شعار قسم مدونات

مَنْ لَيْسَ مُبْتَئِسًا مِنْ أُمَّةِ العَرَبِ؟!

blogs البؤس
طَرِبْتُ بِالآهَةِ السَّكْرَى فَوَاعَجَبِي
هَلْ يَنْبُتُ الحُزْنُ بَيْنَ الشَّدْوِ وَالطَّرَبِ؟!!

أَمُدُّ عُمْرَ المُنَى جِسْرًا لأَعْبُرَهُ
وَأَنْتَهِي قَبْلَ أَنْ أَسْعَى إِلى طَلَبِي

فَلَسْتُ أَدْرِي هِيَ الأَحْشاءُ قَدْ تَعِبَتْ
أَمْ قَدْ تَعِبْتُ أَنا حَتَّى مِنَ التَّعَبِ؟!

أَمْشِي وَأَجْهَلُ أَنَّ الدَّرْبَ يُوْصِلُنِي
وَلَسْتُ أَجْهَلُ أَنَّ المَوْتَ فِي أَرَبِي

وَهارِبٌ أَنا مِنِّي حِيْنَ أَعْرِفُنِي
بِغَيْرِ جَدْوَى، أَمِنِّي يَنْبَغِي هَرَبِي؟!

وَيَسْخَرُ القَدَرُ المَكْتُوبُ مِنْ ثِقَتِي
وَإِنَّما ماؤه يَسْقِي ويشربُ بِي

أَكانَ صَفْحًا إِذًا أَلاّ يُعَذِّبَنِي
أَمْ كانَ يَحْلُو لَهُ قَتْلِي بِلا سَبَبِ؟!

سِجْنٌ، وَغُرْبَةُ أَحْلامٍ، وَمَقْبَرَةٌ
وَعِيشَةٌ صِدْقُها أَدْنَى إِلى الكَذِبِ

وَأُمَّةٌ نَسِيَ التّارِيخُ مَوْقِعَها
حَتّى إِذا عَمِيَتْ سارَتْ وَلَمْ تَؤُبِ

أَهكَذا الحُرُّ يُجْزَى العَيْشَ فِي وَطَنِي
وَبَعْدَها يُنْكِرُونَ الشِّعْرَ عَنْ غَضَبِي

خَطِيْئَتِي أَنَّ أَشْعارِي تُحارِبُنِي
وَأَنَّ مِحْبَرَتِي بَحْرٌ مِنَ اللّهَبِ

وَأَنّ مَجْرَى عُروقِي السُّمُّ يَمْلَؤُها
وَلا تَمُرُّ بِغَيْرِ النّازِفِ السَّرِبِ

وَأَنَّ تَحْتَ حُرُوفي النّارَ مُوقَدَةٌ
وَالمَوْتُ يَقْبَعُ كَالمَجْنُونِ في أَدَبِي

ما ضِقْتُ بِاللَّوْعَةِ الحَرَّى لأَنْفُثَها
وَفي بِلادِيَ هَذا الحُزْنُ لَمْ يَشِبِ

فَمَنْ يُعاتِبُنِي وَالبُؤْسُ يَجْمَعُنا
مَنْ لَيْسَ مُبْتَئِسًا مِنْ أُمَّةِ العَرَبِ؟!!!

إِذَا تَنَهَّدْتَ دَعْنَا فِي تَنَهُّدِنا
وَإِنْ بَكَيْتَ فَقُلْ لِلْمُقْلَةِ انْسَكِبِي

حَمَلْتُ غُصَّةَ عُمْرِي وَهْي يافِعَةٌ
وَذُقْتُ لَوْعَةَ حُزْنِي وَالفُؤادُ صَبِي

ضَيَّعْتُ كُلَّ جِهاتِي قَبْلَ أَعْرِفُها
وَتُهْتُ فَوْقَ صَحارَى الهَمِّ وَالوَصَبِ

فَخَبِّرِيْنِي مَتَى أَرْتاحُ؟! إِنَّ دَمِي
قَدْ جَفَّ فَوْقَ فُؤادِي المُنْهَكِ التَّعِبِ

لَيْتِي إِذَا سَكِرَ اللاّهُونَ عَنْ تَرَفٍ
سَكِرْتُ حَتَّى أَلِفْتُ العَيْشَ في رَهَبِ

أَبِالتَّرَدُّدِ أَقْضِي العُمْرَ مُنْتَهَبًا
وَفِي الشُّكُوكِ أَزُجُّ الفِكْرَ لِلنَّهَبِ؟!

مَنْ قالَ إِنَّ يَقِينًا قَدْ يُخالِجُني
وَالكَوْنُ يَغْرَقُ فِي التَّشْكِيكِ وَالرِّيَبِ

كَفَرْتُ بِالظُّلْمِ وَالجَلاّدُ يُرْهِبُنا
وَيَحْكُمُ الشَّعْبَ بِالبُسْطارِ وَالرُّتَبِ

وَبِالجُموعِ الّتي اعْتادَتْ تَمَلُّقَها
(مَسِّيْحَةِ الجُوخِ أَوْ هَزِّيْزَةِ الذَّنَبِ)

وَبِالتَّرَوِّي الّذي صاحَتْ حَناجِرُهُ:
يا شاعِرَ الزَّحْفِ حتّى الآنَ لَمْ تَتُبِ

وَبِالكِلابِ الّتي فِي جِسْمِنا نَهَشَتْ
حَتّى أُصِيبَ جَمِيعُ الشَّعْبِ بِالكَلَبِ

وَبِالكَراسِي الّتي مِنْ يَوْمِ أَنْ غُرِسَتْ
فِي جِلْدِنا، وَهْيَ مِسْمارٌ عَلَى خَشَبِ

وَبِالسُّجُونِ الّتي تُبْنَى لِتَعْلِفَنا
فِيها قَطِيعًا مِنَ الخِرْفانِ بِالعُشُبِ

إِنّا نَعُدُّ هُنا أَلْقابَنا رَقَمًا
فَنَحْنُ أَحْقَرُ مِنْ رَقْمٍ عَلى لَقَبِ

فَقُلْ لَهُمْ أَيُّها المَسْكُونُ فِي عُنُقِي
لَسْنا نَذِلُّ وَإِنْ نُرْفَعْ عَلَى الصُّلُبِ

لَنا صَباحٌ إِذا اخْتالُوا بِظُلْمَتِهِمْ
فَقَدْ لَمَسْنا ضِياءَ الصُّبْحِ عَنْ كَثَبِ

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.