شعار قسم مدونات

نلتمسُ نورًا.. وننشر حُبّا يبدد الظلام الذي نعيش فيه

blogs - ورقة شجر

تمنى لي بعضٌ من معارفي الخير، وتمنى لي البعض الآخر السعادة والنجاح، والبعض الآخر والمُميز تمنى لي ما تمنيته لنفسي كثيرًا أن أكون نورًا كما يحمل اسمي هذا المعنى.. ولكن حالت بيني وبين أمنيتي الكثير من التساؤلات، هل أكون فعلًا نورًا؟ أم أنني لا أمُتُّ بصلة قريبة أو بعيدة لهذا النور؟ تأملت حالي كثيرًا، ثم أخذت جولة داخل أركان نفسي، التي لا أحفظها جيدًا، وأعترف أنني مُبتدئة في هذا الدرب، وأقررت أنه لا عيب أبدًا في أننا نحيا ونموت ولم نعرف ما بدواخلنا كاملاً، لكننا نلنا شرف المحاولة في هذا الدرب.

بعضٌ من أفعالي، لا أفعلها بمفهومِهَا الظاهِر، أستغرب من نفسي بشدة للوهلة الأولى، ثم يغمرني الشعور عميقاً، وأتدفق معه بسلاسة؛ فمثلًا إماءتي اللطيفة لِعامِلِ مُسِّن في كُليتي، لم أقصد بها توددًا له، أو تعبيرًا عن احترامي وتقديري الذيْنِ أكنهما دائمًا له؛ قد أبطنتهُا؛ مواساة لسنين عُمرِهِ الكثيرة، وكاهلهُ المُثقل بمسؤولياتٍ، وَتخُيلٍ طفيف لِحُب يملأ صَدره ويُهون عليه أيام عُمرِه. فهل أفتقر نورًا ما بداخلي؟! ورِسالتي القصيرة لصديقتي أسأل عن غيابها، كُنت أعني بها أن أنقذيني يا صديقتي من غياب نفسي، نفسي التي ذهبت وأبحث عنها في كُل شروق شمس، وكُل إضاءة مصباح، وكُل نور فجرٍ جديد. ثم لا أجدها أيضًا يا رفيقة! فهل أفتقر نورًا ما بداخلي؟!

فشلي في الحياة أستشعره بقوة في مواطن قوتي، وحين تبلغ بي صعوبات الحياة حدها، وبكل سذاجة بدلاً من أن أفرح بإنجازي، تكون حينها أبسط الكلمات كفيلة أن ترسلني لذكرياتي الأحلك ظلاماً،

وإعجاباتي لِصُوَّرِ ذلك المَجهول داخلي، الذي لا أعلم أي مرتبة من الحُب داخل قلبي قد اجتحاها بصدارة؛ لم تكن إعجابات، بل كان اشتياقًا صادِقًا لروحه التي أكاد أُجزم أنها أُلفة روحي، ووَحيي الصادق. هل كان إعجابًا، أم نوراً أوجدته صدفة بداخلي؟! عيناي اللامعتان حين أرى انعكاسي على إحدى المرايات، لم يكونا دمعتان خفيتان إثر فراق حبيب؛ بل كانتا حُلُمَّا مُشيدًا في روحي قد انعكس في لمعتيهما، وعن هذا؛ فهذا أملي ورجائي من الله أن يخرج هذا الحلم للنور يومًا.

أما عن خِطابي الطويل جدًا لأخي والذي اعتبرته فلسفيّ للغاية، وكان ثقيلًا على كتفه، مُحمَّلًا بأعباءٍ تزيدُ من هم شُغُله الشاغل حول نُضجه، وتكوينه ونشأته التي يخطوا فيها خطواته الأولى خطوة تلو الأخرى. لم يكن خطابًا رسميًا يا أخي؛ كان الكثير من الحُب والخوف وخُلاصة التجربة لسنوات معدودة على الإصبع سبقتك بعيشها في الحياة، أيضًا خِطابي لم يكن كذلك وحسب يا أخي، النقطة الأهم في خطابي، رُغم كُل الفصاحة لا أحمل على صياغتها بالشكل الذي يجب أن يكون.. النقطة الأهم في خِطابي؛ أن مسؤوليتي تجاهك كبيرة، كبيرة للحد الذي أجهل معه أن تكون كلماتي إليك بسيطة مُنسابة.. فأنت حبيبي لست طِفلًا، إنك السنوات الأولى من الرُجُولة، ولكنك طِفلي الأوَّل فأنت حبيبي لست مُراهِقًا يتخبط بطيش بين جدران الحياة، ولكني قضيت مُراهقتي نموذجاً لك يا حُبي..

فأنت حبيبي الذي لا أملك أن أكون أمه أو يكون طفلي ولا أملك أن أكون رفيقته دون حمل مسؤوليته، فأنا في الحقيقة الأخت، والصديقة والمسؤولة عن كوني نموذجاً لك بكل الحب. شيء آخر تماماً لا أفهمه عن نفسي، وأعبر عنه بشكل لا يتعلق به تماماً، فشلي في الحياة أستشعره بقوة في مواطن قوتي، وحين تبلغ بي صعوبات الحياة حدها، وبكل سذاجة بدلاً من أن أفرح بإنجازي، تكون حينها أبسط الكلمات كفيلة أن ترسلني لذكرياتي الأحلك ظلاماً، وتغرس كلمة فشل بلسان حالي لأحدث بها نفسي أياماً. قد يعود ذلك لسبب جلي، أن الشيطان قد يحزن الذين ءامنوا ليتخلوا، ويلبسوا ثياب ضعف من بعد قوة، ليتولوا أنفسهم، وأن الله هو ولي الذين ءامنوا يُخرجهم من ظُلُماتهم إلى النور! عودة إلى النور، نلتمس النور من الله، من حبنا له وتوكلنا عليه، نسأله نوراً في روحنا، وجسدنا، ومسعانا، نلتمس النور في ظُلُماتنا من الله.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.