شعار قسم مدونات

الانتهاكات الصهيونية للقانون الدولي

مدونات - الجيش الإسرائيلي
دولة قامت على القمع أصبحت ثقافتها اليومية انتهاك حقوق الإنسان، طبعا نحن نتكلم عن "إسرائيل" التي تبنّت، منذ البداية، ليس احتلال الأرض أو اغتصابها فقط، بل القضاء على الشخصية الفلسطينية حتى خارج فلسطين، لا تريد أن يُسمع اسم فلسطين أبدا، ومحاربة كل ما هو فلسطيني، وما نعيشه اليوم هو واقع قائم على الإرهاب، دولة إرهابية في واقعها تعيش ثقافة الاضطهاد والظلم والتمييز العنصري.
 
الكيان الصهيوني تمادى في جرائمه تحت حماية الولايات المتحدة الأميركية بانتهاكه للقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان وجميع الشرائع الدولية، جميع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وعلى رأسها اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949، واتفاقية لاهاي المتعلقة بالتسوية السلمية للنزاعات الدولية واتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، لا يوجد بند في ميثاق الأمم المتحدة إلا وانتهكته دولة الكيان الصهيوني.
 
وعندما نتكلم عن الإبادة الجماعية فإن خير مثال على ذلك ما حدث في النكبة من تطهير عرقي ولا يزال يحدث حتى الآن في غزة، مرورا بالمجازر التي ارتكبها الاحتلال في حق الفلسطينيين مثل مجزرة دير ياسين، كفر قاسم، صبرا وشاتيلا وغيرها كثير، والتي ستبقى شاهد عيان على جرائم الاحتلال ضد الإنسانية.
 
تعرض الشعب الفلسطيني للإجحاف والظلم طيلة هذه المدة رغم القرارات والاتفاقيات الصادرة لصالحه بمقتضى القانون الإنساني والدولي، فبموجب اتفاقيات جنيف الأربع الصادرة بتاريخ 12 أغسطس/ آب 1949 وبروتوكولاتها المُكملة لسنة 1977، والتي صادقت عليها 190 دولة من أصل 193، حيث نصّت الاتفاقية الأولى على حماية الجرحى والجنود والمرضى في الحرب البرية، أما الاتفاقية الثانية فتقضي بحماية الجرحى والمرضى والجنود الناجين من السفن الغارقة في وقت الحرب، والاتفاقية الثالثة خاصة بمعاملة أسرى الحرب، أما الاتفاقية الرابعة فتقضي بتوفير الحماية للمدنيين بما في ذلك الأراضي المُحتلة.
 

توثيق الجرائم والانتهاكات الصهيونية مهم جدا لمحاكمة الإحتلال في المستقبل، لذلك يجب تحضير أرشيف إلكتروني قانوني بالجرائم التي تمّت منذ 1948 وحتى اليوم

إن الكيان الصهيوني حطّم كل الأرقام القياسية في انتهاك كل القرارات الأممية، فلا يوجد قرار أممي لم تنتهكه إسرائيل من القتل العمد، الإبادة، الاسترقاق، النقل القسري للسكان، السجن، التعذيب، الفصل العنصري، الإخفاء القسري والإجهازعلى الجرحى مباشرة أو بمنع وصول سيارات الإسعاف والأطقم الطبية واستهدافها، والشواهد كثيرة، حيث يعاني الأسرى نساء وأطفالا، مثل "عهد التميمي"، في سجون الاحتلال الإسرائيلي تعذيبا جسديا ونفسيا دون توجيه أيّ تهمة محددة ومنع العلاج عنهم، والحالة التي وصلت إليها الأسيرة الجريحة "إسراء الحعابيص" شاهدة على اللاإنسانية لهذا الكيان الذي يدعي السلام، أضف إلى ذلك ما تعيشه غزة منذ 11 سنة تحت وطأة الحصار من قصف واستهداف لمباني المدنيين والمستشفيات، وهي جرائم ضدّ الإنسانية من الدرجة الأولى.
 
وللتصدي لهذا الاحتلال الغاشم يجب بناء إستراتيجية على المدى المتوسط و الطويل ويكون ذلك بـ :
– بناء مؤسسات قانونية وحقوقية متخصصة، أي يجب أن تكون هناك مؤسسات تعنى بالشأن القانوني وتطارد الاحتلال في المحافل الدولية والقانونية، وأن تكون هناك مؤسسات قانونية متخصصة مثل مؤسسة قانونية خاصة بالطفل الفلسطيني، هناك مؤسسة واحدة تشرف عليها السلطة الفلسطينية، بل يجب أن يكون هناك عشرات المؤسسات لحقوق الطفل الفلسطيني ومن جنسيات متعددة تثبت هذه الانتهاكات وتوثقها.

 
– توثيق الجرائم والانتهاكات الصهيونية، وهو مهم جدا لمحاكمة الاحتلال في المستقبل، لذلك يجب تحضير أرشيف إلكتروني قانوني بالجرائم التي تمّت منذ 1948 وحتى اليوم، وتصنيف هذه الجرائم والذين ارتكبوها بالأسماء -إذا أمكن- أحياء أو أمواتا، والأحياء حتى وإن تجاوزوا التسعين يمكن ملاحقهم قانونيا، فمسيرتهم الجناية قائمة.
   
 undefined
 
– خلق رأي عام قانوني، وهنا نستعرض لماذا صوتت الجمعية العامة رغم الضغوط الأميركية وتهديد ترمب بوقف المساعدات، إذ مع ذلك كان التصويت لصالح القرار، ربما الأمر ليس قويا جدا، ولكن فيه تحد واسترجاع لكرامة المؤسسة الدولية أو الإردة الدولية أو الشرعية الدولية، لأنها مسؤولة أمام شعوبها، ولأن هناك رأيا عاما قانونيا، وهناك رأي عام سيحاسب هذه الحكومات ولا يرضى بأن ترضخ للابتزاز أو التهديد الصهيوني، فخلق رأي عام ضروري جدا لأن العالم يسمع من جهة واحدة وهي الإحتلال الصهيوني، بفضل المؤسسات القانونية المتخصصة التي يمتلكها، والتي تعمل على تزوير الحقائق و القانون، إضافة إلى مكينة إعلامية ضخمة وجيوش جرارة من المحامين كلها تعمل في كل دولة على تشويه الحقائق ووسم المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، لذلك خلق رأي عام قانوني مهم جدا، ويجب أن تكون ثمة مؤسسات قانونية متخصصة بالأسرى، بالجرائم، بالنساء وبالأطفال، جميعها يجب أن تخصص بالمحاكمات، كما يجب أن تكون علاقات مع البرلمانات ومع مؤسسات الرأي العام العالمية لأن الرأي العام مهم جدا في التأثير.
 
والمعرفة القانونية واجبة، أقلها هو استنزاف الإمكانيات وقُدرات الكيان الصهيوني ماديا لأنه سيكون عنده عمل مضاد للتصدي من الناحية القانونية، مجرد استنزاف الكيان الصهيوني بمئات المليارات من الدولارات هو مكسب، هذا من جانب الكيان الصهيوني، ثانيا كشف الصورة الحقيقية لهذا الكيان الصهيوني، وفضح جرائمه أمام العالم وأمام القانونيين.
 
ويكون العمل على ثلاثة محاور رئيسية: أولها المحور الدبلوماسي المتمثل في السلطة الفلسطينية، فلا يوجد ما يمنع أن تذهب للمحكمة الجنائية الدولية وتخوض هذه المعركة ولا ترضخ للابتازز السياسي، ولا تعول على أي مسار سياسي آخر، والذهاب بالأمور الحقوقية والقانونية إلى المحكمة الجنائية الدولية وملاحقة مجرمي الحرب عن الجرائم التي يرتكبونها، أما المحور الثاني فيتمثل في المحور الشعبي العربي والعالمي، وثالث المحاور هو المحور المدني بالتوعية القانونية عبر المنظمات الحقوقية الرسمية وغير الرسمية والبرلمانات ومنظمات المجتمع المدني.
 
مقاضاة إسرائيل ليست بالمستحيل رغم وقوف أميركا كحاضنة لها والتي تُشهِر حق الفيتو لحمايتها في كل مناسبة، فمقارعة كل انتهاكاتها ينُهكها اقتصاديا ويكشف وجهها القبيح الذي طالما حاولت إخفاءه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.