر من كان يقف وراء جريمة كنيسة القديسين، ولكن أدعوه إلى مشاهدة اعترافات ضابط الـ "سي آي إيه" المنشقة "سوزان لينداور" واعترافاتها حول حقيقة 11 سبتمبر وتدمير برجي التجارة، لإعادة طرح التساؤلات حول حقيقة وجود عنف إسلامي، ومن هم المدراء الحقيقيين له!!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.