شعار قسم مدونات

على أطلال الموصل نقف.. مرَّ عام!

blogs الموصل

مرَّ عام.. عامٌ كامل على استعادة أرض الموصل. عامٌ كامل ما الذي تغير فيه خرج تنظيم داعش وبقي أبشع أثر تركه، بقيت ذكريات مُلطخة بدماء الأبرياء العُزل، وشهداء قدموا أرواحهم فداء للوطن.. بقيت أحلام الأمهات الثكالى بعودة أبناهم من ساحات المعركة. بقيت خيالات الأطفال لا تستسلم للرحيل بانتظار أبٌ رحل مع الراحلين. ما زالت صورة رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي وهو يقف مُبتهجاً بنصراً مبين وسط قوات الجيش العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب محفورة في أذهان الكثير.

مرَّ عام كامل على كل ذلك ما الذي تغير! نُجزم أننا تحررنا من الإرهاب بينما مازلنا نواجه إرهاباً متخفي بأذرع ممتدة في مفاصل الحكومة العراقية. ما زال الكثير من النازحين تحت رحمة الخيام ومساعدات المنظمات الدولية، ما زالت مئات الجثث تحت الأنقاض لم يتم انتشالها حتى الأن لأسباب عديدة، حيث أن بعض الأحياء يمنع دخولها أو الوصول إليها فهنالك منازل مُلغمة بالكامل تشكل خطراً على حياة الناس بينما تعمل منظمات تابعة للأمم المتحدة بمشاركة القوات العراقية على تفكيك هذهِ المتفجرات.

تلكأ سير العمل والوقت الذي تأخذه الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لا يتناسب وحجم الأضرار الناتجة عن كل يوم يمر دون البدء بأسس صحيحة لإعادة الحياة للمدينة

مرَّ عام على تحرير الموصل، لكن لم يتحرك سكون البرلمان العراقي إلا على ما يصب في مصالحهم العليا التي لا تمت بصلة لمصلحة المواطن وهذا الوطن! الحقائب الوزارية أهم من المُدن المُدمرة ولولاهم لما دمرت بالأساس! الموصل بقيت على حالها دون تحريك ساكن سوى محاولات الأهالي الفردية بإعادة إعمار ما يمكن إعماره حيث كشفت جهات مسؤولة في المحافظة عن نحو 8 من أحياء الموصل القديمة تحولت إلى ركام بفعل القصف العنيف والاشتباكات المسلّحة، التي تعرّضت لها خلال عمليات التحرير العام الماضي. وفي تسليط الضوء على عملية إعادة الأعمار من قبل الحكومة العراقية، وعند زيارة للموقع الإلكتروني الخاص بصندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة ندخل على خانة المشاريع التي تم إنجازها فالنتائج كارثية مقابل الخراب الذي يسيطر على عموم المحافظة.

مدرستين في محافظة كركوك تم هدمهم وإعادة إعمارهم، بالإضافة إلى إعادة تأهيل ابنية كلية الآداب والإدارة والاقتصاد وكليات الصيدلة وطب الأسنان في جامعة الموصل وأكساء الشوارع في ناحية القيارة وحمام العليل، وتأهيل شبكات كهرباء في قرى ملا عبد الله وإدريس خباز وإدريس خزعل والهندية. وفي تصريح لعضو مفوضية حقوق الإنسان د.فاضل الغراوي أن فرق مديرية الدفاع المدني في محافظة نينوى انتشلت اكثر من (٢٦٦٥) جثة معلومة الهوية منذ انطلاق حملة القضاء على عصابات داعش الإرهابية ولغاية ٢٠١٨/١١/٦، وفي حين بلغت الجثث المجهولة الهوية (١٩٩٢) جثة وبلغ عدد جثث الأطفال المعلومة الهوية (٨٥١) جثة طفل منهم في المدينة القديمة (٣٤٥) طفل.

وأضاف الغراوي أن خطر وجود العديد من الألغام والعبوات والمخلفات الحربية أدى إلى العديد من الحوادث كان آخرها استشهاد طفل وجرح اثنين في المدينة القديمة نتيجة انفجار (عبوة ناسفة) غير مرفوعة قرب جامع النوري الكبير كما أن وجود هذه المخلفات يمثل عائق كبير في عدم عودة العديد من العوائل إلى دورها. وناشد الوزارات الأمنية كافة بالإسراع برفع المخلفات الحربية كما طالب وزارة الصحة بإكمال متطلبات فحص الحامض النووي وإجراء المطابقة مع الجثث مجهولة الهوية لإكمال المتطلبات القانونية.

لن يُعمر الموصل إلا أهلها إلا أبنائها، الموصل لا تحتاج لغرباء ودُخلاء لإعمارها حيث هنالك دعم دولي كبير لو تم توجيهه بالشكل الصحيح بمواظبة واستمرار ستنهض الموصل وتزدهر
لن يُعمر الموصل إلا أهلها إلا أبنائها، الموصل لا تحتاج لغرباء ودُخلاء لإعمارها حيث هنالك دعم دولي كبير لو تم توجيهه بالشكل الصحيح بمواظبة واستمرار ستنهض الموصل وتزدهر
 

يتبين لنا مما ذكر تلكأ سير العمل والوقت الذي تأخذه الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لا يتناسب وحجم الأضرار الناتجة عن كل يوم يمر دون البدء بأسس صحيحة لإعادة الحياة للمدينة. وجود المُدن يبدأ بوجود البشر فيها بمدى صلاحية هذهِ الأرض للحياة بتوفير البُنى التحتية ووسائل العيش الضرورية كالكهرباء والماء والمراكز الصحية ومن ثم تبدأ مرحلة المؤسسات. إعادة إعمار المؤسسات دون وجود منازل صالحة للحياة يعتبر خطوة عكسية من قبل الجهات المسؤولة وليست في محلها، صفقات تبرم بمليارات الدولارات ينبأ بشرعنة باب جديد للفساد تحت مسمى إعادة الإعمار؟!

نخرج من كارثة داعش وندخل كارثة الفساد على حساب أرواح المواطنين وحياتهم ومستقبل أبنائهم المجهول تماماً في واقع معيشي كهذا. أي مدرسة تلك التي يذهب لها الأطفال للتعلم واكتساب المعرفة وطرقهم ومنازلهم غارقة بالوحل وغير مؤهلة لحياة كريمة تحفظ للمواطن العراقي كرامتهُ وتحترم إنسانيتهُ! انتشال الجثث تطهير الأراضي والأهم عودة النازحين من المخيمات إلى مناطق سكنية منظمة ومهيئة لبداية مشوار حياة جديد.

هنا سيكون بمقدورنا تدارك الأزمات القادمة، لكيلا يكونوا هؤلاء الناس أداة سهلة للاستغلال من قبل جهات تغريهم بالأموال وتستغل ضعفهم وحالهم السيء وحاجتهم لأبسط سُبل العيش. لنستثمر هذهِ الطاقة البشرية ونؤكد أنه لن يُعمر الموصل إلا أهلها إلا أبنائها، الموصل لا تحتاج لغرباء ودُخلاء لإعمارها حيث هنالك دعم دولي كبير لو تم توجيهه بالشكل الصحيح بمواظبة واستمرار ستنهض الموصل وتزدهر وتعود أم الربيعين للحياة من جديد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.