شعار قسم مدونات

نحو حركة طلابيّة فاعلة

blogs الحركة الطلابية بجامعة بيرزيت

لا شكّ أنّ الحركة الطّلابيّة في الجامعات الفلسطينيّة تشكّل مصدر قلق كَبير لدولة الاحتلال، لا سيّما الحركة الطلابيّة في جامعة بيرزيت، التي تتصدر المَشهد وبقوّة، فالاحتلال ما زالَ يذكر يحيى عيّاش، وساجي درويش، ويعرف جيّدًا مروان البرغوثي، والقيق، والقيادات السّياسيّة والوطنيّة التي خرجت من رحم هذه الجامعة، لهذا اعتُقل مؤخرًا الأخ والصّديق منسق حركة الشّبيبّة يوسف الشايب، وكوادر من الأطر الطلابيّة كافّة، كانَ آخرهم رئيس المجلس عمر الكسواني الذي اعتقلته قوّات المُستعربين بطريقة استعراضيّة بحتة.

 

هذه الطّريقة التي عزاها جدعون ليفي الصّحفي اليساري الإسرائيلي في مقاله بهآرتس أمس إلى حالة الملل الذي تصيب المُحتل، ملل حتّى الموت على حدّ تعبيره، لكنّني أراها تحمل مدلولات عِدة، كمحاولة إضعاف وإرهاب وتشتيت الحركة الطلابيّة، وإخراجها عن مسارها الوَطني إلى دائِرة المناكفات الحزبيّة، والاتّهامات المتبادلة، طلاب بيرزيت أدركوا هذا جيّدًا، فالاختلافات الحزبيّة، والتّنافس على العمل النّقابي ما كانَ ليحرف البوصَلة عن الوَطن، فالكُل الفلسطيني وقف السّبت الماضي تنديدًا باعتقال عمر، واليوم اختُتمت المواجهات أو توّجت بإصابة الطالب براء أبو كافية أحد كوادر الشّبيبة بمطاط معدني في الرّأس على مدخل البيرة الشّمالي، مدخل بيتين العربيّة، هذه الصّورة المشرفة التي ترسمها بيرزيت سَتكون نواة لقيادة جديدة موحّدة وهذا ما يخشاه الاحتلال الآن.

لا يُمكن لأحد المزاودة على الحركة الطلابيّة في الجامعات الفلسطينيّة، فجامعة القدس التي أنتمي لها كانت مفجرة الانتفاضة الأخيرة، فوقفنا جميعًا في تأبين ضياء، ومهنّد، وحسن، وإياد، واستنشقنا الغاز أكثر مِن هواء القدس الذي يصرّ على اختراق الجِدار، وكذلك خضوري، والخليل، والنّجاح، الحركة الطلابيّة هي المستقبل الثوري والسّياسي الذي يُراهن عليه في الفترة القادمة، ومن المهم أن تعمّم التّجارب، وتوحّد الجهود الوطنيّة التي لا يختلف عليها أحد، ويجب أن تنحى الحِزبيّة في بعض المواقف جانبًا، لأنّنا مقبلون على محاولة إسرائيليّة أمريكيّة لإنهاء الصّراع الفلسطيني وفق رؤية الحل الإقليمي.

أعتقد أنّ الحركة الطّلابيّة في الجامعات الفلسطينية ستكون وجهًا لوجه أمامَ كل الانتهاكات التي تحدث، فعلى كاهلها الآن مسؤوليّات جسام، ومسيرةٌ ستعيد ترتيب أوراق التاريخ

السّيد الرئيس، وحركة فتح، والفصائِل الفلسطينيّة أمام تحدٍ مصيريّ، فترمب سينقل السّفارة في الذّكرى ال 70 للنّكبة، وعلى حدّ قوله فإنّه نجح في إزالة القُدس عن الطاولة، وإسرائيل ما زالت تكمل الطّوق الاستيطاني حول القُدس، فتزيد مساحة المستوطنات في الضّفة، وتفاقم مشكلة غزّة كي يكون ضمّها إلى مصر انفراجة وحيدة، إسرائيل استطاعت إدارة الصّراع فترة طويلة من الزّمن، وانتظرت الظّروف الدّوليّة والعربيّة المواتية، واستغلت الوَقت جيّدًا لتثبيت ما تشاء على الأرض، أمامنا الآن منعطف خطير جدًا في تاريخ القضيّة الفلسطينيّة.

قبل أسبوع تحديدًا كنت في ندوة لمركز مسارات جمعت هاني المصري مدير المركز، ولارف طراف ممثل الاتّحاد الأوروبي للحديث عن الخيارات الفلسطينيّة المطروحة في ظلّ الوضع الرّاهن، وقد بيّن لارف أنّ ترمب يسير بخطّة أحاديّة بعيدًا عن المجتمع الدّولي، هو لم يعرض شيء بشكل كامل ومباشر للآن على الأطراف الدّوليّة، وإسرائيل لا تقبل بالاتّحاد الأوروبي كراعٍ للمفاوضات، وتحدّث عن الانقسام الفلسطيني، واستغرب من لفظ المُصالحة، وقال إنّ هذا يمكن أن يناسب خلافًا بين جيران في شقّة على موضوع ما، لكنّ المطلوب إعادة بناء المَساحة السّياسيّة الفلسطينيّة.

 

وفي ذات السّياق أوردت المصادر الصّحفيّة رد السّيد الرئيس على عمر شحادة ممثل الجبهة الشّعبية في اجتماع المجلس المركزي: " يجب أن تعرف أنّني لا أستطيع أن أخوض معركتين في وقت واحد؛ لأنّهم سيكسرون عظمي، سأخوض المعركة أولًا مع الولايات المُتّحدة "، كل هذا يؤكّد أنّ صفقة القرن تقترب من الحقيقة الواقعيّة على الأرض، ومن المَعلوم أنّ صفقة القرن هي خطّة اللواء ايغورا آيلند مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، والتي طرحت عام 2009 عن مركز بيجن – السّادات، لكنّها الآن تطرح من واشنطن، لا شيء سيقف أمام هذا إلّا وعينا بمتطلبات المَرحلة، ووحدتنا المَبنيّة على أسس وطنيّة. أعتقد أنّ الحركة الطّلابيّة ستكون وجهًا لوجه أمامَ كل هذا، فعلى كاهلها الآن مسؤوليّات جسام، ومسيرةٌ ستعيد ترتيب أوراق التاريخ.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.